جيش الاحتلال الإسرائيلي يأمر بسحب السيارات الصينية من ضباطه تخوفاً من الاختراق الأمني
أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي توجيهات رسمية تقضي بسحب المركبات الصينية الصنع من الضباط العاملين لديه، وذلك في خطوة احترازية تهدف إلى حماية المعلومات الحساسة ومنع أي محاولات اختراق أو تجسس محتملة. يأتي هذا القرار، الذي كشفت عنه تقارير إعلامية إسرائيلية في وقت سابق من هذا العام، بناءً على تقييمات أمنية معمقة أجرتها الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية، والتي أشارت إلى مخاطر حقيقية تتعلق بأنظمة الاتصال والبرمجيات المدمجة في هذه المركبات.

خلفية القلق الأمني من المركبات المتصلة
يتزايد القلق العالمي حول أمن البيانات في عصر المركبات المتصلة بالإنترنت، والتي أصبحت مجهزة بتقنيات متقدمة لجمع ومعالجة كم هائل من المعلومات. هذه المركبات، بما في ذلك أنظمة الملاحة، والترفيه، ومساعدات القيادة، ومستشعراتها المتعددة، قادرة على تتبع مواقع السائقين، وتسجيل عادات القيادة، وفي بعض الحالات، حتى تسجيل المحادثات داخل المقصورة. بالنسبة للأفراد العسكريين، وخاصة الضباط الذين قد يتعاملون مع معلومات سرية أو يتنقلون في مواقع حساسة، فإن هذه القدرة على جمع البيانات تمثل تهديدًا أمنيًا خطيرًا.
- تزايد الاعتماد على التكنولوجيا: أدى التقدم السريع في صناعة السيارات إلى دمج المزيد من التقنيات الذكية والمتصلة.
 - مخاطر جمع البيانات: يمكن للمركبات الحديثة جمع بيانات الموقع، وأنماط القيادة، ومعلومات الركاب، وحتى البيانات الصوتية.
 - القلق من الشركات الأجنبية: تتصاعد الشكوك في العديد من الدول بشأن إمكانية استغلال الشركات التكنولوجية التابعة لدول معينة، لاسيما الصين، في عمليات تجسس حكومية أو الوصول غير المصرح به إلى البيانات الحساسة.
 
قرار السحب ودواعيه
استند قرار جيش الاحتلال إلى تقييم شامل أجرته الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، والذي خلص إلى أن بعض السيارات الصينية، وخاصة تلك التي تحتوي على أنظمة معلومات وترفيه متطورة ومتصلة بالإنترنت، يمكن أن تكون نقاط ضعف محتملة. التخوف الرئيسي هو أن تُستخدم هذه الأنظمة كوسيلة لجمع المعلومات الاستخباراتية، إما عن طريق تسريب بيانات الموقع، أو تسجيل الصوت، أو حتى الوصول إلى الأجهزة المتصلة داخل السيارة. وقد أشارت صحيفة إسرائيل هيوم، التي كانت من أوائل من كشف عن هذه التوجيهات، إلى أن المخاوف تتركز على احتمال تعرض هذه الأنظمة للاختراق من قبل أطراف معادية أو استخدامها في عمليات تجسس إلكتروني.
تولى رئيس الأركان إيال زامير شخصياً مسؤولية إصدار الأوامر المتعلقة بهذا الإجراء، مما يؤكد مدى الجدية التي يتعامل بها جيش الاحتلال مع هذه القضية الأمنية. ويهدف القرار إلى ضمان أن لا تصبح المركبات الخاصة بالضباط، سواء كانت مملوكة لهم شخصياً أو مستأجرة، قناة محتملة للتجسس على المعلومات العسكرية أو الشخصية الحساسة.
التطبيق والجدول الزمني
يتوقع أن يشمل قرار سحب السيارات الصينية جميع الضباط العاملين في جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقد تم تحديد نهاية الربع الأول من عام 2026 كموعد نهائي لإتمام عملية السحب واستبدال هذه المركبات بأخرى لا تثير نفس المخاوف الأمنية. يشير هذا الجدول الزمني إلى أن العملية ستتم بشكل منظم، مع الأخذ في الاعتبار الجوانب اللوجستية والمالية المترتبة على استبدال أعداد كبيرة من المركبات. لم يتم الكشف عن تفاصيل حول البدائل المقترحة أو المساعدات التي قد يقدمها الجيش للضباط المتأثرين بهذا القرار.
الأهمية والتداعيات
يحمل هذا القرار أهمية بالغة على عدة مستويات:
- الأمن القومي: يعكس القرار حرص جيش الاحتلال على تعزيز أمنه القومي في مواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة، ويؤكد على أن أي جهاز متصل، حتى المركبات، يمكن أن يشكل نقطة ضعف إذا لم يُتعامل معه بحذر.
 - حماية خصوصية الأفراد: يسلط الضوء على ضرورة حماية البيانات الشخصية والعسكرية للضباط، والتي قد تكون عرضة للاختراق عبر المركبات.
 - العلاقات الدولية: قد يكون للقرار تداعيات على العلاقات بين إسرائيل والصين، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية الأوسع والقلق الدولي المتزايد بشأن النفوذ التكنولوجي الصيني.
 - سابقة للآخرين: يمكن أن يشكل هذا الإجراء سابقة لدول أخرى تواجه تحديات مماثلة في موازنة الفوائد الاقتصادية للتكنولوجيا الأجنبية مع المخاطر الأمنية المحتملة، لا سيما فيما يتعلق بالجيوش والأجهزة الأمنية.
 
يؤكد هذا التطور على الطبيعة المتغيرة للتهديدات الأمنية في العصر الرقمي، حيث تتجاوز ساحة المعركة التقليدية لتشمل البنية التحتية المدنية والتقنيات اليومية، مثل السيارات المتصلة. وبينما تسعى الدول للاستفادة من الابتكارات التكنولوجية، فإنها في الوقت ذاته تواجه تحدي ضمان عدم تحول هذه الابتكارات إلى أدوات في أيدي الخصوم.





