كوبارسي يحقق إنجازاً تاريخياً في دوري أبطال أوروبا
سجل المدافع الشاب باو كوبارسي اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ كرة القدم الأوروبية في مارس 12، 2024، عندما أصبح أصغر مدافع يشارك أساسياً في مباراة ضمن الأدوار الإقصائية لبطولة دوري أبطال أوروبا. جاء هذا الإنجاز خلال مواجهة فريقه برشلونة أمام نابولي في إياب دور الستة عشر للمسابقة الأغلى للأندية، حيث قدم أداءً لافتاً حظي بإشادة واسعة، وساهم بشكل مباشر في تأهل النادي الكتالوني إلى ربع النهائي.

الخلفية والصعود السريع
يُعد كوبارسي، الذي لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره (17 عامًا و 50 يومًا تحديداً وقت تحقيق الرقم القياسي)، أحد أبرز المواهب الصاعدة من أكاديمية "لا ماسيا" الشهيرة التابعة لبرشلونة. بدأ صعوده الملحوظ في صفوف الفريق الأول هذا الموسم، حيث منحه المدرب تشافي هيرنانديز فرصة الظهور الأول في كأس الملك في يناير 2024، تبعتها مشاركات متتالية في الدوري الإسباني. سرعان ما أثبت اللاعب الشاب قدرته على التكيف مع متطلبات كرة القدم الاحترافية، بفضل هدوئه المذهل في التعامل مع الكرة، ودقة تمريراته، وقراءته الجيدة للملعب.
يأتي تألق كوبارسي في وقت يعاني فيه برشلونة من تحديات مالية وفنية، مما دفع النادي للاعتماد بشكل متزايد على مواهبه الشابة. وقد أثمر هذا التوجه عن ظهور جيل واعد من اللاعبين، من بينهم بيدري، غافي، لامين يامال، والآن باو كوبارسي، الذين باتوا يشكلون العمود الفقري للفريق ويحملون آمال الجماهير في استعادة أمجاد النادي.
الإنجاز التاريخي وتفاصيل المباراة
دخل كوبارسي مباراة برشلونة ضد نابولي في إياب دور الستة عشر لـدوري أبطال أوروبا وهو يحمل على عاتقه مسؤولية كبيرة. فقد كان على النادي الكتالوني تأمين الفوز لضمان التأهل بعد التعادل 1-1 في مباراة الذهاب. في هذه الليلة الحاسمة، أظهر المدافع الشاب نضجًا يفوق سنه بكثير، متجاوزًا الرقم القياسي السابق لأصغر مدافع يبدأ مباراة إقصائية في البطولة.
قدم كوبارسي أداءً استثنائياً طوال التسعين دقيقة، حيث كان ركيزة دفاعية صلبة، وتميز في إخراج الكرة وبناء الهجمات من الخلف. نجح في إيقاف خطورة هجوم نابولي، وعلى رأسهم المهاجم النيجيري فيكتور أوسيمين، بفضل تمركزه الجيد وتدخلاته الحاسمة. بلغت دقة تمريراته مستويات عالية، مما ساهم في سيطرة برشلونة على مجريات اللعب. لم يكن مفاجئًا أن يختاره الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) كـ "رجل المباراة" نظرًا لتأثيره الكبير على النتيجة النهائية التي آلت إلى فوز برشلونة بثلاثة أهداف مقابل هدف، وتأهله إلى الدور ربع النهائي بنتيجة إجمالية 4-2.
السياق والأهمية
تكمن أهمية هذا الإنجاز ليس فقط في كسر الرقم القياسي، بل في الظروف التي تحقق فيها. فمباريات الأدوار الإقصائية في دوري أبطال أوروبا تُعد ذروة التنافس الكروي، وتتسم بضغط هائل، خاصة على اللاعبين الشباب. قدرة كوبارسي على تقديم أداء بهذا المستوى في مثل هذه الأجواء تثبت موهبته الاستثنائية وصلابته الذهنية.
يمثل هذا الإنجاز علامة فارقة في مسيرة اللاعب الشخصية، ويرسخ مكانته كأحد ألمع النجوم الصاعدة في كرة القدم العالمية. كما أنه يؤكد مجددًا على جودة أكاديمية "لا ماسيا" في برشلونة وقدرتها المستمرة على إمداد الفريق الأول بالمواهب القادرة على التنافس على أعلى المستويات. يعتبر المحللون أن كوبارسي يمتلك جميع المقومات ليصبح مدافعًا عالميًا من الطراز الأول، بفضل رؤيته للعب وقدرته على اللعب بالكرة، وهي صفات نادرة في اللاعبين في مركزه.
ردود الفعل والآفاق المستقبلية
تلقت مشاركة كوبارسي وأداءه المبهر إشادات واسعة من المدربين، اللاعبين، ووسائل الإعلام. صرح تشافي هيرنانديز بعد المباراة قائلاً: "كوبارسي ليس متوتراً، وهذا أمر رائع. إنه يخرج الكرة بشكل نظيف، ويمنحنا إحساساً بالهدوء." كما أثنى عليه زملاؤه في الفريق، مشيرين إلى احترافيته وقدرته على قيادة خط الدفاع رغم صغر سنه.
يتوقع الكثيرون أن يواصل كوبارسي مسيرته التصاعدية وأن يصبح ركيزة أساسية في دفاع برشلونة لسنوات عديدة قادمة. لا تقتصر التكهنات على مستقبله مع النادي فحسب، بل تمتد لتشمل تمثيله للمنتخب الإسباني الأول في المستقبل القريب، خاصة مع اقتراب البطولات الكبرى. إنجازه في دوري أبطال أوروبا لا يمثل نهاية المطاف، بل هو بداية فصل جديد في قصة نجاح لاعب شاب يبشر بمستقبل مشرق لكرة القدم الإسبانية والكتالونية.





