حقن الشعر الرمادي: موضة جديدة لمكافحة الشيب تثير جدلاً واسعاً حول فعاليتها ومأمونيتها
شهدت الآونة الأخيرة انتشاراً واسعاً لظاهرة تُعرف بـ«حقن الشعر الرمادي»، وهي موضة تستهدف الأشخاص الراغبين في استعادة اللون الطبيعي لشعرهم والتخلص من علامات الشيخوخة المبكرة. ورغم الجاذبية التي يمثلها هذا الحل السريع، فقد أثارت هذه الحقن جدلاً كبيراً في الأوساط الطبية والعلمية، خصوصاً في دول مثل الصين، حيث انتشرت بشكل لافت مدعومة بحملات ترويجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن قبل بعض المشاهير.

تكمن الفكرة وراء هذه الحقن في زعم قدرتها على تحفيز بصيلات الشعر لإنتاج صبغة الميلانين مرة أخرى، وبالتالي إعادة الشعر الرمادي أو الأبيض إلى لونه الأصلي. وتتضمن الإجراءات المروجة لها حقن مواد مختلفة، يُقال إنها تحتوي على فيتامينات، معادن، مواد محفزة لنمو الشعر، أو حتى سلائف الميلانين مباشرة في فروة الرأس. ومع ذلك، فإن الطبيعة الدقيقة للمواد المستخدمة غالبًا ما تكون غير واضحة للعامة، مما يزيد من الشكوك حول سلامتها وفعاليتها.
جدل واسع ومخاوف طبية
يُعد المحور الأساسي للجدل الدائر حول حقن الشعر الرمادي هو الغياب التام للدراسات العلمية الموثوقة والأبحاث السريرية التي تثبت فعاليتها ومأمونيتها على المدى الطويل. فبينما يروّج لها البعض كحل سحري، يحذر أطباء الجلد وأخصائيو الشعر من مخاطرها المحتملة، والتي قد تتجاوز مجرد عدم الفعالية:
- غياب الأدلة السريرية: لا توجد حتى الآن دراسات مستقلة ومراجعة من الأقران تؤكد قدرة هذه الحقن على عكس الشيب بشكل دائم وآمن.
- المخاطر الصحية: يمكن أن تؤدي الحقن في فروة الرأس إلى مضاعفات خطيرة مثل العدوى البكتيرية أو الفطرية، الالتهابات، التفاعلات التحسسية للمواد المحقونة، تلف بصيلات الشعر، أو حتى الندوب الدائمة.
- ادعاءات مبالغ فيها: تعتمد هذه الموضة بشكل كبير على الشهادات الفردية والتسويق غير العلمي، مما يضلل المستهلكين ويخلق توقعات غير واقعية.
- التكلفة المرتفعة: غالبًا ما تكون هذه العلاجات باهظة الثمن، مما يضع عبئًا ماليًا على الأفراد دون ضمان أي نتائج ملموسة أو آمنة.
خلفية الظاهرة وانتشارها
برزت موضة حقن الشعر الرمادي بشكل لافت في أسواق الجمال الآسيوية، وخاصة في الصين، حيث تُولي الثقافة أهمية كبيرة للمظهر الشبابي وتُعد علامات الشيخوخة مصدر قلق للكثيرين. وقد ساهمت منصات التواصل الاجتماعي مثل Douyin (النسخة الصينية من TikTok) في انتشار هذه الموضة بشكل فيروسي، حيث يشارك المؤثرون والمشاهير تجاربهم الشخصية، وإن كانت غير مدعومة علميًا.
أحد الأمثلة البارزة على ذلك، ما أعلنته الممثلة الصينية جو تونج في يونيو الماضي، عن بدء خضوعها للعلاج بحقن الشعر الرمادي على أمل استعادة لون شعرها الطبيعي، مما أشعل نقاشًا واسعًا حول الموضوع وزاد من فضول الجمهور حول هذه التقنية. هذه الحالات تسلط الضوء على مدى تأثير الشخصيات العامة في ترويج علاجات تجميلية غير مثبتة علميًا.
رأي الخبراء والمؤسسات الصحية
ينصح كبار أطباء الجلد وأخصائيو التجميل بشدة بتوخي الحذر من هذه العلاجات. فالعلم يقر بأن الشيب هو عملية طبيعية لا مفر منها تحدث مع التقدم في العمر، نتيجة لتوقف الخلايا الصباغية في بصيلات الشعر عن إنتاج الميلانين. حتى الآن، لا يوجد علاج علمي معترف به يمكنه عكس هذه العملية بشكل دائم.
يشدد الخبراء على أهمية استشارة الأطباء المؤهلين عند التفكير في أي إجراء تجميلي أو علاجي، وضرورة الاعتماد على الأبحاث والدراسات العلمية المثبتة لضمان السلامة والفعالية. ويُحذرون من الوقوع فريسة للادعاءات التسويقية التي تفتقر إلى الدعم العلمي.
أهمية التوعية
تمثل ظاهرة حقن الشعر الرمادي مثالاً صارخًا على التحدي المستمر بين الرغبة البشرية في الجمال والشباب، والحاجة إلى التمسك بالمبادئ العلمية والممارسات الطبية الآمنة. إن التوعية بمخاطر العلاجات غير المثبتة علميًا أصبحت ضرورية في عصر تزداد فيه سرعة انتشار المعلومات، الصحيحة والمضللة على حد سواء، عبر المنصات الرقمية. لذا، يظل التثقيف الصحي والاعتماد على المصادر الموثوقة هو خط الدفاع الأول لحماية الأفراد من الممارسات الضارة أو غير المجدية.





