حكاية أيقونة «تيفو» الأهلي: رجل مسن يجسّد مقولة «النادي بتاع الغلابة» في نهائي السوبر
شهدت ملاعب كرة القدم العربية في أواخر ديسمبر 2023، وبالتحديد خلال فعاليات نهائي كأس السوبر المصري الذي أقيم في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، بين فريقي الأهلي وفيوتشر، لحظة جماهيرية استثنائية تجاوزت حدود المباراة الرياضية لتصبح حديث الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي. هذه اللحظة تمثلت في «تيفو» مبهر رفعه جمهور النادي الأهلي، حاملاً صورة رجل مسن مصحوبة بعبارة أيقونية، ألهبت المشاعر وأعادت للأذهان جوهر العلاقة بين النادي وجماهيره العريضة.

تفاصيل «التيفو» والرسالة الرمزية
«التيفو» الذي تصدر المشهد كان لوحة فنية عملاقة جمعت بين الرمزية والتعبير العميق. جسّد التصميم صورة واضحة لرجل مسن، ملامحه تعكس خبرة السنين وربما بساطة العيش، مرتدياً الزي التقليدي الذي يميز فئات عريضة من المصريين. وإلى جانب هذه الصورة المؤثرة، كُتبت بخط عريض وواضح العبارة الشهيرة «النادي ده بتاع الغلابة»، أي «هذا النادي للفقراء والبسطاء». لم يكن اختيار صورة الرجل المسن عفوياً؛ فقد جاء ليمثل قاعدة جماهيرية واسعة من مشجعي النادي الأهلي، أولئك الذين يرون في النادي متنفساً ومصدراً للفخر، ورمزاً للهوية الشعبية، بغض النظر عن ظروفهم المادية أو الاجتماعية. هذا التعبير الفني أرسل رسالة واضحة مفادها أن النادي الأهلي يظل وفياً لجذوره الشعبية، وأن جمهوره هو وقوده الحقيقي على مر الأجيال.
خلفية مقولة «النادي بتاع الغلابة»
مقولة «النادي ده بتاع الغلابة» ليست مجرد عبارة طارئة، بل هي متجذرة بعمق في تاريخ ووجدان النادي الأهلي وجماهيره. تعود جذور هذه المقولة إلى الفلسفة التأسيسية للنادي منذ عام 1907، والتي قامت على فكرة أن يكون النادي ممثلاً للمصريين بمختلف طبقاتهم، وملاذاً لهم، في فترة كانت فيها الأندية الأخرى قد تُنظر إليها على أنها ذات طابع نخبوي أو أجنبي. لقد ترسخت هذه الفكرة عبر الأجيال لتصبح جزءاً لا يتجزأ من هوية الأهلي، حيث يرى الملايين من مشجعيه حول العالم أن النادي يمثلهم ويعكس آمالهم وطموحاتهم البسيطة. هذا الارتباط العضوي بين النادي وقاعدته الجماهيرية العريضة، وخاصة الفئات الشعبية، هو ما يمنح المقولة زخمها وقوتها العاطفية، مؤكداً أن الولاء للنادي يتخطى مجرد تشجيع فريق كرة قدم ليصبح جزءاً من النسيج الاجتماعي والثقافي.
الصدى والتفاعل الواسع
فور رفع «التيفو» في ملعب محمد بن زايد في أبو ظبي، انطلق سيل من ردود الأفعال على مختلف منصات التواصل الاجتماعي. أشاد الآلاف من المستخدمين، سواء من مشجعي الأهلي أو حتى بعض المنافسين، بفكرة «التيفو» وعمقه. تداول النشطاء الصورة والعبارة على نطاق واسع، معبرين عن إعجابهم بالبساطة والصدق في التعبير عن انتماء الجماهير. تحول «التيفو» إلى تريند عالمي، وظهر في وسائل إعلام محلية وعربية ودولية، كنموذج رائع للإبداع الجماهيري ووسيلة قوية للتعبير عن الهوية الثقافية الرياضية. لم يقتصر التفاعل على الثناء فحسب، بل أثار نقاشات حول دور كرة القدم كقوة موحدة للمجتمعات، وقدرة الجماهير على تجسيد روح النادي ومبادئه من خلال لوحات فنية مؤثرة. كانت لحظة تذكير بأن كرة القدم أكثر من مجرد لعبة؛ إنها شغف، وهوية، وتاريخ مشترك.
أهمية اللحظة والسياق الرياضي
جاء هذا «التيفو» في سياق مباراة نهائية حاسمة، وهي بطولة كأس السوبر المصري، التي تحمل أهمية كبيرة في الأجندة الكروية المصرية. ورغم أن المباراة لم تكن بين «القطبين» التقليديين في كرة القدم المصرية، إلا أنها كانت فرصة للجماهير لتعرض شغفها ودعمها لناديها. لقد أضاف «التيفو» بعداً عاطفياً وثقافياً فريداً للمواجهة الرياضية، وجعل من تلك الليلة لا تُنسى لجماهير الأهلي. إنه يبرز كيف أن إبداعات الجماهير ليست مجرد مظاهر احتفالية، بل هي جزء لا يتجزأ من التجربة الرياضية، تعكس تاريخ الأندية، ارتباطها بمحيطها الاجتماعي، وقدرتها على إلهام وتوحيد الملايين. بهذا، لم يكن الرجل المسن في «التيفو» مجرد صورة، بل أصبح أيقونة تمثل الملايين من محبي الأهلي، وتؤكد على أن النادي سيظل، في نظرهم، «بتاع الغلابة» إلى الأبد.





