كشف ملابسات جثة على قضبان الإسكندرية: التحقيقات تربطها بتنقيب عن آثار غير مشروع
تشهد محافظة الإسكندرية مؤخرًا تطورات لافتة في قضية العثور على جثة رجل في العقد الخامس من عمره، ملقاة بالقرب من قضبان السكة الحديد في منطقة الكنج مريوط التابعة لدائرة قسم العامرية ثان. القضية، التي بدأت كبلاغ تقليدي عن اكتشاف جثة، سرعان ما اتخذت أبعادًا أكثر تعقيدًا وإثارة للجدل بعد أن أشارت التحقيقات الأولية إلى وجود صلة محتملة بين الوفاة وأنشطة تنقيب غير مشروع عن الآثار في المنطقة المحيطة. هذه التطورات تضع القضية في صلب اهتمام الرأي العام، خاصة مع تزايد المخاوف بشأن ظاهرة سرقة وتهريب الآثار التي تمثل تهديدًا للتراث القومي.

تفاصيل الاكتشاف والتحقيقات الأولية
بدأت الواقعة في أحد الأيام الأخيرة، عندما تلقت الأجهزة الأمنية بالإسكندرية بلاغًا بالعثور على جثة لرجل مجهول الهوية بجوار شريط السكة الحديد. فور البلاغ، انتقلت قوة أمنية برفقة سيارات الإسعاف ورجال المباحث إلى موقع الحادث. تبين أن الجثة تعود لرجل في منتصف العمر، ولا تحمل في ظاهرها أي إصابات واضحة تشير إلى عنف مباشر. تم التحفظ على الجثة وإيداعها مشرحة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة، التي أمرت بتشريحها لبيان سبب الوفاة وتحديد هوية المتوفى.
شملت التحقيقات الأولية معاينة دقيقة لموقع العثور على الجثة، ورفع البصمات، وسؤال الشهود المحتملين من سكان المنطقة أو العاملين القريبين. تركزت جهود فريق البحث الجنائي على فحص المنطقة المحيطة بالقضبان بحثًا عن أي دلائل قد تكشف غموض الوفاة وتساعد في تحديد ملابساتها، لا سيما في ظل عدم وجود أوراق ثبوتية بحوزة المتوفى.
الرابط المثير للجدل: التنقيب عن الآثار
المفاجأة الأبرز في هذه القضية كانت في توجيه التحقيقات نحو فرضية ارتباط الجثة بأنشطة تنقيب غير مشروع عن الآثار. فبحسب المصادر الأمنية، كشفت التحريات عن وجود مواقع قريبة من مكان العثور على الجثة يُشتبه في أنها شهدت عمليات حفر سري بحثًا عن كنوز أثرية. وقد دفعت هذه المعلومة المحققين إلى ربط خيوط القضية بظاهرة التنقيب غير المشروع، التي تعد جريمة يعاقب عليها القانون بشدة في مصر، وتشكل تهديدًا كبيرًا للتراث الثقافي للبلاد.
يتجه المحققون الآن نحو عدة سيناريوهات محتملة لتفسير وجود الجثة في هذا السياق. هل تعرض المتوفى لحادث عرضي أثناء مشاركته في عملية حفر؟ هل كانت وفاته نتيجة نزاع أو مشاجرة بين أفراد شاركوا في هذه الأنشطة غير القانونية؟ أم أن الجثة تم التخلص منها في هذا المكان لإخفاء آثار جريمة أخرى مرتبطة بالتنقيب؟ هذه الأسئلة هي محور التحقيقات الجارية حاليًا، والتي تحاول فك شفرة هذا اللغز الغامض.
سياق ظاهرة التنقيب غير المشروع
ظاهرة التنقيب غير المشروع عن الآثار تمثل تحديًا مستمرًا للسلطات المصرية. فالمواقع الأثرية، خاصة في المناطق الريفية أو النائية مثل أجزاء من الكنج مريوط، غالبًا ما تكون عرضة لمحاولات الحفر السري التي يقوم بها أفراد أو عصابات منظمة بدافع الثراء السريع. هذه العمليات لا تهدد فقط سلامة الآثار وتدمير الطبقات الأثرية، بل تنطوي أيضًا على مخاطر جسيمة على حياة المشاركين فيها، سواء بسبب انهيار الحفر، أو النزاعات التي تنشأ حول المكتشفات الثمينة. وقد سجلت تقارير سابقة حوادث وفاة أو إصابات خطيرة نتيجة لهذه الأنشطة غير القانونية.
إن ربط قضية جثة الإسكندرية بهذا السياق يسلط الضوء مجددًا على خطورة هذه الظاهرة وضرورة التصدي لها بكل حزم. فالمنطقة التي عُثر فيها على الجثة، الكنج مريوط، هي منطقة تاريخية تقع غرب الإسكندرية ومعروفة بقربها من بعض المواقع الأثرية، مما يعزز فرضية ارتباط الوفاة بهذه الأنشطة ويزيد من تعقيد التحقيقات.
تطورات التحقيق والخطوات القادمة
تواصل النيابة العامة بالعامرية ثان تحقيقاتها الموسعة، حيث يتم التنسيق مع الأجهزة الأمنية على أعلى مستوى. وقد تم إصدار توجيهات بسرعة إنهاء تقرير الطب الشرعي لتحديد سبب الوفاة بدقة، والذي يُنتظر أن يكون عاملًا حاسمًا في توجيه مسار القضية وكشف الحقائق. كما يتم تكثيف جهود البحث والتحري لتحديد هوية الجثة، والوصول إلى أهليتها، وسماع أقوال أي شهود قد يكون لديهم معلومات تفيد التحقيق. من المتوقع أن تشمل التحقيقات استدعاء أشخاص معروفين بضلوعهم في أنشطة التنقيب غير المشروع بالمنطقة، أو من يُشتبه في ارتباطهم بالواقعة بطريقة أو بأخرى.
تهدف السلطات إلى كشف جميع ملابسات الحادث، وتحديد الجناة، وتقديمهم للعدالة، سواء كانت الوفاة جنائية ناتجة عن صراع، أو حادث عرضي أثناء التنقيب. هذه القضية تؤكد على يقظة الأجهزة الأمنية في ربط الحوادث الفردية بالظواهر الإجرامية الأوسع، وتسعى لتقديم إجابات شافية للرأي العام حول هذا اللغز الذي أثار الكثير من التساؤلات.





