عبير فريد شوقي: رحلة اكتشاف الذات في عالم الفن التشكيلي
في حوار صحفي نُشر مؤخرًا بتاريخ 25 أكتوبر 2023، كشفت الفنانة والكاتبة عبير فريد شوقي، ابنة الفنانين القديرين فريد شوقي وهدى سلطان، عن تحول محوري في مسيرتها الشخصية والفنية، مؤكدة أنها وجدت "ضالتها" وشغفها الحقيقي في عالم الفن التشكيلي. يمثل هذا التصريح نقلة نوعية في حياة شخصية ارتبط اسمها لعقود طويلة بالحفاظ على إرث عائلي فني عظيم، لتعلن اليوم عن وجهة جديدة للتعبير عن ذاتها عبر الألوان والأشكال، وهو ما يعكس بعدًا جديدًا لشخصيتها المتعددة الأوجه.

عبير فريد شوقي: من إرث العائلة إلى التعبير الشخصي
تُعرف عبير فريد شوقي كشخصية ثقافية بارزة، ليس فقط لكونها وريثة لعملاقين من عمالقة الفن المصري، بل أيضًا لجهودها المستمرة في توثيق وحفظ أعمال والديها، ودورها في إدارة أرشيفهما الفني الضخم الذي يمثل جزءًا لا يتجزأ من تاريخ السينما المصرية والدراما العربية. لطالما كانت جزءًا من المشهد الثقافي من خلال الكتابة والفعاليات التي تسلط الضوء على سيرة فريد شوقي وهدى سلطان، مما جعلها حارسة أمينة على ذاكرة فنية غنية. ومع ذلك، لم تكن رحلتها الفنية المباشرة في مجال الإبداع البصري واضحة للعلن بنفس القدر. تؤكد عبير أن هذا الشغف الجديد لم يأتِ من فراغ، بل هو تتويج لمسار داخلي طويل من البحث والتأمل، سعياً منها لإيجاد صوت فني خاص بها يتجاوز حدود الإرث العائلي.
الفن التشكيلي: ملاذ روحي ومساحة للإبداع
في تفاصيل الحوار، أوضحت عبير فريد شوقي أن الفن التشكيلي، وتحديدًا الرسم، قدم لها مساحة فريدة للتعبير عن مشاعرها وأفكارها التي ربما لم تستطع الكلمات وحدها التعبير عنها بالكامل. بدأت رحلتها مع الألوان والفرشاة كنوع من الاستكشاف الذاتي، لتتحول تدريجيًا إلى شغف عميق وممارسة منتظمة. لم تكن تبحث عن اعتراف فني بالدرجة الأولى، بقدر ما كانت تبحث عن وسيلة للتواصل مع جوهرها الداخلي وتحقيق حالة من الصفاء والسكينة بعيدًا عن الأضواء.
- بداية الرحلة: وصفت بداياتها بأنها كانت محاولة لإيجاد متنفس جديد بعيدًا عن ضغوط الحياة ومسؤولية الحفاظ على الإرث الفني الكبير الذي يحمله اسم عائلتها.
 - مصدر الإلهام: أشارت إلى أن إلهامها يأتي من الحياة اليومية، من الذكريات العائلية العميقة التي شكلتها، ومن التراث المصري الغني الذي طالما تشبعت به، بالإضافة إلى التأثر بالطبيعة والمشاعر الإنسانية المتنوعة.
 - الأسلوب الفني: تُفضل استخدام الألوان الزاهية والخطوط التعبيرية التي تعكس طاقة وحيوية، مع التركيز على مواضيع تعبر عن الهوية والمشاعر الإنسانية المعقدة، محاولةً دائمًا إبراز الجانب الروحاني والعميق في أعمالها.
 
معارض ومشاركات: تجسيد للشغف والاعتراف
على الرغم من أن تركيزها الأساسي ينصب على المتعة الشخصية والإشباع الروحي، إلا أن أعمال عبير فريد شوقي بدأت تحظى باهتمام الأوساط الفنية. شاركت مؤخرًا في عدة معارض فنية جماعية، وكان آخرها معرض أقيم في شهر سبتمبر الماضي، حيث لاقت أعمالها استحسان النقاد والجمهور على حد سواء. هذه المشاركات لم تكن مجرد عرض لأعمالها، بل كانت بمثابة تأكيد على مدى جديتها وتفانيها في هذا المجال. تُبرز هذه التجارب أن الفنانة لا تكتفي بكونها ابنة عمالقة الفن، بل تسعى لتكوين بصمتها الفنية الخاصة والمستقلة، مؤكدة أن الإبداع لا يورث فقط بل يكتسب بالاجتهاد والشغف.
رؤية مستقبلية وطموحات فنية
تطمح عبير فريد شوقي إلى مواصلة تطوير موهبتها وتوسيع آفاقها في الفن التشكيلي. وهي تخطط للمزيد من المشاركات في المعارض، وربما إقامة معرضها الفردي الأول في المستقبل القريب، والذي من المتوقع أن يقدم نظرة أعمق لعالمها الفني. ترى أن الفن التشكيلي يمثل إضافة حقيقية لمسيرتها، وأنه يمنحها صوتًا جديدًا للتعبير والتواصل مع الجمهور على مستوى مختلف. كما أنها تأمل أن يكون شغفها هذا مصدر إلهام للآخرين لاكتشاف مواهبهم الكامنة ومتابعة أحلامهم الفنية، بغض النظر عن خلفياتهم أو أعمارهم. هذه الرحلة الفنية تُثري ليس فقط حياتها الشخصية، بل تساهم أيضًا في إثراء المشهد الثقافي والفني في مصر، مؤكدة أن الإبداع لا يعرف حدودًا أو قوالب جاهزة.
يُعد الكشف عن هذه الوجهة الفنية الجديدة لعبير فريد شوقي بمثابة شهادة على قوة الفن في توفير مساحة للتعبير عن الذات واكتشاف أبعاد جديدة للشخصية. إنها رحلة تتجاوز كونها مجرد هواية، لتصبح جزءًا لا يتجزأ من هويتها ورؤيتها للحياة، وتُقدم نموذجًا ملهمًا للبحث الدائم عن الشغف الحقيقي والعثور على المعنى في أشكال التعبير المختلفة.




