رئيس هيئة الرعاية الصحية: القطاع الخاص شريك استراتيجي لدعم مسار الإصلاح الصحي في مصر
في إطار الجهود المتواصلة لتعزيز مسيرة الإصلاح الصحي الشامل في مصر، أكد الدكتور أحمد السبكي، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، على الدور المحوري للشراكة الفعالة مع القطاع الخاص. جاءت هذه التصريحات الهامة خلال مشاركة الدكتور السبكي في جلسة نقاشية رفيعة المستوى أقيمت مؤخرًا ضمن فعاليات الملتقى الدولي السنوي السادس للهيئة، الذي عُقد في العاصمة الإدارية الجديدة.
خلفية وأهداف الملتقى
ركزت الجلسة النقاشية، التي حملت عنوان "توسيع نطاق الوصول إلى الأدوية: قيادة ودور القطاع الخاص في إصلاح الرعاية الصحية"، على استكشاف السبل المثلى لتفعيل مساهمة القطاع الخاص في تحقيق أهداف الإصلاح. ويُعد الملتقى الدولي السنوي للهيئة منصة حيوية لتبادل الخبرات والرؤى حول أحدث التطورات في مجال الرعاية الصحية، وكيفية بناء منظومة صحية مستدامة وقادرة على تلبية احتياجات المواطنين المتزايدة.
يمثل مشروع التأمين الصحي الشامل أحد أبرز المشاريع القومية الطموحة التي أطلقتها الدولة المصرية بهدف توفير تغطية صحية شاملة وعادلة لجميع المواطنين. يستند المشروع إلى نموذج تضامني يهدف إلى ضمان حصول كافة شرائح المجتمع على خدمات طبية ذات جودة عالية دون تحمل أعباء مالية مرهقة. وقد بدأت مراحل تطبيق النظام بشكل تدريجي في عدد من المحافظات، ويهدف إلى الوصول إلى جميع أنحاء الجمهورية في غضون سنوات قليلة لضمان حصول الجميع على حقهم في الرعاية الصحية.
لماذا الشراكة مع القطاع الخاص؟
تأتي دعوة الدكتور السبكي للشراكة مع القطاع الخاص من إدراك عميق بأن تحقيق أهداف الإصلاح الصحي الطموحة يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف. فالقطاع الخاص يمتلك من المرونة والخبرة والقدرة الاستثمارية ما يمكن أن يشكل دافعًا قويًا وفاعلًا للإصلاح والتطوير. وتشمل مساهماته المحتملة عدة جوانب حيوية:
- توفير الاستثمارات: القدرة على ضخ رؤوس أموال كبيرة في تطوير البنية التحتية الصحية وتجهيزها بأحدث التقنيات.
- نقل الخبرات والتقنيات: جلب أحدث الممارسات العالمية والتكنولوجيا المتقدمة في إدارة وتشغيل المنشآت الصحية وتقديم الخدمات.
- زيادة الكفاءة التشغيلية: من خلال نماذج الإدارة الحديثة التي يطبقها القطاع الخاص، مما يحسن من جودة الخدمات ويقلل الهدر.
- توسيع نطاق التغطية: بزيادة عدد المنشآت الصحية ومنافذ تقديم الخدمة، مما يسهل وصول المواطنين للرعاية.
- تأمين سلاسل الإمداد: خاصة في قطاع الأدوية والمستلزمات الطبية، لضمان توافرها واستدامتها بأسعار تنافسية.
إن دمج جهود القطاعين العام والخاص يضمن تحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة، ويساهم بشكل مباشر في تخفيف العبء المالي عن كاهل الدولة والمواطنين على حد سواء، بينما يدفع عجلة الابتكار في مجالات الرعاية الصحية.
تحديات وآليات التعاون
تتخذ الشراكة أشكالاً متعددة، منها عقود الإدارة والتشغيل للمستشفيات الحكومية، والمشاركة في بناء وتجهيز منشآت جديدة، وتوفير الخدمات المتخصصة التي قد لا تتوفر بالقدر الكافي في القطاع الحكومي، بالإضافة إلى الاستثمار في الصناعات الدوائية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل فاتورة الاستيراد. ومع ذلك، لا يخلو مسار الشراكة من التحديات، أبرزها الحاجة إلى وضع أطر تنظيمية وتشريعية واضحة تضمن العدالة والشفافية وتحمي حقوق جميع الأطراف. كما يتطلب الأمر آليات رقابة صارمة لضمان جودة الخدمات المقدمة من القطاع الخاص وتوافقها مع معايير التأمين الصحي الشامل.
الرؤية المستقبلية والتأثير المتوقع
تهدف الهيئة العامة للرعاية الصحية، من خلال تعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية، إلى تسريع وتيرة تطبيق التأمين الصحي الشامل، وتحويل النظام الصحي المصري إلى نظام مستدام ومرن قادر على تلبية احتياجات المواطنين المتغيرة ومواجهة أي تحديات صحية مستقبلية بفاعلية أكبر. يُتوقع أن يسهم هذا التوجه في تحسين المؤشرات الصحية العامة للمجتمع، ورفع مستوى الرضا عن الخدمات الطبية، وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للرعاية الصحية. في الختام، تُعد رؤية الدكتور السبكي للشراكة مع القطاع الخاص بمثابة خارطة طريق حيوية لتحقيق أهداف الإصلاح الصحي الطموحة في مصر، مؤكدة على أن تضافر الجهود هو السبيل الأمثل لبناء منظومة صحية قوية ومتكاملة تخدم مصالح الوطن والمواطن.





