في تصريحات صدرت في وقت سابق من هذا الأسبوع، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تحذيراً شديد اللهجة إلى لبنان، مؤكداً أن إسرائيل ستضطر للتحرك عسكرياً إذا لم تتخذ الحكومة اللبنانية خطوات فعالة لمنع تحول أراضيها إلى جبهة قتال ضد إسرائيل. تأتي هذه التصريحات في سياق تصاعد التوترات الحدودية والمخاوف الإسرائيلية المستمرة من نفوذ وتنامي قدرات جماعة حزب الله المدعومة من إيران داخل الأراضي اللبنانية.

التحذير الإسرائيلي يعكس قلقاً متزايداً في تل أبيب بشأن ما تعتبره تجاوزات من قبل حزب الله على طول الحدود، واستغلال فراغ السلطة في لبنان لتعزيز ترسانته العسكرية ومواقعه القتالية. ووفقاً لنتنياهو، فإن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس هو مبدأ غير قابل للمساومة، وأن أي تقاعس لبناني عن كبح جماح حزب الله سيترتب عليه عواقب وخيمة.

الخلفية التاريخية للتوترات

تتسم العلاقة بين إسرائيل ولبنان بتاريخ طويل من الصراع والاشتباكات، بدءاً من الحروب المتعددة وصولاً إلى الصراعات المتقطعة. لطالما كان حزب الله، الذي تأسس في الثمانينيات بدعم إيراني، لاعباً محورياً في هذا المشهد، حيث تطور من ميليشيا مقاومة إلى قوة سياسية وعسكرية نافذة داخل لبنان. شارك الحزب في صراعات كبرى مع إسرائيل، أبرزها حرب عام 2006 التي انتهت بصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.

ينص القرار 1701 على ضرورة نزع سلاح جميع المجموعات المسلحة في لبنان باستثناء الجيش اللبناني، وإنشاء منطقة عازلة خالية من أي وجود عسكري غير تابع للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) جنوب نهر الليطاني. ومع ذلك، تشير تقارير استخباراتية إسرائيلية ودولية إلى أن حزب الله قد واصل تعزيز وجوده العسكري وتطوير قدراته الصاروخية الدقيقة في هذه المنطقة، مما يعتبر انتهاكاً صارخاً للقرار الأممي.

التطورات الأخيرة ومحاور القلق الإسرائيلي

في الفترة الأخيرة، شهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية عدة حوادث مثيرة للقلق. تشمل هذه الحوادث محاولات تسلل، وعبور الحدود من قبل عناصر من حزب الله، ونصب خيام في مناطق متنازع عليها، إضافة إلى تزايد أنشطة الاستطلاع والتدريب التي يقوم بها الحزب بالقرب من السياج الحدودي. هذه التطورات، بالإضافة إلى الخطاب المتشدد من قادة حزب الله، تعزز الاعتقاد الإسرائيلي بأن الحزب يستعد لمواجهة محتملة.

القلق الإسرائيلي لا يقتصر على الوجود المادي لحزب الله، بل يمتد إلى نوعية وكمية الأسلحة التي يمتلكها. يُعتقد أن الحزب قد جمع ترسانة ضخمة من الصواريخ والقذائف، بما في ذلك صواريخ دقيقة التوجيه قادرة على استهداف منشآت حيوية داخل إسرائيل. وتؤكد إسرائيل أن سماح لبنان لحزب الله بالعمل بحرية من أراضيه هو بمثابة تحويل هذه الأراضي إلى منصة تهديد مباشر لأمنها القومي.

لماذا يهم هذا الخبر؟

تحذير نتنياهو يحمل في طياته دلالات خطيرة على استقرار المنطقة. فهو لا يمثل مجرد تصريح سياسي، بل إشارة واضحة إلى نية إسرائيل في التصرف بشكل حاسم إذا لم تتغير الأوضاع على الأرض. هذا الأمر يثير عدة تساؤلات ومخاوف:

خطر التصعيد: يمكن أن يؤدي أي تحرك عسكري إسرائيلي إلى رد فعل عنيف من حزب الله، مما يجر المنطقة إلى صراع واسع النطاق يصعب التكهن بعواقبه.
تداعيات على لبنان: يمر لبنان بأزمة اقتصادية وسياسية خانقة، وأي مواجهة عسكرية جديدة ستكون كارثة على بنيته التحتية وشعبه الذي يعاني أصلاً. كما أنها تزيد من الضغط على الحكومة اللبنانية لإيجاد توازن بين سيادتها ونفوذ حزب الله.
التدخلات الإقليمية: يمكن أن تجذب أي مواجهة بين إسرائيل وحزب الله أطرافاً إقليمية أخرى، وخاصة إيران، مما يعقد المشهد الأمني ويهدد استقرار الشرق الأوسط بأكمله.
الوضع الإنساني: غالباً ما تكون النزاعات المسلحة في هذه المنطقة مصحوبة بأزمة إنسانية كبرى، تشمل النزوح والدمار وفقدان الأرواح.

السيناريوهات المحتملة وردود الفعل

إذا لم يتخذ لبنان الخطوات اللازمة، فإن الخيارات الإسرائيلية قد تتراوح بين الضربات الجوية المحدودة على مواقع حزب الله إلى عملية عسكرية واسعة النطاق. وقد تحاول إسرائيل الضغط على المجتمع الدولي للتدخل ومطالبة لبنان بالالتزام بقرارات مجلس الأمن.

من جانبها، تواجه الحكومة اللبنانية تحدياً كبيراً. فبينما تسعى للحفاظ على استقرارها الهش، تجد نفسها في موقف صعب نتيجة لنفوذ حزب الله العسكري والسياسي. أي خطوة تتخذها الحكومة اللبنانية قد تثير ردود فعل داخلية قوية، خاصة وأن حزب الله يعتبر قوة سياسية وعسكرية لا يستهان بها في البلاد.

أما حزب الله، فمن المرجح أن يعتبر أي تدخل إسرائيلي اعتداءً على السيادة اللبنانية وعلى وجوده، وقد يرد بعنف وبما يمتلك من قدرات، مما يدخل المنطقة في دوامة عنف جديدة. يرى الحزب نفسه كقوة دفاعية ورافضة لأي تراجع عن مواقعه.

يؤكد تحذير نتنياهو على أن الوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية لا يزال نقطة ساخنة محتملة، وأن الحلول الدبلوماسية والمتابعة الدولية لقرار 1701 تظل حاسمة لتجنب تصعيد قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها.