زبير بية يستقيل من رئاسة النجم الساحلي: أسباب وتداعيات
في تطور مفاجئ هز الأوساط الرياضية التونسية، أعلن زبير بية، نجم كرة القدم التونسية السابق والرئيس الحالي لنادي النجم الساحلي العريق، عن تقديم استقالته من منصبه. هذا القرار، الذي جاء في الساعات الأخيرة، يسلط الضوء على الأزمة العميقة والمتعددة الأوجه التي يمر بها النادي، سواء على الصعيد الرياضي أو الإداري أو المالي. وقد أثار إعلان الاستقالة موجة واسعة من ردود الفعل بين أنصار النادي وجمهوره الواسع، بالإضافة إلى المتابعين للشأن الرياضي في تونس والقارة الأفريقية، نظراً للمكانة التاريخية لـ زبير بية كلاعب وكشخصية عامة في المشهد الكروي.

خلفية الاستقالة والأسباب المباشرة
لم تكن استقالة زبير بية حدثاً منعزلاً، بل كانت تتويجاً لسلسلة طويلة من التحديات والضغوط التي واجهها النادي تحت قيادته. فقد عانى الفريق الأول لكرة القدم من تراجع لافت في الأداء والنتائج خلال الموسم الكروي الجاري وفي المواسم الأخيرة. هذا التراجع ترجم إلى إخفاقات متتالية في المسابقات المحلية، حيث ابتعد النجم الساحلي عن صدارة الترتيب والمنافسة الجادة على لقب الدوري التونسي الممتاز، الذي كان يعتبر هدفاً رئيسياً للنادي وجماهيره. وعلى الصعيد القاري، لم يتمكن الفريق من تحقيق النتائج المرجوة في البطولات الأفريقية، مما زاد من حالة الإحباط.
هذه النتائج المخيبة للآمال ولّدت ضغطاً جماهيرياً كبيراً، تجلى في احتجاجات متكررة ومطالبات صريحة بالتغيير على كافة المستويات. إلى جانب التحديات الرياضية، واجه النادي أزمة مالية خانقة، تعود جذورها إلى سنوات مضت وتفاقمت في الفترة الأخيرة، مما أثر بشكل مباشر على قدرة النادي على الوفاء بالتزاماته المالية تجاه اللاعبين والطواقم الفنية والإدارية، وكذلك على قدرته على تعزيز صفوف الفريق بلاعبين جدد قادرين على إحداث الفارق. هذه التراكمات المالية والإدارية، بالإضافة إلى الضغط الجماهيري المتزايد، دفعت زبير بية في النهاية لاتخاذ قراره بالتخلي عن مهامه.
السياق التاريخي والإداري للنجم الساحلي
يُعتبر النجم الساحلي واحداً من أكبر وأنجح الأندية في تونس، وهو النادي التونسي الوحيد الذي توج بجميع المسابقات الأفريقية للأندية. هذا الإرث العظيم يضع على عاتق أي رئيس للنادي مسؤولية جسيمة للحفاظ على مكانته وتاريخه. عندما تولى زبير بية رئاسة النادي، كان يحدوه أمل كبير في إعادة النجم إلى سابق عهده، مستفيداً من شعبيته كلاعب سابق للفريق وخبرته الكروية. ومع ذلك، اصطدم بية بواقع صعب، حيث أن التحديات المالية الهيكلية والمشاكل الإدارية العميقة كانت أكبر من أن تُحل بسهولة في فترة وجيزة. لقد تطلب بناء فريق قادر على المنافسة على أعلى المستويات استثمارات مالية ضخمة لم تكن متاحة بسهولة، في ظل الديون المتراكمة والقيود المفروضة. هذا السياق المعقد جعل مهمة بية شاقة للغاية، على الرغم من الجهود المبذولة، ولم يتمكن من تحقيق الاستقرار المنشود الذي كان يطمح إليه هو والجمهور.
ردود الفعل والآثار المتوقعة على مستقبل النادي
أثارت استقالة زبير بية ردود فعل متباينة، فبينما عبر البعض عن تفهمهم لقرار بية في ظل الظروف الصعبة، رأى آخرون أن القرار جاء في وقت حرج ويضيف المزيد من الغموض على مستقبل النادي. من المتوقع أن يدخل النجم الساحلي مرحلة انتقالية تتطلب إعادة ترتيب البيت الإداري. قد يتمثل الحل في عقد جلسة عامة انتخابية استثنائية لاختيار رئيس جديد وهيئة مديرة جديدة قادرة على تحمل المسؤولية وتجاوز الأزمة. أو ربما يتم تعيين هيئة تسيير مؤقتة لتصريف الأعمال العاجلة إلى حين تهيئة الظروف لانتخابات رئاسية. هذه الاستقالة تفتح الباب أمام فرصة لإجراء مراجعة شاملة لسياسات النادي وتوجهاته المستقبلية، سواء على الصعيد الرياضي من خلال مراجعة استراتيجية التعاقدات وتطوير اللاعبين الشبان، أو على الصعيد المالي من خلال إيجاد حلول مستدامة لمشكلة الديون وتحقيق الاكتفاء الذاتي. يتطلع جماهير النجم الساحلي بشغف إلى الخطوات القادمة التي ستتخذها الإدارة لضمان عودة الفريق إلى مساره الصحيح واستعادة أمجاده.





