شركات تكنولوجيا مصرية تحصد صفقات بـ54 مليون دولار في «جيتكس جلوبال»
حققت شركات التكنولوجيا المصرية إنجازًا بارزًا خلال مشاركتها في معرض «جيتكس جلوبال» الأخير، وهو أحد أبرز الفعاليات التقنية العالمية، حيث تمكنت من تأمين صفقات واتفاقيات استثمارية محتملة تجاوزت قيمتها 54 مليون دولار أمريكي. يعكس هذا النجاح الأهمية المتزايدة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المصري ومكانته التنافسية المتنامية على الساحة الدولية، ويؤكد على سعي مصر الدؤوب لتعزيز تحولها الرقمي وتوسيع نطاق صادراتها التكنولوجية.

السياق العام والمشاركة المصرية في «جيتكس جلوبال»
يُعد «جيتكس جلوبال»، الذي يُقام سنويًا في مركز دبي التجاري العالمي، ملتقىً عالميًا رائدًا للابتكار التكنولوجي، يجمع تحت سقفه آلاف الشركات من مختلف دول العالم، إلى جانب المستثمرين وصناع القرار والخبراء في مجالات التكنولوجيا المتقدمة. لقد كانت دورة المعرض لعام 2023، التي جرت فعالياتها في الفترة من 16 إلى 20 أكتوبر، محط أنظار العالم، حيث استعرضت أحدث التطورات في مجالات الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والحوسبة السحابية، والمدن الذكية، وإنترنت الأشياء، وغيرها.
شاركت مصر بوفد كبير ومنظم، غالبًا ما يكون تحت إشراف هيئات وطنية مثل غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (CIT) أو هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA). ضم الوفد المصري عادةً مجموعة متنوعة من الشركات، تشمل شركات ناشئة واعدة، وشركات صغيرة ومتوسطة، وكيانات راسخة في القطاع، وكلها تسعى لعرض حلولها المبتكرة، وبناء الشراكات، وجذب الاستثمارات. وقد خصص الجناح المصري في المعرض مساحةً كبيرة للشركات المشاركة لعرض منتجاتها وخدماتها، والتواصل المباشر مع نظرائها العالميين والعملاء المحتملين.
النتائج والصفقات الرئيسية
تُمثل القيمة البالغة 54 مليون دولار حصيلةً لمجموعة من الاتفاقيات التي تم توقيعها، ومذكرات التفاهم التي تم إبرامها، وكذلك فرص الاستثمار والصادرات المتوقعة نتيجةً للمحادثات واللقاءات التي جرت خلال المعرض. هذه الصفقات لا تقتصر على نوع واحد، بل تتنوع لتشمل:
- عقود تصدير الخدمات والحلول البرمجية: تم توقيع اتفاقيات لتقديم خدمات تكنولوجية متطورة وحلول برمجية مصرية للأسواق الإقليمية والدولية، مما يعزز مكانة مصر كمصدر للخبرات التقنية.
- شراكات استراتيجية وتعاون مشترك: دخلت الشركات المصرية في شراكات مع كيانات عالمية، بهدف تبادل الخبرات، وتطوير منتجات مشتركة، وفتح أسواق جديدة.
- جذب الاستثمارات المباشرة: استقطبت الشركات الناشئة وشركات النمو اهتمامًا كبيرًا من صناديق الاستثمار والشركات الرأسمالية المغامرة، مما يمهد الطريق لتدفق رؤوس الأموال لدعم نموها وتوسعها.
وقد تركزت هذه الصفقات بشكل خاص في مجالات حيوية مثل تطوير حلول الذكاء الاصطناعي المخصصة، وتصميم أنظمة الأمن السيبراني المتكاملة، وتطبيقات الحوسبة السحابية، بالإضافة إلى حلول المدن الذكية، وإنترنت الأشياء الصناعي (IIoT)، والتكنولوجيا المالية (FinTech)، والتي تُظهر تنوع وقوة الابتكار المصري في هذه القطاعات المحورية.
الأهداف الاستراتيجية والتأثير الاقتصادي
لا يقتصر تأثير هذا النجاح في «جيتكس جلوبال» على الشركات المشاركة فحسب، بل يمتد ليشمل الأهداف الاستراتيجية الأوسع لمصر في مجال التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي. تسعى الحكومة المصرية، من خلال مبادرات مثل استراتيجية «مصر الرقمية» ورؤية مصر 2030، إلى:
- تعزيز الصادرات التكنولوجية: جعل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أحد الروافد الرئيسية للدخل القومي من العملة الصعبة، من خلال زيادة حجم صادرات الخدمات والمنتجات الرقمية.
- خلق فرص عمل نوعية: توفير الآلاف من فرص العمل للشباب المصري الموهوب والمتخصص في المجالات التقنية الحديثة، والمساهمة في بناء اقتصاد قائم على المعرفة.
- جذب الاستثمار الأجنبي المباشر: ترسيخ مكانة مصر كوجهة جاذبة للاستثمارات في قطاع التكنولوجيا، بفضل بيئتها المواتية، وبنيتها التحتية الرقمية المتطورة، وكوادرها البشرية المؤهلة.
- تحفيز الابتكار وريادة الأعمال: دعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال في تطوير حلول مبتكرة تتناسب مع الاحتياجات المحلية والعالمية، وتعزيز ثقافة الابتكار في المجتمع.
إن الأداء القوي للشركات المصرية في معرض عالمي بحجم «جيتكس جلوبال» يؤكد أن هذه الأهداف ليست مجرد طموحات، بل هي مسار عملي يتم تحقيقه خطوة بخطوة، مما يعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي رائد في مجال التكنولوجيا والابتكار الرقمي.
في الختام، فإن حجم الصفقات التي بلغت 54 مليون دولار يعكس ثقة الأسواق الدولية في الكفاءات والحلول التقنية المصرية، ويضع أساسًا متينًا لمزيد من النمو والتعاون المستقبلي. ومن المتوقع أن يُشكل هذا الإنجاز حافزًا للشركات المصرية لمواصلة التوسع والابتكار، مما يساهم بشكل فعال في تحقيق رؤية مصر نحو اقتصاد رقمي مزدهر ومتكامل.





