قضايا الزمالك لدى الفيفا: أزمات متلاحقة تهدد استقرار النادي
يواجه نادي الزمالك المصري، أحد أكبر الأندية في أفريقيا والشرق الأوسط، سلسلة معقدة من القضايا لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والتي تمثل تحديًا كبيرًا لاستقراره المالي والرياضي. هذه الأزمات، التي تراكمت على مدار سنوات نتيجة قرارات إدارية سابقة، أدت إلى فرض عقوبات قاسية على النادي، أبرزها غرامات مالية ضخمة وعقوبة إيقاف القيد التي تمنعه من تسجيل لاعبين جدد لفترات متعددة، مما يعرقل مساعيه لتعزيز صفوفه والمنافسة بقوة على الألقاب المحلية والقارية.

خلفية الأزمات المتراكمة
تعود جذور مشاكل الزمالك مع الفيفا إلى نزاعات تعاقدية متكررة مع لاعبين ومدربين أجانب. غالبًا ما كانت هذه النزاعات تنشأ بسبب التأخر في سداد المستحقات المالية أو فسخ العقود من جانب واحد دون وجه حق، مما يدفع الطرف المتضرر إلى اللجوء للمحاكم الرياضية الدولية. على مر السنين، تحولت هذه القضايا الفردية إلى عبء مالي وإداري ضخم، حيث فشلت إدارات متعاقبة في تسوية هذه الملفات بشكل ودي أو في الوقت المناسب، مما أدى إلى تفاقمها ووصولها إلى مراحل متأخرة من التقاضي أمام الفيفا ومحكمة التحكيم الرياضي (كاس).
أبرز القضايا الحالية وتداعياتها
تتعدد القضايا التي شكلت مصدر قلق كبير للنادي ومحبيه في الفترة الأخيرة، ومن أبرزها:
- قضية خالد بوطيب: تُعد هذه القضية من أكبر الأزمات المالية التي واجهها النادي مؤخرًا. اللاعب المغربي خالد بوطيب حصل على حكم نهائي من محكمة التحكيم الرياضي بأحقيته في الحصول على مبلغ يقدر بنحو 2.4 مليون يورو، بعد أن اعتبرت المحكمة فسخ عقده غير قانوني. هذا الحكم تسبب في فرض عقوبة إيقاف القيد على النادي حتى سداد المبلغ بالكامل.
- قضية جيمي باتشيكو: المدرب البرتغالي جيمي باتشيكو وطاقمه المساعد لجأوا أيضًا للفيفا بسبب عدم الحصول على رواتبهم المتأخرة، وصدر حكم يلزم الزمالك بدفع ما يقارب 450 ألف يورو. وقد سعت الإدارة الحالية لحل هذه القضية عبر جدولة المستحقات لرفع إيقاف القيد المرتبط بها.
- قضايا أخرى: إلى جانب القضايا الكبرى، هناك ملفات أخرى أقل حجمًا لكنها تساهم في زيادة العبء المالي، مثل مستحقات مساعد المدرب السابق روي أجواش، وقضايا قديمة مثل قضية اللاعب الغاني بنجامين أشيمبونج، والتي تتطلب جميعها تسويات مالية عاجلة لتجنب عقوبات إضافية.
تأثير العقوبات على مستقبل النادي
تترتب على هذه القضايا آثار سلبية عميقة تتجاوز الجانب المالي. فعقوبة إيقاف القيد، التي تكررت أكثر من مرة، تُعد السلاح الأكثر ضررًا، حيث تمنع النادي من تدعيم صفوفه بلاعبين جدد، مما يؤدي إلى تراجع المستوى الفني للفريق ويصعّب من مهمة المنافسة، خاصة مع رحيل بعض النجوم الأساسيين. كما تؤثر الغرامات المالية الضخمة على ميزانية النادي، وتعيق قدرته على تطوير البنية التحتية أو الاستثمار في قطاعات الناشئين، بالإضافة إلى الإضرار بسمعة النادي على الساحة الدولية، مما قد يجعل من الصعب استقطاب لاعبين ومدربين مميزين في المستقبل.
جهود الإدارة الحالية لحل الأزمة
مع تولي مجلس الإدارة الجديد مهامه أواخر عام 2023، تم وضع ملف قضايا الفيفا على رأس الأولويات. بدأت الإدارة الحالية، برئاسة حسين لبيب، في اتخاذ خطوات جادة نحو حل هذه الأزمات المتراكمة. شملت هذه الجهود التواصل المباشر مع الأطراف المعنية للتفاوض حول جدولة الديون وتسديد جزء كبير منها. وقد نجحت هذه المساعي في فترات مختلفة في رفع إيقاف القيد مؤقتًا بعد تسوية بعض الملفات، مما سمح للنادي بإبرام صفقات جديدة. وتؤكد الإدارة باستمرار على التزامها بإنهاء جميع القضايا العالقة واعتماد سياسات تعاقدية ومالية أكثر حزمًا لتجنب تكرار مثل هذه المشاكل في المستقبل، في محاولة لاستعادة الاستقرار الكامل للنادي.





