ريال مدريد ينعى أوتشوتورينا: رحيل حارس المرمى الأسطوري عن 64 عاماً
أعلن نادي ريال مدريد الإسباني، في الساعات الأخيرة، عن وفاة حارس مرماه السابق والمدرب البارز، خوسيه مانويل أوتشوتورينا، عن عمر يناهز الرابعة والستين عاماً، بعد صراع مع المرض. وقد أعرب النادي الملكي في بيان رسمي عن عميق حزنه لرحيل أحد أبرز الشخصيات التي أثرت في تاريخه، سواء كلاعب أو كمدرب للحراس، مقدماً خالص تعازيه لأسرته وأصدقائه وكل محبيه.

يمثل رحيل أوتشوتورينا خسارة كبيرة لكرة القدم الإسبانية بشكل عام، ولعائلة ريال مدريد بشكل خاص، حيث كان يُعتبر واحداً من الأسماء البارزة التي تركت بصمة واضحة في مركز حراسة المرمى على مدار عقود. وقد أُشيد به على نطاق واسع لمهاراته الاحترافية وتفانيه الكبير، سواء في الملعب أو على مقاعد التدريب.
مسيرة حافلة بالإنجازات كلاعب
بدأ خوسيه مانويل أوتشوتورينا مسيرته الكروية في الفئات السنية لنادي ريال مدريد، حيث تدرج ضمن صفوف الأكاديمية الملكية قبل أن يصل إلى الفريق الأول. لعب أوتشوتورينا لريال مدريد بين عامي 1981 و1986، محققاً لقب الدوري الإسباني في موسم 1985–1986. خلال هذه الفترة، أظهر قدرات عالية في مركز حراسة المرمى، تميزت بالرشاقة وسرعة رد الفعل والقيادة الهادئة داخل المنطقة. على الرغم من المنافسة الشرسة مع حراس كبار آخرين في ذلك العقد، إلا أنه تمكن من إثبات نفسه كعنصر أساسي في فترات مختلفة.
بعد مغادرته ريال مدريد، واصل أوتشوتورينا مسيرته الاحترافية مع عدة أندية إسبانية أخرى، أبرزها فالنسيا، حيث قضى هناك فترة ناجحة وحظي بتقدير كبير من الجماهير. كما لعب لأندية مثل تيريفيه وراسينغ سانتاندير ولوغرونييس، مؤكداً على استمرارية مستواه العالي وتجربته الطويلة في دوريات النخبة الإسبانية. وقد مثل منتخب إسبانيا الأول في مناسبة واحدة، مما يعكس اعترافاً بموهبته على الصعيد الوطني.
الانتقال إلى التدريب: صانع حراس المرمى
بعد اعتزاله اللعب، لم يبتعد أوتشوتورينا عن عالم كرة القدم، بل انتقل إلى مجال التدريب، متخصصاً في تدريب حراس المرمى. يُعد هذا التحول من أهم فصول حياته المهنية، حيث ترك بصمة عميقة على أجيال من الحراس الذين مروا تحت إشرافه. بدأ مسيرته التدريبية في الأندية التي لعب لها، ومن ثم عاد إلى ريال مدريد ليعمل كمدرب حراس مرمى في فترات مختلفة، مساهماً في صقل مواهب شابة وكبار الحراس.
كانت أبرز محطاته التدريبية مع نادي فالنسيا، حيث يُنسب إليه الفضل في تطوير العديد من حراس المرمى البارزين، ويُعرف عنه قدرته على اكتشاف المواهب وصقلها. كما عمل لسنوات طويلة مع المنتخب الإسباني الأول، وكان جزءاً من الطاقم الفني الذي حقق إنجازات تاريخية، بما في ذلك الفوز ببطولتي كأس الأمم الأوروبية وكأس العالم. خلال فترة عمله مع المنتخب، أشرف على تدريب حراس مرمى عالميين مثل إيكر كاسياس وبيبي رينا ودافيد دي خيا، وكان له دور محوري في إعدادهم للمواجهات الكبرى.
اشتهر أوتشوتورينا بأسلوبه الهادئ والمنهجي في التدريب، مؤكداً على الجوانب الفنية والنفسية لحارس المرمى. كان يؤمن بأن مركز حارس المرمى يتطلب أكثر من مجرد المهارات البدنية، بل يحتاج إلى ذكاء تكتيكي وقوة ذهنية عالية، وهو ما سعى لغرسه في كل من تدرب على يديه.
ردود الفعل والتأبين
فور إعلان نبأ وفاته، سارعت الأندية والشخصيات الرياضية البارزة إلى تقديم تعازيها. أصدر نادي ريال مدريد بياناً مفصلاً، أشاد فيه بمسيرة أوتشوتورينا الحافلة، ووصفه بأنه "شخصية لا تُنسى" في تاريخ النادي. وعبّر رئيس النادي، فلورنتينو بيريز، عن أسفه الشديد، مؤكداً أن "ذكراه ستظل حية في قلوب كل المدريديستا".
كما نعى نادي فالنسيا حارسه ومدربه السابق، مشيداً بإسهاماته الكبيرة في النادي واللاعبين الذين أشرف على تدريبهم. وقدم الاتحاد الإسباني لكرة القدم تعازيه، معتبراً رحيله خسارة كبيرة للمشهد الكروي الإسباني. تدفقت رسائل التعزية من لاعبين حاليين وسابقين، ومن مدربين وإعلاميين، تعكس مدى الاحترام والتقدير الذي كان يحظى به أوتشوتورينا في مجتمع كرة القدم. وقد أشار العديد منهم إلى طيب خلقه وتفانيه وإسهاماته الهادئة لكن المؤثرة في اللعبة.
من المتوقع أن تشهد المباريات المقبلة في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا وقفة صمت حداداً على روحه، تكريماً لمسيرته الطويلة والحافلة بالعطاء.
الأثر والتراث الدائم
سيُذكر خوسيه مانويل أوتشوتورينا كواحد من الركائز التي ساهمت في تطوير مركز حراسة المرمى في إسبانيا على مدى أجيال. لقد جمع بين موهبة اللاعب وقدرة المدرب على صقل المواهب، وترك وراءه إرثاً لا يُقدر بثمن. تأثيره لم يقتصر على الألقاب التي فاز بها أو اللاعبين الذين دربهم، بل امتد إلى الفلسفة التي غرسها في التعامل مع هذا المركز الحساس في كرة القدم.
رحيله يمثل نهاية حقبة لأحد أوفياء كرة القدم الإسبانية، لكن ذكراه ستبقى خالدة في سجلات ريال مدريد وتاريخ اللعبة، كرمز للتفاني والمهنية والخبرة. ستظل بصماته واضحة في أداء الحراس الذين استفادوا من توجيهاته، وفي الأجيال القادمة التي ستتعلم من سيرته.





