في تصريحات لافتة خلال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) الذي انعقد مؤخرًا في الرياض، أكد جوناثان روس، الرئيس التنفيذي لشركة جروك (Groq) المتخصصة في تطوير رقائق الذكاء الاصطناعي عالية الأداء، أن المملكة العربية السعودية تمتلك جميع المقومات اللازمة لتتبوأ مكانة ريادية كمركز عالمي للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي. ويأتي هذا التأكيد ليُسلط الضوء على الطموحات السعودية المتزايدة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وخصوصًا الذكاء الاصطناعي، ضمن إطار رؤية 2030.

خلفية عن شركة جروك وتصريحاتها
تُعد شركة جروك لاعبًا بارزًا في صناعة الذكاء الاصطناعي، حيث تركز على تصميم وتصنيع وحدات معالجة اللغة (LPUs) المبتكرة، والتي تُعد ضرورية لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المعقدة، مثل نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) والتعلم العميق، بكفاءة وسرعة فائقة. تُبرز تصريحات رئيسها التنفيذي، جوناثان روس، من قلب الرياض أهمية الموقع الجغرافي والاستراتيجي للمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى التزامها بالاستثمار في التكنولوجيا المستقبلية. وقد جاءت هذه التصريحات في مقابلة حصرية مع قناة «سي إن بي سي»، مما أضفى عليها بعدًا إعلاميًا عالميًا.
مقومات السعودية للتحول لمركز عالمي
أشار روس إلى أن المقومات التي تؤهل السعودية لتصبح مركزًا عالميًا للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي عديدة ومتنوعة. وتشمل هذه المقومات:
- القدرة المالية الهائلة: تمتلك المملكة صندوق الاستثمارات العامة، وهو أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، والذي يخصص استثمارات ضخمة في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مما يوفر تمويلاً كافيًا لتطوير البنى التحتية اللازمة.
 - الطاقة الوفيرة ومنخفضة التكلفة: تعتبر مراكز البيانات التي تشغل تطبيقات الذكاء الاصطناعي مستهلكًا شرهًا للطاقة. وتتمتع السعودية بمصادر طاقة وفيرة، بما في ذلك التوجه نحو الطاقة المتجددة، مما يقلل من تكاليف التشغيل ويجعلها وجهة جذابة للاستثمار في هذا المجال.
 - الموقع الجغرافي الاستراتيجي: تتوسط المملكة ثلاث قارات، مما يمنحها ميزة تنافسية كمركز للربط والبيانات بين الشرق والغرب، ويسهل الوصول إلى الأسواق العالمية.
 - الدعم الحكومي القوي والرؤية الطموحة: تولي القيادة السعودية اهتمامًا كبيرًا بتحويل اقتصاد المملكة نحو الاعتماد على التقنيات الحديثة، وتجسد ذلك في «رؤية 2030» و«الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي» (NSDAI)، التي تهدف إلى وضع السعودية ضمن أفضل الدول في هذا المجال.
 - الاستثمار في البنية التحتية الرقمية: تشهد المملكة استثمارات مكثفة في تطوير شبكات الاتصالات، ومراكز البيانات الضخمة، والبنية التحتية السحابية، وهي جميعها ركائز أساسية لأي مركز عالمي للذكاء الاصطناعي.
 
الذكاء الاصطناعي كركيزة لرؤية 2030
تُعد طموحات السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيتها الأوسع لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط. تسعى المملكة إلى بناء اقتصاد معرفي مستدام يعتمد على الابتكار والتقنية. ومن خلال جذب كبرى الشركات العالمية مثل جروك وتشجيع الاستثمار في البحث والتطوير، تهدف السعودية إلى:
- توطين التقنية وتطوير المواهب: العمل على بناء قدرات محلية في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال التعليم والتدريب، وجذب الكفاءات العالمية.
 - تعزيز الابتكار: توفير بيئة جاذبة للشركات الناشئة والمطورين لابتكار حلول ومنتجات قائمة على الذكاء الاصطناعي.
 - خلق فرص عمل جديدة: فتح آفاق وظيفية جديدة في قطاعات متقدمة، مما يسهم في تمكين الشباب السعودي.
 - بناء اقتصاد رقمي قوي: دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الاقتصادية مثل الصحة، الصناعة، المدن الذكية، والخدمات الحكومية لزيادة الكفاءة والإنتاجية.
 
الآثار والتداعيات المحتملة
إذا نجحت السعودية في تحقيق هدفها بأن تصبح مركزًا عالميًا للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، فستكون لذلك آثار إيجابية واسعة النطاق، ليس فقط على المملكة ولكن على المنطقة بأسرها. يمكن أن تُسهم هذه الخطوة في:
- تعزيز مكانة المملكة الجيوسياسية والاقتصادية: كلاعب رئيسي في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
 - جذب استثمارات أجنبية مباشرة: وتشجيع الشراكات مع الشركات التقنية الدولية.
 - تسريع وتيرة التحول الرقمي: في المنطقة والعالم العربي.
 - توفير حلول مبتكرة: للتحديات العالمية في مجالات متعددة.
 
وفي الختام، تعكس تصريحات جوناثان روس ثقة متزايدة من قادة الصناعة العالمية في رؤية السعودية وقدرتها على تحقيق طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يؤشر إلى مرحلة جديدة من النمو والتطور التقني في المملكة.





