قبل انطلاق أسبوع الأزياء في الرياض.. استكشاف أسلوب فيفيان ويستوود الفريد في التصميم
مع اقتراب انطلاق فعاليات أسبوع الأزياء المرتقب في الرياض، تتجه الأنظار نحو المشاركات البارزة في هذا الحدث العالمي. ومن بين العلامات التجارية التي تثير اهتماماً خاصاً، يأتي اسم فيفيان ويستوود، المصممة البريطانية الأيقونية التي لطالما عرفت بأسلوبها الثوري وتصاميمها الجريئة. إن وجود علامتها ضمن جدول اليوم الافتتاحي لأسبوع الأزياء في الرياض لا يمثل مجرد مشاركة عادية، بل هو فرصة للغوص في إرث فني وثقافي عميق، وفهم النهج الفريد الذي اتبعته هذه المصممة في صياغة مفهوم الموضة لأكثر من خمسة عقود. يدعونا هذا الحدث إلى استعراض رحلة امرأة لم تكتفِ بتصميم الملابس، بل استخدمتها كمنصة للتعبير عن الأفكار، وكسر القوالب، وتحدي التقاليد الراسخة.

خلفية: من هي فيفيان ويستوود؟
لم يكن تصنيف فيفيان ويستوود كواحدة من أكثر الفنانين تأثيراً في بريطانيا خلال الخمسين عاماً الماضية من فراغ، بل كان نتاجاً لمسيرة فنية حافلة بالجرأة والابتكار. وُلدت ويستوود عام 1941، وبدأت مسيرتها في عالم الموضة في سبعينيات القرن الماضي، وارتبط اسمها ارتباطاً وثيقاً بظهور حركة البانك الثورية. بالتعاون مع شريكها آنذاك، مالكولم ماكلارين، افتتحت متجرها الشهير "SEX" في لندن عام 1974، والذي سرعان ما أصبح مركزاً لحركة البانك، مقدماً أزياءً لم تكن مجرد ملابس، بل كانت بياناً سياسياً واجتماعياً. تحدت ويستوود المؤسسة السائدة من خلال تصاميمها التي استخدمت الدبابيس والأقمشة الممزقة والجلد وأزياء "البوندج" (Bondage wear)، محولة بذلك الملابس إلى أداة قوية للتعبير عن السخط والتمرد على الأعراف.
تميزت تصاميمها الأولى، المتأثرة بشكل كبير بجمالية البانك، بالخروج عن المألوف والرفض الصريح للخطوط العصرية السائدة. لم تكن مهتمة بالجماليات التقليدية، بل كانت تسعى لإثارة النقاش، وتقديم رؤية جديدة تتجاوز حدود الأناقة المتوقعة. كانت ويستوود رائدة في دمج عناصر من الثقافات الفرعية مع لمسات راقية، مما خلق توتراً جذاباً في أعمالها أصبح علامتها الفارقة.
جوهر أسلوبها في التصميم
يمكن وصف أسلوب فيفيان ويستوود بأنه "فوضوي" في مظهره الخارجي، إلا أنه كان متجذراً بعمق في مراجع تاريخية غنية. استوحت ويستوود إلهامها من عصور مختلفة، فدمجت تقنيات تصميم الأزياء الراقية مع عناصر من أزياء الشارع، والتفصيل البريطاني التقليدي مع روح التمرد من الثقافات الفرعية. من أبرز سمات أسلوبها:
- التفكيك واللا تماثل: كانت ويستوود تعيد تشكيل القطع الكلاسيكية، وتفككها لتعرض الأجزاء الداخلية، أو لتقديم خطوط غير متماثلة تكسر النمط التقليدي.
- التأثيرات التاريخية: اشتهرت بإعادة إحياء عناصر من الأزياء التاريخية، مثل الكورسيهات من القرن الثامن عشر، والعناصر الفيكتورية، ولكن بلمسة عصرية ومتمردة. كانت قادرة على مزج هذه المراجع مع جماليات البانك والغوثيك ببراعة فريدة.
- الجرأة في الألوان والمطبوعات: استخدمت الألوان الزاهية والمطبوعات الصادمة والرسومات الجرافيكية التي تحمل رسائل سياسية واجتماعية، مما جعل تصاميمها نابضة بالحياة ومعبرة.
- التركيز على الفردية: آمنت ويستوود بأن الأزياء يجب أن تكون وسيلة للتعبير عن هوية الفرد وشخصيته، وليس مجرد اتباع للموضة السائدة. شجعت تصاميمها على التميز والتفرد.
- الالتزام البيئي: في مراحل لاحقة من حياتها المهنية، أصبحت ناشطة بيئية بارزة، ودمجت قضايا الاستدامة والتوعية البيئية في صميم علامتها التجارية، داعية إلى "الشراء أقل، والاختيار بعناية، وجعل القطعة تدوم."
تأثيرها وإرثها المستمر
تجاوزت أعمال فيفيان ويستوود مجرد الاتجاهات العابرة لتؤسس لها مكانة كأيقونة ثقافية حقيقية. فقد مهدت الطريق أمام مصممين آخرين لتحدي الحدود وطرح تساؤلات حول المعايير الجمالية التقليدية. استمرت علامتها التجارية في الازدهار حتى بعد وفاتها في ديسمبر 2022، محافظة على هويتها المميزة التي تجمع بين التمرد والأناقة الكلاسيكية. تُعد تصاميمها، التي غالباً ما وُصفت بأنها "استفزازية" أو "غير تقليدية"، الآن عناصر أساسية في تاريخ الموضة الحديثة.
إن مشاركة علامة فيفيان ويستوود في أسبوع الأزياء بالرياض هي دليل على التأثير العالمي المستمر لرؤيتها، وتعريف لجمهور جديد في منطقة الشرق الأوسط بجمالياتها الثورية. تعكس هذه المشاركة الحوار الدائر بين تراث الموضة العالمي العريق والتطورات المعاصرة في المشهد الإقليمي. كما أنها تسلط الضوء على انفتاح الرياض على أطياف أوسع من الإبداع والتعبير في عالم الأزياء، وتقديرها للقوة التحويلية التي يمكن أن تمتلكها الموضة. إنها فرصة للجيل الجديد من عشاق الموضة للاطلاع عن كثب على إرث مصممة لم تكن مجرد صانعة للملابس، بل كانت صانعة للتاريخ، وأيقونة للثقافة المضادة، وفنانة تجاوزت حدود القماش والخياطة لتترك بصمة لا تُمحى.
بينما تستعد الرياض لاستضافة أسبوع الموضة الخاص بها، يقدم استعراض رحلة فيفيان ويستوود لمحة ثاقبة عن كيفية أن تكون الموضة وسيلة قوية للتغيير، والفن، والتعبير عن الهوية. إرثها لا يزال يلهم ويحرض، ليثبت أن الأسلوب الحقيقي خالد ولا يخشى تحدي الوضع الراهن.





