سموتريتش يهاجم السعودية ويرفض التطبيع مقابل دولة فلسطينية بتصريحات عنصرية
أطلق وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، يوم الخميس، تصريحات استفزازية ومسيئة تجاه المملكة العربية السعودية، مؤكداً رفضه القاطع لأي اتفاق لتطبيع العلاقات بين البلدين يكون مشروطاً بإقامة دولة فلسطينية. جاءت هذه التصريحات، التي تضمنت عبارات وصفت بأنها عنصرية ومهينة، لتلقي بظلالها على الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، وتبرز عمق الخلافات الأيديولوجية داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها.

الخلفية والسياق الدبلوماسي
تأتي هذه المواقف الصادرة عن أحد أبرز وزراء الائتلاف الحاكم في إسرائيل في سياق مساعٍ أمريكية مكثفة لتدعيم اتفاقيات إبراهيم وتوسيع دائرة التطبيع لتشمل المملكة العربية السعودية. تُعد هذه الخطوة، في حال تحقيقها، تاريخية وذات أبعاد استراتيجية عميقة للمنطقة وللتحالفات الإقليمية. لطالما ربطت الرياض، في تصريحاتها الرسمية ومفاوضاتها مع الإدارة الأمريكية، أي تطبيع محتمل مع إسرائيل بالتقدم نحو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، معتبرة ذلك شرطاً أساسياً لتحقيق سلام شامل ودائم.
يُعرف سموتريتش، وهو زعيم حزب الصهيونية الدينية، بمواقفه المتشددة والمعارضة تماماً لأي حل سياسي يقوم على أساس الدولتين، ويرى أن الضفة الغربية هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الإسرائيلية التاريخية التي يجب أن تخضع للسيادة الإسرائيلية الكاملة. تُشكل هذه الأيديولوجية المتطرفة حجر عثرة أمام أي جهود دبلوماسية تهدف إلى دمج إسرائيل بشكل أوسع في المنطقة مقابل تنازلات تتعلق بالقضية الفلسطينية.
تفاصيل التصريحات المسيئة وتداعياتها
أثناء حديثه عن ملف التطبيع مع السعودية، لم يتردد سموتريتش في استخدام لغة مهينة تجاه المملكة. فقد صرح بأن على السعوديين 'الاستمرار في ركوب الجمال في الصحراء' إذا كانوا يتوقعون أن تمنح إسرائيل للفلسطينيين دولة كشرط للتطبيع. هذه العبارات، التي اعتُبرت مسيئة لتاريخ وثقافة المملكة وشعوب المنطقة، تعكس عمق التوجهات المتطرفة داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي، وتُقوّض بشكل كبير أي فرص للتقارب بين الطرفين وتزيد من حدة التوترات الإقليمية.
إن استخدام مثل هذه الألفاظ من قبل شخصية حكومية رفيعة المستوى لا يكتفي بعرقلة المسار الدبلوماسي فحسب، بل يسيء أيضاً للعلاقات الثنائية ويزيد من الانقسامات. ويؤكد هذا الخطاب على أن تحقيق أي تقدم في مسار التطبيع يتطلب التغلب على عقبات أيديولوجية وسياسية كبيرة داخل إسرائيل، فضلاً عن الحاجة إلى بناء الثقة والاحترام المتبادل بين الأطراف.
ردود الفعل المحتملة والمشهد السياسي الأوسع
من المتوقع أن تثير تصريحات سموتريتش ردود فعل غاضبة وشجبًا واسع النطاق من الرياض وعواصم عربية وإسلامية أخرى، إضافة إلى إدانات من السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي الذي يدعم حل الدولتين. يُنظر إلى مثل هذه التصريحات على أنها تعقّد بشكل كبير جهود الوساطة الأمريكية، وقد تدفع بالجهود السعودية نحو التراجع أو إعادة تقييم مسار التطبيع، خاصة وأن الرياض تولي أهمية قصوى للقضية الفلسطينية كجزء من سياستها الخارجية.
كما أنها قد تسبب حرجاً بالغاً لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يسعى جاهداً لتحقيق هذا الإنجاز الدبلوماسي الكبير المتمثل في التطبيع مع السعودية، بينما يواجه معارضة قوية وعقبات داخل حكومته من جناحها اليميني المتطرف. يبرز هذا الحدث التوتر الكامن بين الأهداف الاستراتيجية للحكومة الإسرائيلية وخطاب ومواقف أعضائها المتطرفين. إنه يؤكد على التحديات الجمة التي تواجه مسار حل الدولتين ويسلط الضوء على العقبات الأيديولوجية التي تعترض أي تقدم نحو سلام شامل في المنطقة. وتظل الكرة الآن في ملعب الدبلوماسية الإقليمية والدولية لإيجاد سبل لتجاوز هذه العقبات واستئناف المحادثات على أسس أكثر واقعية واحترام متبادل لمتطلبات جميع الأطراف المعنية.





