محمد حماد يؤكد على دور السينما كوسيلة تواصل وأهمية المصداقية في مهرجان الفيوم
خلال فعاليات مهرجان الفيوم الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة، أدلى المؤلف والمخرج البارز محمد حماد بتصريحات محورية أكدت على فلسفته الفنية والمهنية في صناعة السينما. جاءت هذه التصريحات ضمن إطار "ماستر كلاس" أقيم على هامش المهرجان مؤخرًا، حيث شارك حماد خبراته ورؤاه مع الجمهور وصناع الأفلام الناشئين. شدد حماد بشكل قاطع على أن المصداقية هي حجر الزاوية في أي عمل سينمائي ناجح ومؤثر، مؤكدًا على أن غيابها يحول دون اكتمال العمل كفيلم حقيقي يحمل قيمة فنية أو رسالة عميقة.

خلفية التصريحات وأهميتها
تكتسب كلمات محمد حماد أهمية خاصة في المشهد السينمائي الحالي، الذي يشهد تنوعًا كبيرًا في أساليب السرد والإنتاج. ففي سياق حديثه عن أن "السينما وسيلة تواصل وكل فكرة لها جمهور"، كان حماد يشير إلى الدور الجوهري الذي تلعبه الشاشة الكبيرة في بناء الجسور بين الثقافات، وتقديم وجهات نظر مختلفة، وإثارة النقاش حول قضايا مجتمعية وفكرية معقدة. السينما، في رؤيته، ليست مجرد ترفيه، بل هي منصة قوية للتعبير الإنساني، قادرة على نقل التجارب والعواطف والمعارف بطرق فريدة ومؤثرة.
كما تطرق حماد إلى فكرة أن "كل فكرة لها جمهور"، مما يسلط الضوء على اتساع الطيف الجماهيري للسينما. هذه الفكرة تشجع على التنوع في المحتوى وتحدي القوالب النمطية، مؤكدة على أن الأفلام لا يجب أن تستهدف جمهورًا واحدًا فقط، بل يمكنها أن تجد صدى لدى شرائح مختلفة، حتى تلك التي تهتم بموضوعات متخصصة أو غير تقليدية. هذا النهج يدعم السينما المستقلة والإنتاجات التي تجرؤ على معالجة قضايا خارج التيار السائد، مما يثري المشهد السينمائي ويجعله أكثر شمولية.
لكن النقطة الأبرز في حديثه كانت التركيز على المصداقية. بالنسبة لحماد، المصداقية ليست مجرد دقة في عرض الحقائق، بل هي جوهر التجربة السينمائية برمتها. إنها تتعلق بقدرة الفيلم على إقناع المشاهد بواقعيته، سواء كانت القصة خيالية أم مستوحاة من أحداث حقيقية. المصداقية تكمن في عمق الشخصيات، وصدق المشاعر، وتماسك السرد. عندما يفتقر الفيلم إلى المصداقية، يفقد قدرته على التأثير، ويصبح مجرد صور متحركة لا تلامس الروح أو العقل. هذا المبدأ يشكل تحديًا لصناع الأفلام ليتعمقوا في بحثهم، ويدققوا في تفاصيلهم، وأن يكونوا أمينين تجاه قصصهم وشخصياتهم.
مهرجان الفيوم ودوره الثقافي
جاءت تصريحات محمد حماد لتتوافق تمامًا مع روح وأهداف مهرجان الفيوم الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة. هذا المهرجان، الذي يخصص جزءًا كبيرًا من اهتمامه للقضايا البيئية والفنون الحديثة، يعد منصة فريدة لعرض الأفلام التي تحمل رسائل هادفة وتدعو إلى الوعي والتفكير النقدي. غالبًا ما تتطلب الأفلام البيئية على وجه الخصوص درجة عالية من المصداقية لكي تكون مؤثرة في تغيير المفاهيم أو تحفيز العمل نحو الحفاظ على كوكب الأرض.
تنظيم "ماستر كلاس" مع قامات سينمائية مثل محمد حماد يعكس التزام المهرجان ليس فقط بعرض الأفلام، بل وأيضًا بتعزيز التعليم السينمائي وتبادل الخبرات بين الأجيال. هذه الجلسات تتيح لصناع الأفلام الصاعدين فرصة لا تقدر بثمن للتعلم من تجارب المخرجين المخضرمين، واستيعاب الفلسفات التي تقودهم في مسيرتهم المهنية. وفي هذا السياق، كانت نصيحة حماد حول المصداقية بمثابة توجيه قيم لأي فنان يطمح لترك بصمة حقيقية في عالم السينما.
تأثير الرؤية على صناعة الأفلام
إن رؤية محمد حماد، التي تضع السينما كأداة تواصل فعالة وتؤكد على ضرورة المصداقية، يمكن أن يكون لها تأثير عميق على صناعة الأفلام، خاصة في المنطقة العربية. في عالم يتسم بالسرعة وتدفق المعلومات، يصبح التمييز بين المحتوى الأصيل والسطحي أمرًا بالغ الأهمية. فالمخرجون الذين يتبنون مبدأ المصداقية في جوهر عملهم، هم من يستطيعون إنتاج أفلام تدوم وتترك أثرًا إيجابيًا على المشاهدين والمجتمعات على حد سواء. تشجع هذه الفلسفة على البحث العميق، والالتزام الأخلاقي بالقصة، وتقديم أعمال فنية لا تخشى طرح الأسئلة الصعبة أو استكشاف الجوانب المعقدة للواقع الإنساني. هذا هو النهج الذي يمكن أن يدفع بالسينما نحو آفاق جديدة من الإبداع والرسالة.



