قلق في ريال مدريد: هل يتأثر ألونسو بـ"نمط أنشيلوتي" التدريبي؟
الحديث المتزايد في أوساط كرة القدم الأوروبية، وخاصة داخل نادي ريال مدريد، يدور حول مستقبل القيادة الفنية للفريق، وتأثير الأنماط التدريبية السائدة على الخيارات المستقبلية. مع الأداء المبهر الذي يقدمه تشابي ألونسو كمدرب لبوروسيا ليفركوزن، تبرز تساؤلات حول مدى تأثره بالمدربين الذين عمل معهم، وفي مقدمتهم كارلو أنشيلوتي، المدير الفني الحالي للميرنغي. هذا الجدل يطرح مخاوف معينة في العاصمة الإسبانية بشأن ما إذا كانت بعض "خصائص" أنشيلوتي التدريبية، التي أثارت نقاشاً في السابق، قد تتجسد في مسيرة ألونسو التدريبية المحتملة في المستقبل.

خلفية الموضوع
تولى كارلو أنشيلوتي تدريب ريال مدريد لولايتين، وحقق خلالهما نجاحات باهرة، أبرزها الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا مرتين. يُعرف أنشيلوتي بخبرته الواسعة وقدرته على إدارة النجوم الكبار. في المقابل، يُعد تشابي ألونسو أحد أبرز خريجي أكاديمية ريال مدريد، ولاعباً سابقاً تألق تحت قيادة أنشيلوتي نفسه في فترة سابقة. بعد اعتزاله اللعب، انخرط ألونسو في عالم التدريب، وبدأ بصعود صاروخي مع باير ليفركوزن، حيث يقدم مستويات استثنائية جعلت فريقه ينافس بقوة على الألقاب المحلية في الموسم الحالي 2023-2024.
تاريخياً، يُنظر إلى أنشيلوتي كمدرب يمتلك رؤية تكتيكية قوية وقدرة على بناء فرق مستقرة، لكن مسيرته لم تخلُ من بعض الانتقادات التي أصبحت جزءاً من "نمطه" التدريبي المتداول إعلامياً. هذه الانتقادات هي التي تثير الآن تساؤلات حول انعكاسها المحتمل على مدرب شاب مثل ألونسو.
"نمط أنشيلوتي" الذي يثير النقاش
تتمحور النقاشات حول كارلو أنشيلوتي غالباً حول عدة جوانب يُنظر إليها من قبل البعض كـ"خصائص" قد تكون سلبية أو على الأقل تحد من إمكانيات الفريق على المدى الطويل. من أبرز هذه الجوانب:
- الاعتماد المفرط على اللاعبين الأساسيين: يُنتقد أنشيلوتي أحياناً لعدم إجرائه تدوير كافٍ للتشكيلة، مما قد يؤدي إلى إرهاق اللاعبين الرئيسيين وزيادة مخاطر الإصابات، خاصة في المراحل الحاسمة من الموسم.
- صعوبة دمج اللاعبين الشباب: هناك تصور بأن أنشيلوتي يفضل الاعتماد على الخبرة، مما يجعل عملية دمج المواهب الشابة أو القادمين الجدد في الفريق الأول تستغرق وقتاً طويلاً أو تكون محدودة.
- التحفظ التكتيكي في بعض المباريات: في بعض الأحيان، تُنتقد تكتيكاته بأنها متحفظة أكثر من اللازم، أو أنه يعتمد بشكل كبير على المهارات الفردية للاعبين لحسم المباريات بدلاً من الحلول التكتيكية المعقدة.
- تأثير محدود على سياسة الانتقالات: يرى البعض أن أنشيلوتي لا يمارس ضغطاً كافياً لضم لاعبين معينين أو أنه يتقبل قرارات الإدارة في سوق الانتقالات بشكل سلبي، مما قد يؤثر على تعزيز جوانب معينة في الفريق.
لا شك أن أنشيلوتي حقق نجاحات استثنائية بهذه الفلسفة، لكن هذه النقاط تظل محل جدل وتُثار كلما تعرض فريقه لانتكاسة أو في سياق تقييم مسيرته.
صعود ألونسو وإنجازاته
على النقيض أو كوجه آخر للعملة، أظهر تشابي ألونسو خلال قيادته لباير ليفركوزن قدرة كبيرة على التجديد والتكيف. فريقه يقدم كرة قدم هجومية وجذابة، ويتميز بالمرونة التكتيكية، وقدرته على تطوير اللاعبين الشباب. ففي الأسابيع الأخيرة، قاد ألونسو ليفركوزن إلى صدارة الدوري الألماني، متفوقاً على بايرن ميونخ، ووصل إلى مراحل متقدمة في المسابقات الأوروبية، مما يبرهن على نجاح منهجه الذي يجمع بين الصلابة الدفاعية والفعالية الهجومية.
هذا النجاح السريع جعل ألونسو هدفاً لأندية أوروبية كبرى، وفي مقدمتها ريال مدريد، الذي يُنظر إليه كخيار طبيعي لخلافة أنشيلوتي في المستقبل.
نقطة الالتقاء: مخاوف ريال مدريد
تنشأ المخاوف داخل ريال مدريد، أو في تحليلات الإعلام المقربة من النادي، ليس من أداء ألونسو الحالي، بل من احتمال أن تتسرب إليه بعض "خصائص" أنشيلوتي التدريبية التي قد لا تتناسب مع طموحات النادي على المدى الطويل. السؤال الذي يطرحه البعض هو: هل سيقع ألونسو، في حال توليه تدريب ريال مدريد، في فخ الاعتماد المفرط على عدد قليل من النجوم، أو يجد صعوبة في تطوير الجيل الجديد من اللاعبين، كما يُزعم أحياناً بخصوص أنشيلوتي؟
هذا القلق ليس اتهاماً مباشراً لألونسو، بل هو محاولة استباقية لتحليل مدى تطور أسلوبه الخاص ومدى قدرته على التخلص من أي "بصمات" قد تكون سلبية من فترة عمله كلاعب تحت قيادة أنشيلوتي، إذا ما كانت موجودة.
رؤى وتحليلات
يرى بعض المحللين أن هذه التساؤلات طبيعية في سياق البحث عن خليفة لأنشيلوتي، خاصة وأن ألونسو يُعد مشروع مدرب "ملكياً" بامتياز. بينما يؤكد آخرون أن ألونسو قد أظهر بالفعل أسلوبه الخاص والمبتكر في ليفركوزن، والذي يختلف في عدة جوانب عن أسلوب أنشيلوتي، خاصة في مرونة التكتيك وتطوير اللاعبين الشباب، مما يقلل من هذه المخاوف.
يعتقد مؤيدو ألونسو أن تجربته كلاعب تحت قيادة مدربين كبار مثل جوزيه مورينيو، بيب جوارديولا، ورافا بينيتيز، بالإضافة إلى أنشيلوتي، قد منحته رؤية شاملة ومتنوعة، وليس مجرد نسخة طبق الأصل لأي منهم.
المستقبل المحتمل
في ظل استمرار كارلو أنشيلوتي في قيادة ريال مدريد بنجاح، فإن النقاش حول خليفته، وتأثير "نمطه" على ألونسو، سيبقى حاضراً. يعتمد مستقبل هذه المخاوف على استمرارية تألق ألونسو مع ليفركوزن، وربما الأهم، على كيفية تعامله مع التحديات الكبرى في المراحل المتقدمة من المسابقات، وكيفية إدارته للتشكيلة تحت الضغط.
يبقى الحكم النهائي لأي مدرب، بما في ذلك ألونسو، مرتبطاً بالنتائج الميدانية وقدرته على تحقيق التوازن بين الفوز الفوري وتطوير الفريق على المدى البعيد، وهو ما يراقبه ريال مدريد وعشاق كرة القدم عن كثب.





