حصري | قرار الكاف المثير للجدل يعيد خلط أوراق تصفيات كأس العالم
كشف مصدر مسؤول رفيع المستوى داخل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) عن قرار مفاجئ وغير متوقع، اتُخذ في وقت سابق من شهر مارس الماضي، ويحمل في طياته تعديلات جوهرية على آليات وشروط التأهل لبطولة كأس العالم لكرة القدم. وقد أُرسل هذا القرار إلى جميع الاتحادات الوطنية الأعضاء في الكاف، مسبباً حالة من الارتباك والقلق بشأن مسار التصفيات القارية المؤهلة للمونديال العالمي المرتقب.

القرار، الذي وصفته الأوساط الكروية بالصادم، يهدد بإعادة تشكيل المشهد التنافسي تماماً، ووضع فرق كانت قد أقامت حساباتها واستراتيجياتها بناءً على لوائح سابقة، في موقف حرج يستدعي إعادة تقييم شاملة. تأتي هذه التطورات في مرحلة حساسة من التصفيات، حيث تتجه المنتخبات نحو المراحل الحاسمة، وتزداد معها آمال الجماهير وطموحات اللاعبين.
خلفية الوضع الراهن لتصفيات المونديال الإفريقية
لطالما كانت تصفيات كأس العالم في القارة الأفريقية محط أنظار واهتمام بالغ، نظراً للمنافسة الشديدة والشغف الجماهيري الكبير الذي يرافقها. يتبع الكاف عادةً نظاماً محدداً ومعلناً مسبقاً للتصفيات، يتضمن غالباً مرحلة مجموعات تليها مباريات إقصائية (بلاي أوف) لتحديد المتأهلين الخمسة (أو أكثر، حسب حصة أفريقيا في المونديال الجديد) إلى كأس العالم. تعتمد المنتخبات الوطنية، بمجرد إعلان اللوائح، على هذه المعايير لوضع خططها الفنية والإدارية، وتخصيص الموارد المالية والبشرية اللازمة لخوض غمار هذه المنافسة الطويلة والشاقة.
في السنوات الأخيرة، شهدت كرة القدم الأفريقية تطوراً ملحوظاً، وزاد عدد المنتخبات القادرة على المنافسة بقوة. هذا الواقع جعل من أي تغيير مفاجئ في القوانين أمراً بالغ الخطورة، لأنه قد ينسف جهود سنوات لبعض المنتخبات، ويُحدث بلبلة غير مرغوبة في وقت تتطلب فيه الاستقرار والوضوح. وقد سارت التصفيات الحالية وفق مسار محدد، وكانت العديد من المنتخبات قد بدأت تحصد ثمار جهودها وتضع قدمها على أعتاب المراحل النهائية، قبل أن يباغت هذا القرار الجديد الجميع.
تفاصيل القرار المثير للجدل وتأثيره المحتمل
وفقاً للمصدر، يتمحور القرار الجديد حول تغيير في آلية تصنيف المنتخبات وتحديد القرعة النهائية لمرحلة البلاي أوف الحاسمة. فبدلاً من الاعتماد على التصنيف الدولي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الصادر في فترة سابقة ومحددة ومعروفة للجميع، أقر الكاف اعتماد تصنيف جديد سيصدر في تاريخ أقرب بكثير لموعد إجراء القرعة النهائية لمباريات البلاي أوف. هذا التغيير يعني أن أداء المنتخبات في المباريات القليلة المتبقية قبل القرعة، بالإضافة إلى المباريات الودية أو الرسمية التي قد تلعب خلال هذه الفترة، سيؤثر بشكل مباشر وحاسم على تصنيفها النهائي وبالتالي على موقعها في القرعة وما إذا كانت ستُصنف ضمن المستوى الأول (رؤوس المجموعات) أم لا.
يبرر الكاف هذا التعديل بضرورة مواكبة التطورات المستمرة في أداء المنتخبات وضمان أن يكون التصنيف عاكساً لأحدث مستويات الفرق. ومع ذلك، يرى العديد من المراقبين والمسؤولين في الاتحادات الوطنية أن هذا التغيير يأتي في توقيت غير مناسب، وقد يمنح أفضلية لفرق معينة على حساب أخرى، أو على الأقل يفرض عليها تحديات جديدة لم تكن في الحسبان. بعض التكهنات تشير إلى أن هذا القرار قد يكون محاولة لإعادة توزيع الأوراق بطريقة تخدم مصالح أطراف معينة، أو على الأقل يزيد من الإثارة والغموض حول هوية المتأهلين، لكن ذلك لا يزال في إطار التكهنات غير المؤكدة.
ردود الفعل والتداعيات المتوقعة
أثار القرار موجة واسعة من ردود الفعل المتباينة، لكن أغلبها يميل إلى الاستنكار والرفض، خاصة من قبل الاتحادات التي ترى في هذا التغيير إجحافاً بحقها. من المتوقع أن تشمل التداعيات ما يلي:
- احتجاجات رسمية: بدأت بعض الاتحادات الوطنية بالفعل في إعداد مذكرات احتجاج رسمية إلى الكاف للمطالبة بإلغاء القرار أو على الأقل مراجعته وتوضيح حيثياته.
- تأثير نفسي ومعنوي: قد يؤثر القرار سلباً على الروح المعنوية للاعبين والأجهزة الفنية الذين كانوا يعملون بجد لتحقيق أهداف معينة بناءً على قواعد سابقة.
- إعادة تقييم الاستراتيجيات: ستضطر المنتخبات لإعادة النظر في خططها للمباريات المتبقية، وربما التركيز بشكل أكبر على رفع تصنيفها في الفيفا بأي ثمن، مما قد يؤثر على اختيارات المباريات الودية أو حتى الأداء في المباريات الرسمية.
- تأجيج الجدل حول نزاهة التصفيات: يخشى البعض من أن يؤدي هذا القرار إلى تشويه سمعة التصفيات الأفريقية وإثارة الشكوك حول نزاهتها، خاصة إذا ما بدا أن هناك مستفيدين واضحين من هذا التغيير.
- تحديات لوجستية: قد تترتب على هذا التغيير بعض التحديات اللوجستية، خاصة فيما يتعلق بالتخطيط للمباريات وترتيبات السفر والإقامة في ظل عدم اليقين.
ماذا بعد؟ آفاق وتحديات
في ظل حالة عدم اليقين السائدة، تنتظر الاتحادات الوطنية بشغف توضيحات إضافية من الكاف حول حيثيات القرار وتداعياته الكاملة. من المتوقع أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة اجتماعات مكثفة بين مسؤولي الكاف والاتحادات الأعضاء لمناقشة هذا الملف الشائك. قد يتطلب الأمر تدخلاً من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لضمان الشفافية والعدالة في عملية التأهل، خاصة وأن الأمر يتعلق ببطولته الأهم.
يبقى التحدي الأكبر للكاف هو كيفية إدارة هذه الأزمة بطريقة تحافظ على مصداقية المسابقة وتضمن تكافؤ الفرص لجميع المنتخبات، دون أن يؤثر ذلك سلباً على سمعة كرة القدم الأفريقية على الساحة الدولية. مصير العديد من المنتخبات بات معلقاً على هذا القرار، ومعه آمال ملايين الجماهير التي تتطلع لرؤية منتخباتها في كأس العالم.





