حملة وطنية في الصين لتعزيز السلامة من الحرائق في المباني الشاهقة
أعلنت السلطات الصينية عن إطلاق حملة شاملة على مستوى البلاد تهدف إلى معالجة وتصحيح مخاطر السلامة من الحرائق في المباني السكنية الشاهقة. وتأتي هذه الخطوة كاستجابة مباشرة لسلسلة من الحوادث المأساوية التي وقعت مؤخراً وأثارت قلقاً عاماً واسع النطاق حول معايير الأمان في البيئات السكنية المكتظة التي أصبحت سمة مميزة للمدن الصينية الحديثة.

خلفية الحملة ودوافعها
تأتي هذه المبادرة الحكومية في أعقاب حوادث حرائق مميتة سلطت الضوء على ثغرات خطيرة في أنظمة السلامة. من أبرز هذه الحوادث الحريق الذي اندلع في مبنى سكني بمدينة نانجينغ في فبراير 2024، وأسفر عن وفاة 15 شخصاً وإصابة العشرات. وقد كشفت التحقيقات الأولية أن الحريق بدأ في منطقة مخصصة لوقوف الدراجات الكهربائية وشحنها في الطابق الأرضي، مما أدى إلى انتشاره بسرعة عبر المبنى. وقبل ذلك، شهدت البلاد حوادث مشابهة أكدت على المخاطر المتزايدة المرتبطة بشحن بطاريات الليثيوم داخل المجمعات السكنية.
يمثل التوسع العمراني السريع في الصين على مدى العقود الماضية تحدياً كبيراً، حيث أدى إلى بناء عدد هائل من ناطحات السحاب والمباني الشاهقة لاستيعاب السكان. ومع تقادم بعض هذه المباني وتراخي الرقابة على تطبيق معايير السلامة في بعض الأحيان، تراكمت المخاطر الخفية التي تشكل تهديداً لحياة الملايين.
أهداف الحملة ومحاورها الرئيسية
تهدف الحملة التي تقودها وزارة إدارة الطوارئ الصينية، بالتعاون مع إدارات الإطفاء والإنقاذ المحلية، إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الواضحة لتعزيز السلامة العامة. تركز الحملة بشكل أساسي على عدة جوانب حيوية:
- إزالة العوائق من ممرات الهروب: إجراء عمليات تفتيش دقيقة للتأكد من أن جميع مخارج الطوارئ والممرات المؤدية إليها خالية تماماً من أي عوائق أو مواد مخزنة بشكل غير قانوني يمكن أن تعرقل عمليات الإخلاء.
- مكافحة المخاطر الكهربائية: التركيز بشكل خاص على ممارسة شحن الدراجات الكهربائية والبطاريات الخاصة بها داخل المباني أو في الممرات، وهي ممارسة تم تحديدها كسبب رئيسي للعديد من الحرائق الأخيرة. ستشمل الإجراءات فرض حظر صارم على هذه الممارسات وتوفير بدائل آمنة للشحن.
- فحص أنظمة مكافحة الحرائق: التحقق من كفاءة وسلامة جميع معدات السلامة الحيوية، بما في ذلك أجهزة إنذار الدخان، ومرشات المياه التلقائية، وخراطيم الإطفاء، والتأكد من صيانتها بشكل دوري وجاهزيتها للعمل الفوري عند الحاجة.
- تعزيز الوعي العام: إطلاق حملات توعوية مكثفة تستهدف السكان ومديري العقارات لرفع مستوى الوعي بمخاطر الحرائق، وتدريبهم على إجراءات الإخلاء الصحيحة وكيفية استخدام معدات الإطفاء الأولية.
الإجراءات التنفيذية والتحديات
تتضمن الحملة عمليات تفتيش ميدانية واسعة النطاق يقوم بها مفتشون متخصصون وفرق إطفاء، مع صلاحيات لاتخاذ إجراءات فورية لتصحيح المخالفات. سيتم تحميل مديري العقارات وأصحاب المباني مسؤولية قانونية مباشرة عن ضمان الامتثال للوائح السلامة. ورغم أن هذه الحملة تعكس التزاماً حكومياً قوياً بتحسين السلامة، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة، أبرزها النطاق الهائل للمباني التي تحتاج إلى تفتيش، وصعوبة تغيير السلوكيات الراسخة لدى السكان، وضمان استمرارية تطبيق المعايير على المدى الطويل بعد انتهاء الحملة الأولية. ومع ذلك، تأمل السلطات أن تساهم هذه الجهود المركزة في الحد بشكل كبير من وقوع حوادث مأساوية في المستقبل وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم.




