رئيس الوزراء يطلق التشغيل التجريبي للخط الأول من القطار الكهربائي السريع
في خطوة تمثل علامة فارقة في تطوير البنية التحتية لقطاع النقل في مصر، أعطى رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، إشارة البدء للتشغيل التجريبي للخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع. جاء هذا الإعلان خلال فعاليات المعرض والمؤتمر الدولي للنقل الذكي والبنية التحتية واللوجستيات للشرق الأوسط وأفريقيا (TransMEA 2023)، بحضور الفريق مهندس كامل الوزير، وزير النقل، مما يؤكد على الأهمية الاستراتيجية التي توليها الدولة لهذا المشروع العملاق.

يمثل هذا التشغيل التجريبي، الذي بدأ في نطاق مدينة السادس من أكتوبر، المرحلة الأولى من اختبارات أنظمة القطار قبل إطلاقه الرسمي للجمهور. ويهدف المشروع إلى إحداث نقلة نوعية في منظومة النقل الجماعي وربط مختلف أنحاء الجمهورية بشبكة حديثة، آمنة، وصديقة للبيئة.
خلفية المشروع وأهميته الاستراتيجية
يعد مشروع القطار الكهربائي السريع أحد أبرز المشروعات القومية التي تنفذها مصر ضمن رؤيتها للتنمية المستدامة 2030. تتألف الشبكة المتكاملة من ثلاثة خطوط رئيسية يبلغ إجمالي أطوالها حوالي 2000 كيلومتر، وهي مصممة لتكون بمثابة "قناة سويس جديدة على القضبان"، حيث تربط موانئ البحر الأحمر بالبحر المتوسط والمناطق الصناعية والزراعية والسياحية الرئيسية في البلاد.
- الخط الأول (الأخضر): يمتد بطول 660 كيلومترًا من العين السخنة على البحر الأحمر إلى مرسى مطروح على البحر المتوسط، مرورًا بالعاصمة الإدارية الجديدة، والقاهرة، والإسكندرية، والعلمين.
- الخط الثاني (الأزرق): يربط بين مدينة السادس من أكتوبر وأبو سمبل، مرورًا بمحافظات الصعيد، بهدف دعم التنمية في جنوب مصر.
- الخط الثالث (الأحمر): يمتد من قنا إلى الغردقة وسفاجا، لخدمة الحركة السياحية والتجارية في منطقة البحر الأحمر.
يتم تنفيذ هذا المشروع الضخم بالتعاون مع تحالف شركات عالمية بقيادة شركة سيمنز موبيليتي الألمانية، مما يضمن تطبيق أحدث التقنيات والمعايير العالمية في مجال السكك الحديدية.
تفاصيل الخط الأول ومراحل التشغيل
يركز التشغيل التجريبي الحالي على الخط الأول للشبكة، والذي يعد شريانًا حيويًا للتنمية. من المخطط أن يضم هذا الخط حوالي 22 محطة، بما في ذلك 10 محطات للقطارات السريعة. تم تصميم الخط ليخدم حركة الركاب والبضائع على حد سواء، حيث ستعمل عليه ثلاثة أنواع من القطارات:
- قطارات "فيلارو" (Velaro) فائقة السرعة، التي تصل سرعتها إلى 230 كيلومترًا في الساعة.
- قطارات "ديزايرو" (Desiro) الإقليمية، التي تعمل بسرعة تصل إلى 160 كيلومترًا في الساعة وتتوقف في محطات أكثر.
- قاطرات "فيكترون" (Vectron) الكهربائية المخصصة لنقل البضائع، مما يعزز من حركة التجارة ويخفف الضغط على شبكة الطرق البرية.
تعد مرحلة التشغيل التجريبي حاسمة لاختبار كافة مكونات المنظومة، بما في ذلك القطارات، وأنظمة الإشارات والاتصالات، والتحكم المركزي، والبنية التحتية للمسار والمحطات، لضمان أعلى مستويات السلامة والكفاءة التشغيلية قبل فتح الخط للاستخدام التجاري الكامل.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي المتوقع
من المتوقع أن يحقق مشروع القطار الكهربائي السريع فوائد اقتصادية واجتماعية وبيئية واسعة النطاق. على الصعيد الاقتصادي، سيسهم المشروع في ربط الموانئ البحرية بالمناطق الصناعية واللوجستية، مما يقلل من زمن وتكلفة نقل البضائع ويعزز من تنافسية المنتج المصري. كما أنه يدعم خطط التوسع العمراني من خلال ربط المدن الجديدة بشبكة نقل فعالة، ويفتح آفاقًا جديدة للسياحة بتسهيل الوصول إلى الوجهات السياحية المختلفة.
اجتماعيًا، سيوفر القطار وسيلة نقل حضارية وآمنة لملايين المواطنين، مختزلًا زمن الرحلات بشكل كبير. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن يقطع القطار المسافة بين القاهرة والإسكندرية في أقل من ساعة. أما بيئيًا، فإن الاعتماد على الطاقة الكهربائية النظيفة يتماشى مع جهود الدولة للحد من الانبعاثات الكربونية ومكافحة التغير المناخي، مما يجعله مشروعًا مستدامًا بامتياز.
الخطوات المستقبلية
مع إطلاق التشغيل التجريبي للخط الأول، تتجه الأنظار نحو استكمال الاختبارات الفنية والتقنية اللازمة تمهيدًا لبدء التشغيل الفعلي للركاب. وفي موازاة ذلك، يستمر العمل على قدم وساق في تنفيذ الخطين الثاني والثالث من الشبكة، بهدف استكمال هذا الصرح التنموي الذي من شأنه أن يغير وجه قطاع النقل في مصر ويرسخ مكانتها كمركز لوجستي إقليمي محوري.




