كوريا الشمالية تكشف عن ترسانة أسلحة جديدة وتكتيكية بحضور زعيمها
في استعراض متكرر لقدراتها العسكرية المتنامية، كشفت كوريا الشمالية خلال الأشهر الأخيرة عن مجموعة من الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية الجديدة، وذلك في سلسلة من العروض العسكرية والتجارب الصاروخية التي أشرف عليها الزعيم كيم جونغ أون شخصيًا. تأتي هذه التطورات في سياق من التوترات المتصاعدة في شبه الجزيرة الكورية، وتؤكد على إصرار بيونغ يانغ على تحديث ترسانتها رغم العقوبات الدولية المفروضة عليها.

تطورات عسكرية متسارعة
شهدت الفترة الأخيرة تنظيم عدة فعاليات عسكرية بارزة، كان أبرزها العروض التي أقيمت للاحتفال بمناسبات وطنية هامة، مثل ذكرى تأسيس الجيش الشعبي الكوري. خلال هذه الفعاليات، لم تكتفِ بيونغ يانغ بعرض أسلحتها التقليدية، بل قدمت للعالم لمحات عن أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا الصواريخ والأسلحة النووية لديها، وهو ما اعتبره محللون رسالة تحدٍ موجهة إلى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وتحديدًا كوريا الجنوبية واليابان.
تزامنت هذه الاستعراضات مع إجراء كوريا الشمالية لسلسلة من التجارب الصاروخية، شملت إطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ كروز بعيدة المدى، في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن الدولي. وتبرر بيونغ يانغ هذه التحركات بأنها ردود فعل ضرورية على المناورات العسكرية المشتركة بين واشنطن وسول، والتي تعتبرها تدريبات على غزو أراضيها.
أبرز الأسلحة الجديدة في الترسانة الكورية الشمالية
ركزت العروض والتجارب الأخيرة على عدة منظومات أسلحة نوعية تهدف إلى تعزيز قدرة الردع لدى بيونغ يانغ. من بين أهم هذه الأسلحة:
- صاروخ "هواسونغ-18" الباليستي العابر للقارات: يُعد هذا الصاروخ الذي يعمل بالوقود الصلب نقلة نوعية في برنامج الصواريخ الكوري الشمالي. فبالمقارنة مع الصواريخ التي تعمل بالوقود السائل، يمكن تجهيز صواريخ الوقود الصلب وإطلاقها بسرعة أكبر بكثير، مما يجعل رصدها وتدميرها قبل الإطلاق مهمة شبه مستحيلة، وهو ما يعزز بشكل كبير من قدرة بيونغ يانغ على توجيه ضربة ثانية.
 - طائرة "هايل" الهجومية المسيرة تحت الماء: كشفت كوريا الشمالية عن سلاح نووي سري يعمل تحت الماء، زاعمة أن بإمكانه توليد "تسونامي إشعاعي" هائل لتدمير الأساطيل البحرية والموانئ الرئيسية للعدو. ورغم تشكيك بعض الخبراء في القدرات المعلنة لهذا السلاح، إلا أن مجرد الإعلان عنه يمثل بُعدًا جديدًا في استراتيجيتها النووية.
 - رؤوس "هواسان-31" النووية التكتيكية: عرض الإعلام الرسمي صورًا للزعيم كيم جونغ أون وهو يتفقد رؤوسًا حربية نووية مصغرة أُطلق عليها اسم "هواسان-31". يشير تطوير هذه الأسلحة التكتيكية إلى تحول محتمل في العقيدة النووية للبلاد، من الردع الاستراتيجي إلى إمكانية استخدام الأسلحة النووية في ساحة المعركة، مما يثير قلقًا بالغًا لدى جيرانها.
 - صواريخ كروز استراتيجية: أجرت بيونغ يانغ اختبارات متعددة لصواريخ كروز طويلة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية. تتميز هذه الصواريخ بقدرتها على التحليق على ارتفاعات منخفضة وتغيير مسارها، مما يجعل اعتراضها من قبل أنظمة الدفاع الجوي أكثر صعوبة.
 
الأهمية الاستراتيجية والرسائل السياسية
لا تقتصر أهمية هذه الأسلحة على الجانب العسكري فحسب، بل تحمل رسائل سياسية واضحة. من خلال استعراض هذه القدرات، تسعى كوريا الشمالية إلى ترسيخ مكانتها كقوة نووية لا يمكن تجاهلها، وإجبار الولايات المتحدة على التعامل معها على هذا الأساس. كما تهدف إلى ردع أي محاولة لتغيير النظام بالقوة، وتأكيد أن تكلفة أي مواجهة عسكرية معها ستكون باهظة للغاية.
يأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه العالم استقطابًا جيوسياسيًا متزايدًا، حيث تعزز بيونغ يانغ علاقاتها مع موسكو وبكين، اللتين عطلتا مرارًا محاولات فرض عقوبات جديدة عليها في مجلس الأمن. هذا الدعم الدبلوماسي يمنح كوريا الشمالية مساحة أكبر للمناورة ومواصلة تطوير برامجها العسكرية دون قيود حقيقية.
ردود الفعل الدولية
قوبلت هذه التطورات بإدانات واسعة من قبل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، التي وصفتها بأنها تهديد خطير للسلم والأمن الإقليمي والدولي. وردًا على ذلك، كثفت هذه الدول من مناوراتها العسكرية المشتركة وعززت من تعاونها الدفاعي، بما في ذلك نشر أصول استراتيجية أمريكية في المنطقة. من ناحية أخرى، دعت كل من الصين وروسيا جميع الأطراف إلى ضبط النفس والعودة إلى طاولة الحوار، محملتين واشنطن جزءًا من مسؤولية تصاعد التوترات بسبب "سياساتها العدائية".




