شائعات منجم ذهب في درعا تنتهي باكتشاف مدفن أثري قديم
ضجت مدينة درعا جنوب سوريا في أواخر أكتوبر 2023، بشائعات واسعة النطاق حول العثور على «منجم ذهب» أو مغارة مليئة بالكنوز الأثرية، مما أثار حالة من الهيجان بين السكان المحليين ودفع المئات للتجمع في الموقع المزعوم. إلا أن الآمال بالحصول على ثروة سريعة سرعان ما تبددت بعد تدخل الجهات الرسمية التي كشفت أن الاكتشاف ليس سوى مدفن أثري متواضع يعود للعصر الروماني، وكان قد نُهب قبل سنوات طويلة.

شرارة الشائعة وتجمع الأهالي
بدأت القصة عندما عثر عمال بناء بالصدفة على تجويف أرضي أثناء قيامهم بأعمال حفر لتشييد مبنى سكني في منطقة درعا البلد. وسرعان ما انتشرت أخبار هذا الاكتشاف كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة، حيث تم تضخيمها وتحويلها إلى رواية خيالية عن اكتشاف مغارة ضخمة تحتوي على كميات هائلة من الذهب والقطع الأثرية الثمينة. أدت هذه الأخبار المغلوطة إلى تجمهر مئات المواطنين في الموقع، مدفوعين بالوضع الاقتصادي المتردي والأمل في تغيير واقعهم. وقد استدعى هذا التجمع الكثيف تدخل الأجهزة الأمنية التي قامت بفرض طوق حول الموقع لمنع الفوضى وحماية المكان إلى حين وصول الخبراء.
الكشف الرسمي وحقيقة الموقع الأثري
بعد فحص الموقع من قبل فريق متخصص من مديرية آثار ومتاحف درعا، تم الإعلان رسمياً عن حقيقة الاكتشاف. أوضح الخبراء أن التجويف هو عبارة عن مدفن جنائزي صغير يعود إلى العصر الروماني، وهو نوع شائع من المدافن في منطقة حوران الغنية بآثارها. وأكدت المديرية أن كل ما تم العثور عليه داخل المدفن هو مجرد قطعتي فخار مكسورتين (كسرتين فخاريتين)، ليس لهما أي قيمة مادية تذكر، وإنما أهمية تاريخية فقط. والأهم من ذلك، تبين أن هذا المدفن ليس اكتشافاً جديداً بالكامل، حيث كشفت التحريات أنه تم العثور عليه وتفريغه من محتوياته القيمة المحتملة قبل نحو عقدين من الزمن، تحديداً في عام 2003، أثناء تنفيذ مشروع للصرف الصحي في المنطقة، مما يفسر خلوه من أي لقى أثرية ثمينة.
السياق الاقتصادي وأثره على انتشار الشائعات
تُسلط هذه الحادثة الضوء على مدى تأثير الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها السوريون. ففي ظل انتشار الفقر والبطالة وتدهور قيمة العملة، يصبح المجتمع بيئة خصبة لانتشار الشائعات المتعلقة بالثراء السريع والكنوز. يرى محللون أن تهافت الناس على موقع «منجم الذهب» المزعوم لم يكن مجرد فضول، بل كان انعكاساً لحالة اليأس التي تدفع الكثيرين إلى التشبث بأي بصيص أمل، حتى لو كان وهماً. كما تعكس الحادثة الأهمية التاريخية لمنطقة درعا، التي تضم العديد من المواقع الأثرية التي لا تزال عرضة لأعمال التنقيب غير الشرعي والنهب المنظم، خاصة في ظل سنوات النزاع الطويلة التي أضعفت الرقابة على التراث الثقافي السوري.



