قفزة في معدلات النشاط البدني بالسعودية: 60% من السكان يمارسون الرياضة 150 دقيقة أسبوعياً
أظهرت بيانات حديثة صدرت مؤخرًا تقدمًا ملحوظًا في مستويات النشاط البدني بين سكان المملكة العربية السعودية. وتشير هذه البيانات إلى أن قرابة 60% من المقيمين في السعودية يمارسون الرياضة لمدة 150 دقيقة على الأقل أسبوعيًا، وهو ما يمثل إنجازًا بارزًا يتوافق مع الأهداف الطموحة لـرؤية السعودية 2030 وبرنامج جودة الحياة. هذا التحسن يعكس الجهود المكثفة المبذولة لتعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض المرتبطة بنمط الحياة الخامل.

الخلفية والأهداف الوطنية
لطالما كانت المملكة العربية السعودية تضع تعزيز الصحة العامة والنشاط البدني في صميم أولوياتها التنموية. ومع إطلاق رؤية السعودية 2030، تم تحديد أهداف واضحة لزيادة نسبة ممارسي الرياضة بانتظام، وذلك ضمن إطار برنامج جودة الحياة الذي يهدف إلى تحسين نمط حياة الأفراد والأسرة وتوفير بيئة داعمة لرفاهيتهم. وقد جاء هذا التركيز استجابة لتحديات صحية مثل ارتفاع معدلات السمنة والأمراض المزمنة المرتبطة بقلة الحركة.
تُعد الهيئة العامة للرياضة (التي أصبحت الآن وزارة الرياضة) والاتحاد السعودي للرياضة للجميع (SFA) من أبرز الجهات التي قادت هذه الجهود. وقد عملت هذه الجهات على إطلاق مبادرات وبرامج مجتمعية متنوعة، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية لتشجيع جميع شرائح المجتمع على تبني أسلوب حياة أكثر نشاطًا. وتعتبر الـ150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل أسبوعيًا معيارًا عالميًا توصي به منظمة الصحة العالمية للحفاظ على صحة جيدة.
تفاصيل الإنجازات المحققة
يُعد الوصول إلى نسبة 60% من السكان الذين يمارسون الرياضة لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا مؤشرًا قويًا على نجاح البرامج التوعوية والمبادرات الحكومية. وقد شملت هذه المبادرات:
- تطوير المرافق الرياضية: زيادة عدد الحدائق العامة والمماشي ومسارات الدراجات الهوائية في المدن والبلدات لتسهيل الوصول إلى أماكن ممارسة الرياضة.
 - المبادرات المجتمعية: تنظيم الفعاليات الرياضية الجماهيرية مثل الماراثونات، وسباقات المشي، والمسابقات الرياضية التي تستهدف جميع الأعمار والقدرات.
 - البرامج التوعوية: حملات إعلامية مكثفة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لتثقيف الجمهور حول أهمية النشاط البدني وفوائده الصحية.
 - الشراكات: التعاون مع القطاع الخاص والمدارس والجامعات لدمج النشاط البدني في الروتين اليومي للأفراد والطلاب.
 - التقنيات الحديثة: الاستفادة من التطبيقات الذكية والمنصات الرقمية لتشجيع الأفراد على تتبع نشاطهم وتحفيزهم على الاستمرارية.
 
هذه الجهود المتضافرة أدت إلى تغيير ثقافي تدريجي، حيث أصبحت الرياضة جزءًا لا يتجزأ من نمط حياة عدد متزايد من السعوديين، مما يعكس وعيًا متناميًا بأهميتها.
الأهمية والآثار المترتبة
يمتد تأثير هذه القفزة في معدلات النشاط البدني إلى ما هو أبعد من مجرد الأرقام، حيث تحمل في طياتها آثارًا إيجابية عميقة على مستويات متعددة:
- الصحة العامة: يسهم النشاط البدني المنتظم في الحد من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة غير المعدية مثل السكري من النوع الثاني، أمراض القلب والأوعية الدموية، وبعض أنواع السرطان. كما يساعد في إدارة الوزن وتحسين اللياقة البدنية بشكل عام.
 - الصحة النفسية: تُعرف الرياضة بقدرتها على تحسين المزاج وتقليل مستويات التوتر والقلق، مما يعزز الصحة النفسية للأفراد ويزيد من شعورهم بالرفاهية.
 - الآثار الاقتصادية: على المدى الطويل، من المتوقع أن تؤدي زيادة النشاط البدني إلى خفض الأعباء على النظام الصحي من خلال تقليل الحاجة إلى العلاج للأمراض المرتبطة بالخمول، وبالتالي توفير الموارد.
 - الترابط الاجتماعي: غالبًا ما تُمارس الأنشطة البدنية في مجموعات أو في الأماكن العامة، مما يعزز التفاعل الاجتماعي ويقوي الروابط المجتمعية ويخلق بيئة اجتماعية أكثر حيوية.
 - جودة الحياة: بشكل عام، يسهم هذا التحول في تعزيز جودة حياة السكان، بما يتوافق مع الأهداف الأساسية لـبرنامج جودة الحياة ضمن رؤية 2030.
 
التحديات والمسار المستقبلي
على الرغم من الإنجازات الكبيرة، لا تزال هناك تحديات تتطلب اهتمامًا مستمرًا. فمنها الحاجة إلى الحفاظ على هذا الزخم وضمان استمرارية المشاركة، وتوسيع نطاق المبادرات لتشمل جميع الفئات العمرية والاجتماعية، وخاصة تلك التي لم تصل إليها بعد معدلات النشاط المستهدفة. كما تمثل الظروف المناخية في بعض أوقات العام تحديًا يتطلب توفير خيارات بديلة لممارسة الرياضة في الأماكن المغلقة.
تتطلع المملكة إلى مواصلة تعزيز ثقافة النشاط البدني من خلال الاستثمار في المزيد من المرافق، وتقديم برامج مبتكرة، وتوظيف التقنيات الحديثة، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص. الهدف هو ترسيخ النشاط البدني كجزء أساسي من الحياة اليومية لكل فرد في المجتمع، وصولاً إلى مجتمع سعودي يتمتع بصحة أفضل ولياقة أعلى وجودة حياة معززة، بما يتماشى مع التطلعات المستقبلية للقيادة الحكيمة.





