ضياء رشوان يؤكد: التوقيع على الاتفاقيات النهائية مسؤولية الجهة القادرة على التنفيذ
أوضح الدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، مبدأً أساسياً يحكم آليات التوصل إلى اتفاقات في ظل الصراعات الإقليمية الجارية، مؤكداً أن المسؤولية عن التوقيع النهائي على أي اتفاق تقع على عاتق الجهة التي تملك القدرة الفعلية على تنفيذه على أرض الواقع. ويأتي هذا التصريح ليحدد الموقف المصري من إحدى النقاط الإجرائية الهامة في المفاوضات المعقدة، مشدداً على أن الالتزام بالتنفيذ هو جوهر أي عملية تفاوضية ناجحة.
خلفية التصريحات وسياقها
تأتي هذه التوضيحات في خضم جهود دبلوماسية مكثفة تقودها مصر وقطر، وبمشاركة من الولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل المحتجزين والأسرى. وتواجه هذه المفاوضات تحديات متعددة، ليس فقط فيما يتعلق ببنود الاتفاق، ولكن أيضاً حول الإجراءات الشكلية والسياسية، ومنها تحديد الطرف الذي يملك الصفة الرسمية للتوقيع على وثيقة ملزمة.
تكمن أهمية هذا الجدل في الانقسام السياسي الفلسطيني، حيث تمثل السلطة الفلسطينية الكيان المعترف به دولياً، بينما تمارس حركة حماس السلطة الفعلية وتسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007. هذا الواقع يفرض تساؤلاً حول الطرف الذي يمكنه ضمان الالتزام ببنود أي هدنة أو اتفاق داخل القطاع، مما يجعل من تصريح رشوان توضيحاً ضرورياً للمنهجية التي تتبعها الوساطة المصرية.
توضيح الموقف المصري: من يوقع هو من ينفذ
أكد رشوان أن المبدأ الحاكم هو "بحكم الأمر الواقع"، حيث أن التوقيع ليس مجرد إجراء رمزي، بل هو إقرار بالمسؤولية الكاملة عن تطبيق كل ما ورد في الاتفاق. ووفقاً لهذا المنطق، فإن الجهة التي تتفاوض مباشرة وتملك القوة العسكرية والتنظيمية لفرض وقف إطلاق النار على الأرض هي الطرف الذي يجب أن يوقع، لضمان مصداقية الاتفاق وقابليته للتطبيق.
وشدد على أن التفاوض والتوقيع والتنفيذ هي حلقات متصلة لا يمكن فصلها. فالطرف الذي يجلس على طاولة المفاوضات ويقدم التنازلات ويحصل على المكاسب هو نفسه الذي يُلزم بتنفيذها. وأي محاولة للفصل بين هذه الأدوار قد تؤدي إلى اتفاق هش وغير قابل للحياة، وهو ما تسعى الوساطة المصرية إلى تجنبه من خلال التركيز على الجانب العملي والواقعي.
الأبعاد السياسية والدلالات
يحمل هذا الموقف دلالات سياسية هامة، فهو يمثل اعترافاً ضمنياً من قبل الوسيط الرئيسي بالدور المحوري للجهات الفاعلة على الأرض، بغض النظر عن وضعها السياسي أو الاعتراف الدولي بها. هذا النهج البراغماتي يهدف إلى تحقيق نتائج ملموسة عبر التعامل مع الواقع كما هو، وليس كما يُفترض أن يكون.
يمكن فهم هذا التوجه في عدة نقاط رئيسية:
- التركيز على الفعالية: إعطاء الأولوية لضمان أن يكون الاتفاق قابلاً للتطبيق ومستداماً، بدلاً من التركيز على شكليات قد تعرقل التوصل إليه.
 - الواقعية السياسية: الاعتراف بأن نجاح أي وساطة يعتمد على إشراك الأطراف التي تملك نفوذاً حقيقياً وقدرة على ضبط الأوضاع.
 - تحديد المسؤوليات: وضع إطار واضح للمساءلة، حيث إن الجهة الموقعة هي التي ستكون مسؤولة أمام الوسطاء والمجتمع الدولي عن أي خرق للاتفاق.
 
التأثير على مسار المفاوضات
من خلال هذا التوضيح، تهدف مصر إلى إزالة أي التباس قد يعرقل تقدم المفاوضات، وتوجيه رسالة واضحة لجميع الأطراف بأن التركيز يجب أن ينصب على جوهر الاتفاق وضمانات تنفيذه. ويعكس هذا الموقف الدور المصري كوسيط يسعى لإيجاد حلول عملية ومستدامة، مستنداً إلى خبرته الطويلة في إدارة الأزمات الإقليمية. وبوصفه رئيساً للهيئة العامة للاستعلامات، فإن تصريحات رشوان غالباً ما تعبر عن وجهة النظر الرسمية للدولة المصرية، مما يمنحها وزناً وثقلاً في الأوساط الدبلوماسية المعنية.