شوبير يُبرز تفوق المغرب ويُحمّل المحسوبية مسؤولية تراجع الكرة المصرية
في تصريحات أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الرياضية المصرية خلال الآونة الأخيرة، وجه الإعلامي الرياضي البارز أحمد شوبير رسالة قوية ومباشرة، أشار فيها إلى الأداء المتميز والمستمر لكرة القدم المغربية، لا سيما على صعيد المنتخبات الوطنية والشباب، مقارنةً بالتحديات التي تواجهها الكرة المصرية. تعكس هذه التصريحات قناعة شوبير بأن النجاح المغربي يرتكز على منظومة احترافية تفتقر إلى «المحسوبية» أو «الصحوبية» في اختيار المدربين والكوادر الفنية، وهو ما يراه السبب الرئيسي وراء تراجع مستوى كرة القدم في مصر.

خلفية النجاح المغربي
تأتي تصريحات شوبير في سياق فترة ذهبية تشهدها كرة القدم المغربية على مدار السنوات القليلة الماضية. لم يقتصر التألق على الإنجاز التاريخي للمنتخب الأول بوصوله إلى نصف نهائي كأس العالم 2022 في قطر، بل امتد ليشمل مستويات الشباب والأولمبي. فقد تمكن المنتخب المغربي الأولمبي من الفوز بكأس الأمم الإفريقية تحت 23 عامًا عام 2023، وهو ما ضمن له التأهل لأولمبياد باريس، بينما وصلت منتخبات الشباب الأخرى إلى مراحل متقدمة في البطولات القارية والعالمية، مثل ربع نهائي كأس العالم تحت 17 عامًا في إندونيسيا 2023.
يعود هذا التفوق إلى استراتيجية واضحة وطويلة الأمد تبنتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. من أبرز ملامح هذه الاستراتيجية:
- الاستثمار في البنية التحتية: إنشاء أكاديميات متطورة مثل أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي تعد نموذجًا يحتذى به في إعداد وتكوين المواهب الشابة من خلال برامج تدريبية وعلمية شاملة.
 - التكوين المستمر للمدربين: التركيز على تطوير الكفاءات التدريبية الوطنية وتزويدها بأحدث المعارف والتقنيات الكروية، مع فتح الباب أمام المدربين المؤهلين فقط، بعيدًا عن أي اعتبارات شخصية.
 - البحث عن المواهب: شبكة واسعة لكشف المواهب في الداخل والخارج، خصوصًا من أبناء الجالية المغربية في أوروبا، ودمجهم في المنتخبات الوطنية بعد برامج تأهيل احترافية.
 - الاحترافية في الإدارة: إدارة حكيمة تسعى دائمًا للتطوير ووضع أهداف واقعية وطموحة، مع فصل كامل بين الإدارة الفنية والإدارة الإدارية لضمان الشفافية والفعالية.
 
نقد شوبير للواقع الكروي المصري
على النقيض من النموذج المغربي، يرى أحمد شوبير أن كرة القدم المصرية تعاني من مشكلات هيكلية، أبرزها ظاهرة «المحسوبية» أو «الصحوبية» في اختيار الكوادر الفنية والإدارية، خاصة على مستوى المدربين. حيث يوجه انتقادات لاذعة لعملية اختيار المدربين للمنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها، مؤكدًا أن القرارات غالبًا ما تستند إلى العلاقات الشخصية والولاءات بدلاً من الكفاءة والجدارة والخبرة الفنية.
تتضمن أبرز نقاط نقد شوبير للكرة المصرية ما يلي:
- غياب الرؤية طويلة المدى: عدم وجود خطط استراتيجية واضحة ومستقرة لتطوير كرة القدم، مما يؤدي إلى قرارات عشوائية وتغييرات متكررة في الأجهزة الفنية والإدارية.
 - اختيار المدربين: يُشدد على أن اختيار المدربين يجب أن يتم بناءً على سجلهم التدريبي، فلسفتهم الفنية، وقدرتهم على تطوير اللاعبين، وليس بناءً على صداقات أو علاقات شخصية، مما يحد من فرص الكفاءات الحقيقية.
 - تأثير المحسوبية على الشباب: يؤكد شوبير أن هذه الظاهرة لا تؤثر فقط على المنتخبات الكبرى، بل تمتد لتطال قطاعات الناشئين والشباب، حيث تُفضل بعض الأسماء دون وجه حق، مما يُهدر المواهب ويُعيق تطور الأجيال الجديدة من اللاعبين والمدربين.
 - النتائج المخيبة للآمال: يربط شوبير بين هذه المشاكل الإدارية والنتائج المتذبذبة والمخيبة للآمال التي تحققها المنتخبات المصرية في العديد من البطولات، مقارنة بالإمكانات المتاحة والتاريخ الكروي للبلاد.
 
أهمية هذا النقاش وتداعياته
تكتسب تصريحات أحمد شوبير أهمية كبيرة كونها تصدر من شخصية إعلامية ورياضية ذات ثقل وخبرة واسعة في المشهد الكروي المصري. إنها تفتح الباب أمام نقاش جاد وضروري حول مستقبل كرة القدم المصرية، وتدعو إلى مراجعة شاملة لآليات العمل داخل الاتحاد المصري لكرة القدم والأندية.
إن التركيز على نموذج النجاح المغربي يُعد بمثابة دعوة صريحة للقيادات الرياضية المصرية لتبني معايير الاحترافية والشفافية والكفاءة في جميع مفاصل اللعبة. فالتحديات التي تواجه الكرة المصرية تتطلب حلولاً جذرية تتجاوز مجرد تغيير المدربين أو اللاعبين، بل تمتد لتشمل إعادة هيكلة كاملة للمنظومة الإدارية والفنية لضمان مستقبل أفضل للعبة الشعبية الأولى في مصر. إن هذا النقاش يعكس رغبة جزء كبير من الجماهير والمتابعين في رؤية كرة القدم المصرية تستعيد مكانتها وتتطور بأسس مستدامة مبنية على الجدارة والكفاءة.





