عم أشرف: فنان البحيرة الذي أسعد الأجيال بفن الرسم على الوجوه
في قلب محافظة البحيرة، تتجلى قصة إنسانية وفنية فريدة لفنان تجاوز حدود الرسم التقليدي ليلامس قلوب الآلاف من الأطفال واليافعين. عم أشرف أنور، المعروف بـ "عم أشرف"، ليس مجرد رسام وجوه عادي، بل هو أيقونة مجتمعية ارتبط اسمه بالبهجة والضحكات البريئة على مدى ربع قرن من الزمن. في تقرير حديث نشر في منتصف شهر أكتوبر الجاري، سلّط الضوء على مسيرته الاستثنائية التي جعلت منه أشهر فنان رسم على الوجوه في المنطقة، محولاً الأوجاع الصغيرة إلى ابتسامات كبيرة والوجوه العادية إلى لوحات فنية حية، ليؤكد أن الفن أشكال متعددة، وأن السعادة يمكن أن تُصنع بأبسط الأدوات وأصدق المشاعر.
خلفية فنية ومسيرة ربع قرن من البهجة
بدأ عم أشرف مسيرته الفنية في عالم الرسم على الوجوه قبل خمسة وعشرين عامًا، مدفوعًا بشغف حقيقي لإدخال السعادة إلى قلوب الأطفال. في تلك الفترة، لم تكن مهنة الرسم على الوجوه منتشرة بشكل كبير في المجتمعات المحلية، مما استدعى منه جهدًا مضاعفًا لإرساء أسسها وإقناع الجمهور بقيمتها. لم تكن البدايات سهلة، ففنان الرسم على الوجوه في مجتمع كالمجتمع المصري يتطلب إصرارًا وموهبة خاصة لإثبات الذات وبناء قاعدة جماهيرية. بفضل موهبته الفطرية في التقاط التفاصيل، وحسه الفني في اختيار الألوان وتناغمها، وقدرته الفريدة على التواصل مع الأطفال، سرعان ما اكتسب عم أشرف شهرة واسعة، ليصبح علامة فارقة لا غنى عنها في المناسبات الاحتفالية والفعاليات المجتمعية في البحيرة، من أعياد الميلاد والاحتفالات المدرسية إلى المهرجانات الكبرى والأسواق المحلية. لم يقتصر عمله على الرسم فحسب، بل امتد ليشمل فهم نفسية الطفل، واختيار التصاميم التي تعكس شخصياتهم وتطلعاتهم، سواء كانت رسومات لشخصيات كرتونية محبوبة، أو أبطال خارقين، أو حتى أشكالًا فنية تجريدية، مما جعل كل تجربة رسم معه فريدة من نوعها ومصدرًا للدهشة.
على مدار هذه السنوات الطويلة، شهدت محافظة البحيرة تطورًا كبيرًا في تنظيم الفعاليات المجتمعية والثقافية، وواكب عم أشرف هذا التطور بمرونة ملحوظة، محافظًا على مستوى إبداعه وتجديده المستمر لأدواته وتصاميمه. لقد سعى دائمًا لتعلم تقنيات جديدة واستخدام مواد آمنة على بشرة الأطفال، مما أكسبه ثقة الآباء والأمهات. لقد عمل في مختلف الفعاليات، من أعياد الميلاد البسيطة إلى المهرجانات الكبرى والاحتفالات العامة، تاركًا بصمته المبهجة وابتسامته الودودة في كل مكان يحل به.
تأثير مجتمعي وإلهام للأجيال القادمة
ما يميز قصة عم أشرف ليس فقط براعته الفنية ومهارته في استخدام الفرشاة والألوان، بل تأثيره العميق على النسيج المجتمعي لمحافظة البحيرة. لقد أصبح جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة الطفولة لأجيال كاملة في البحيرة، فهو ليس مجرد مقدم خدمة، بل هو صانع ذكريات لا تُنسى. الكثيرون ممن كانوا أطفالاً ورُسم على وجوههم في الماضي، أصبحوا اليوم آباءً وأمهات يحضرون أطفالهم ليحظوا بنفس التجربة السعيدة، في ظاهرة فريدة من نوعها تدل على جودة فنه وصدق مشاعره تجاه عمله. هذا التوارث للبهجة عبر الأجيال هو شهادة حية على الإرث الثقافي والاجتماعي الذي يبنيه عم أشرف بابتسامة وخطوط ألوان.
كما أن عمله يمثل مصدر إلهام حقيقي للعديد من الشباب الطموح في مجال الفنون غير التقليدية. لقد أثبت عم أشرف أن الفن لا يقتصر على اللوحات الجدارية أو المعارض الفنية الفخمة، بل يمكن أن يتخذ أشكالاً متعددة، ويمكن أن يكون تفاعليًا وموجهًا لإدخال السعادة المباشرة إلى النفوس، ويقدم قيمة حقيقية للمجتمع بطرق غير متوقعة. رسالته بسيطة وعميقة في آن واحد، وهي جوهر فلسفته في الحياة: "أسعد لحظة عندي في الدنيا لما أشوف الضحكة على وشوش الأطفال". هذه الكلمات تلخص الدافع النبيل وراء استمراريته وشغفه الذي لا ينضب، وتُبرز المعنى الحقيقي للفنان الذي يعطي من قلبه قبل أن يعطي من يده.
الاستمرارية والتحديات المستقبلية
في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم وتوجه الأجيال الجديدة نحو أشكال ترفيهية أكثر حداثة، يظل فن الرسم على الوجوه يحظى بمكانة خاصة، فهو يمثل لحظة من السحر والتحول، ويقدم ملاذًا للبهجة واللعب البريء في عالم يزداد تعقيدًا. عم أشرف، على الرغم من السنوات الطويلة التي قضاها في المهنة وتجاوزه لمراحل عمرية متقدمة، لا يزال يمتلك نفس الحماس والطاقة والرغبة في الاستمرار في عمله، مؤكدًا أنه سيظل يمارس هذه المهنة "طول ما فيا نفس". هذا الالتزام يعكس أهمية الفنون البسيطة التي تلامس الروح وتخلق ذكريات لا تُنسى، ويؤكد على أن الشغف الحقيقي لا يتأثر بمرور الزمن. من المتوقع أن يظل عم أشرف، بفنه وخلقه، مصدر إلهام وموردًا لا ينضب للبهجة في محافظة البحيرة لسنوات قادمة، محافظًا على تقاليده الفنية ومطورًا لها لتلبية أذواق الأجيال الجديدة مع الحفاظ على بصمته الخاصة التي ميزته على مدار عقود.





