خطة الحكومة لإنهاء أزمة الطاقة: سداد مستحقات الشركاء الأجانب وتأكيد استمرارية العمل في المشروعات الكبرى
أكد وزير البترول والثروة المعدنية المصري، المهندس طارق الملا، أن الحكومة تتخذ خطوات جادة لمعالجة تحديات قطاع الطاقة، والتي ارتبطت بشكل مباشر بتراكم مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في البلاد. وفي تصريحات حديثة، أوضح الوزير أن سداد هذه المتأخرات المالية يمثل أولوية قصوى لاستعادة ثقة المستثمرين وتحفيز عمليات البحث والاستكشاف، بهدف زيادة إنتاج الغاز الطبيعي وإنهاء أزمة تخفيف أحمال الكهرباء التي شهدتها مصر بشكل ملحوظ منذ منتصف عام 2023.

خلفية الأزمة: الديون المتراكمة وتداعياتها
على مدى السنوات القليلة الماضية، واجه قطاع البترول المصري تحدياً متزايداً تمثل في تراكم الديون المستحقة لشركاء الطاقة الدوليين. هذا الوضع المالي أدى إلى تباطؤ في وتيرة الاستثمارات الجديدة، حيث أحجمت بعض الشركات عن توسيع عمليات الحفر والتطوير لحقول الغاز والبترول لحين الحصول على مستحقاتها. ونتيجة لذلك، تأثر حجم الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي، والذي يعد المكون الرئيسي في مزيج الطاقة المستخدم لتوليد الكهرباء في مصر.
هذا النقص في إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء كان السبب المباشر وراء قرار الحكومة بتطبيق سياسة تخفيف الأحمال الكهربائية. وقد أثرت هذه الإجراءات، التي بدأت في يونيو 2023 واستمرت لفترات متفاوتة، على كافة القطاعات الصناعية والتجارية والحياة اليومية للمواطنين، مما جعل حل أزمة الطاقة ضرورة ملحة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
جهود حل الأزمة: سداد المستحقات واستعادة الثقة
في إطار خطة شاملة لتحقيق الاستقرار في قطاع الطاقة، أعلنت الحكومة المصرية خلال النصف الأول من عام 2024 عن سداد جزء كبير من المتأخرات المستحقة للشركات الأجنبية. تعتبر هذه الخطوة حجر الزاوية في استراتيجية تهدف إلى إعادة بناء الثقة مع الشركاء الدوليين وتشجيعهم على ضخ استثمارات جديدة لتنمية الثروات البترولية في البلاد.
تهدف الحكومة من خلال هذه الإجراءات إلى تحفيز الشركات على تسريع خططها الاستثمارية، مما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على زيادة معدلات إنتاج الغاز الطبيعي على المدى القصير والمتوسط. ويُنظر إلى هذه الخطوة كحل جذري ومستدام لأزمة الكهرباء، بدلاً من الحلول المؤقتة.
تأكيدات الوزير: استمرارية العمل في المواقع الاستراتيجية
في سياق متصل، حرص وزير البترول على طمأنة الرأي العام والمستثمرين بشأن استمرارية العمل في المشروعات القومية الكبرى. وأكد أن العمل يسير بوتيرة طبيعية في حقل ظهر للغاز بالبحر المتوسط، والذي يعد أحد أكبر حقول الغاز المكتشفة في المنطقة، مشيراً إلى وجود خطط فنية لمواجهة التناقص الطبيعي في إنتاج الحقل والحفاظ على معدلاته.
كما سلط الوزير الضوء على قصص النجاح في قطاع الثروة المعدنية، مشيداً بـمنجم السكري للذهب الذي يصنف ضمن أهم عشرة مناجم منتجة للذهب على مستوى العالم. ويأتي ذكر هذه المشاريع الناجحة كرسالة مفادها أن قطاع الطاقة والتعدين في مصر لا يزال قوياً وجاذباً للاستثمار رغم التحديات المرحلية.
النظرة المستقبلية والأهمية الاقتصادية
يمثل حل أزمة مستحقات الشركاء الأجانب خطوة حيوية ليس فقط لإنهاء انقطاعات الكهرباء، بل أيضاً لتعزيز أمن الطاقة في مصر على المدى الطويل. إن زيادة الإنتاج المحلي من الغاز ستمكن البلاد من تلبية احتياجات السوق المحلي المتزايدة، مع فتح الباب مجدداً أمام إمكانية استئناف تصدير الغاز الطبيعي المسال، مما يوفر مصدراً هاماً للعملة الصعبة ويدعم مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة. وتترقب الأوساط الاقتصادية نتائج هذه الإجراءات وتأثيرها الفعلي على معدلات الإنتاج خلال الفترة المقبلة.





