في ظهور استثنائي بعد غياب طويل.. الفنانة نجاة الصغيرة تطل على جمهورها من الأوبرا المصرية
في حدث فني وثقافي لافت، شهدت دار الأوبرا المصرية في أوائل شهر فبراير 2024 ظهوراً نادراً للفنانة المصرية الكبيرة نجاة الصغيرة، التي ابتعدت عن الأضواء والحياة العامة منذ سنوات طويلة. جاء ظهورها خلال حضورها حفلاً موسيقياً للمؤلف الموسيقي خالد حماد، مما أثار اهتماماً واسعاً في الأوساط الفنية والإعلامية، وأعاد إلى الأذهان مسيرتها الفنية الحافلة التي جعلتها إحدى أيقونات الطرب العربي.

تفاصيل الظهور في الأوبرا
حضرت الفنانة القديرة الحفل الذي أقيم على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية تحت عنوان "ساوند تراك"، والذي قدم خلاله الموسيقار خالد حماد مجموعة من أشهر أعماله الموسيقية التصويرية للأفلام والمسلسلات. وبمجرد دخولها إلى القاعة، استقبلها الجمهور بحفاوة بالغة وتصفيق حار استمر لعدة دقائق، في تعبير عن تقديرهم العميق لتاريخها الفني ومكانتها في قلوبهم. وقد حرصت وزيرة الثقافة المصرية، الدكتورة نيفين الكيلاني، على استقبالها والترحيب بها شخصياً، تقديراً لمسيرتها الفنية الفريدة.
وُثّق هذا الظهور من خلال العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث بدت الفنانة بصحة جيدة ومحتفظة بهدوئها المعهود. ورغم أنها لم تقدم أي أداء غنائي، إلا أن مجرد حضورها كان كافياً ليكون الحدث الأبرز في تلك الليلة، وليصبح حديث وسائل الإعلام المصرية والعربية التي سلطت الضوء على هذا الظهور الاستثنائي.
خلفية عن غياب أيقونة الغناء العربي
تُعد نجاة الصغيرة، التي ولدت في عام 1938، واحدة من أبرز وأهم المطربات في تاريخ الموسيقى العربية. بدأت مسيرتها الفنية في سن مبكرة، وتميزت بصوتها العذب وإحساسها العميق وقدرتها على أداء الأغاني الطويلة والمعقدة ببراعة فائقة. قدمت خلال مسيرتها عشرات الأغاني التي أصبحت كلاسيكيات خالدة، من أشهرها "عيون القلب"، "أنا بعشق البحر"، "لا تكذبي"، و"إلى حبيبي".
في عام 2002، اتخذت الفنانة نجاة قراراً بالاعتزال والابتعاد بشكل كامل عن الساحة الفنية والحياة العامة، مفضلة حياة هادئة بعيداً عن الأضواء. ومنذ ذلك الحين، أصبحت إطلالاتها نادرة للغاية، مما جعل كل ظهور لها بمثابة حدث كبير ينتظره جمهورها بشغف. وكان آخر ظهور فني بارز لها قبل سنوات قليلة، حين قدمت أغنية مسجلة بعنوان "كل الكلام" في عام 2017، كما تم تكريمها في حفل توزيع جوائز "جوي أووردز" في العاصمة السعودية الرياض في وقت سابق من عام 2024، حيث ظهرت وغنت مقطعاً قصيراً على المسرح.
أهمية الحدث ودلالاته
يكتسب ظهور نجاة الصغيرة في الأوبرا المصرية أهمية خاصة لعدة أسباب. أولاً، يمثل هذا الحضور رسالة طمأنة لجمهورها العريض حول حالتها الصحية، كما يعكس ارتباطها الوثيق بالمشهد الفني والثقافي في مصر رغم ابتعادها. ثانياً، يُعتبر ظهورها بمثابة جسر يربط بين الأجيال، حيث يعيد إلى الواجهة قيمة الفن الأصيل والزمن الجميل الذي تمثله. وأخيراً، يؤكد الحدث على المكانة الرفيعة التي لا تزال تتمتع بها الفنانة في الوجدان العربي، حيث يبقى حضورها، حتى وإن كان صامتاً، قادراً على خطف الأنظار وإثارة موجة من الحنين والتقدير.
وقد انعكس ذلك بوضوح في ردود الفعل الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر آلاف المستخدمين من مختلف الأجيال عن سعادتهم برؤيتها، متداولين أغانيها القديمة ومستذكرين تأثيرها الكبير في تشكيل ذائقتهم الفنية. وبذلك، لم يكن ظهورها مجرد خبر عابر، بل احتفالية ثقافية بمسيرة فنانة استثنائية طبعت بصوتها تاريخ الموسيقى العربية.





