جهود ترامب الدبلوماسية في الشرق الأوسط ودور شرم الشيخ التاريخي في اتفاقيات السلام
خلال فترة رئاسته، اتبع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سياسة خارجية نشطة في الشرق الأوسط، تميزت بمقاربات غير تقليدية تهدف إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية. وعلى الرغم من أن فكرة حضوره لتوقيع اتفاق محدد في شرم الشيخ بين مصر وإسرائيل بشأن غزة لم تتحقق بالشكل المذكور، فإن فهم دبلوماسيته يتطلب النظر إلى إنجازاته الرئيسية، وفي مقدمتها "اتفاقيات أبراهام"، مع وضعها في سياق الدور التاريخي الذي لعبته مدن مثل شرم الشيخ في مساعي السلام السابقة.

خلفية عن دبلوماسية ترامب في المنطقة
منذ بداية ولايته، أظهرت إدارة ترامب اهتمامًا كبيرًا بالملف الإسرائيلي الفلسطيني وسعت إلى تحقيق ما وصفته بـ "صفقة القرن". كانت أولى رحلاته الخارجية كرئيس في مايو 2017، وشملت المملكة العربية السعودية وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، في محاولة لحشد الدعم العربي لمبادراته. تميزت سياسته بالخروج عن المسارات الدبلوماسية التقليدية، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وهي خطوات أثارت جدلاً واسعاً لكنها كانت جزءًا من استراتيجيته الأوسع لإعادة ضبط الديناميكيات الإقليمية.
اتفاقيات أبراهام: إنجاز دبلوماسي بارز
يُعد الإنجاز الأبرز لدبلوماسية ترامب في الشرق الأوسط هو التوصل إلى اتفاقيات أبراهام في عام 2020. هذه الاتفاقيات لم تكن معاهدة سلام واحدة، بل سلسلة من اتفاقيات التطبيع التي غيرت المشهد السياسي في المنطقة. بدأت هذه العملية بتطبيع العلاقات بين إسرائيل وكل من:
- الإمارات العربية المتحدة
- البحرين
- السودان
- المغرب
كانت هذه الاتفاقيات تاريخية لأنها تجاوزت المبدأ الذي ساد لعقود، والذي كان يشترط حل القضية الفلسطينية أولاً قبل تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل. وبدلاً من ذلك، ركزت على المصالح الاقتصادية والأمنية المشتركة، خاصة في مواجهة النفوذ الإيراني، مما خلق محورًا جديدًا للتعاون في المنطقة. تم توقيع الاتفاقيات الرئيسية في البيت الأبيض، وليس في الشرق الأوسط، مما عكس الدور المركزي الذي لعبته واشنطن في رعايتها.
شرم الشيخ كمركز تاريخي للمفاوضات
على الرغم من عدم ارتباطها المباشر بإدارة ترامب، فإن مدينة شرم الشيخ المصرية تحمل رمزية تاريخية كبيرة كمسرح للعديد من المفاوضات ومؤتمرات السلام الحاسمة. لقد كانت المدينة وجهة للدبلوماسيين وقادة العالم الساعين لإنهاء الصراعات في المنطقة. من أبرز المحطات التاريخية التي استضافتها شرم الشيخ:
- مذكرة شرم الشيخ (1999): اتفاق تم توقيعه بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، بهدف تنفيذ الالتزامات العالقة في اتفاق واي ريفر.
- قمة شرم الشيخ (2005): جمعت قادة مصر وإسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية، وأسفرت عن إعلان مشترك بوقف العنف، مما ساهم في إنهاء الانتفاضة الثانية.
لطالما لعبت مصر، من خلال استضافتها لهذه القمم، دور الوسيط المحوري، خاصة في النزاعات المتعلقة بقطاع غزة. هذا الدور التاريخي لمصر ورمزية شرم الشيخ يوضحان سبب استمرار طرح اسمها في سياق أي مبادرات سلام مستقبلية في الشرق الأوسط.
الأهمية والسياق
تكمن أهمية فهم هذه الأحداث في التمييز بين النهج الدبلوماسي لإدارة ترامب، الذي ركز على التطبيع الثنائي بوساطة أمريكية مباشرة، وبين المسار التقليدي لعملية السلام الذي اعتمد على المفاوضات متعددة الأطراف والوساطة الإقليمية، التي كانت مصر وشرم الشيخ جزءاً أساسياً منها. وفي حين أن اتفاقيات أبراهام حققت اختراقاً في العلاقات الإسرائيلية العربية، إلا أنها لم تعالج جوهر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي لا يزال يعتمد على جهود وساطة إقليمية ودولية غالبًا ما تكون مصر طرفًا رئيسيًا فيها.




