محمد صلاح يستهدف رقم تييري هنري في البريميرليغ
يُعدّ محمد صلاح، نجم نادي ليفربول ومنتخب مصر، أحد أبرز اللاعبين في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) خلال العقد الأخير. وبفضل مستوياته الثابتة وقدراته التهديفية الاستثنائية، بات صلاح محط الأنظار وهو يقترب من معادلة أو تجاوز أرقام قياسية صمدت طويلاً بأسماء أساطير اللعبة. مؤخراً، تتجه الأنظار نحو إنجاز محتمل قد يضعه في مقارنة مباشرة مع أحد أعظم المهاجمين الذين وطأت أقدامهم ملاعب إنجلترا، الفرنسي تييري هنري، أسطورة آرسنال.

تأتي هذه الموقعة الإحصائية المرتقبة لتعيد إحياء النقاش حول من هو الأفضل بين جيلين مختلفين من اللاعبين الذين تركوا بصمة لا تُمحى في تاريخ الكرة الإنجليزية. فبينما يواصل صلاح تحدي قوانين العمر والجاذبية في تسجيل الأهداف، يترقب عشاق كرة القدم اللحظة التي قد يكتب فيها فصلاً جديداً في سجلات البريميرليغ، وربما يتجاوز فيه إنجازاً قياسياً يحمله هنري.
الخلفية التاريخية للاعبين
برز محمد صلاح على الساحة الأوروبية كجناح أيمن يتمتع بسرعة فائقة ومهارة فردية عالية، لكن تحوله إلى آلة تهديفية بدأ فعلياً مع انضمامه إلى ليفربول عام 2017. منذ ذلك الحين، حطم صلاح العديد من الأرقام القياسية لناديه والدوري، حيث توّج بلقب هداف البريميرليغ ثلاث مرات (الحذاء الذهبي)، وكان له دور محوري في فوز ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2020 بعد غياب دام 30 عاماً، بالإضافة إلى دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية وكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الرابطة. يُعرف صلاح بقدرته الفذة على التسجيل من مختلف الأوضاع، وتمرير الكرات الحاسمة، والقيادة الهجومية للفريق.
على الجانب الآخر، يُعتبر تييري هنري واحداً من أكثر المهاجمين أناقة وفعالية في تاريخ كرة القدم الإنجليزية والعالمية. انضم هنري إلى آرسنال عام 1999 قادماً من يوفنتوس، ليُحدث ثورة في مركز المهاجم الصريح والجناح الأيسر. قاد هنري "المدفعجية" للفوز بالدوري الإنجليزي مرتين، كان أبرزهما موسم "اللا هزيمة" 2003-2004. كما توّج بلقب الحذاء الذهبي للبريميرليغ أربع مرات، وهو رقم قياسي لم يصله أي لاعب آخر حتى الآن. تميز هنري بسرعته الفائقة، قدرته على المراوغة، اللمسة النهائية الباردة، ورؤيته الثاقبة في صناعة اللعب، مما جعله أيقونة حقيقية في شمال لندن.
الأرقام القياسية المستهدفة والتحدي
التحدي الأبرز الذي يواجهه محمد صلاح، ويضعه في مقارنة مباشرة مع تييري هنري، يتمثل في عدد مرات الفوز بجائزة الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي الممتاز. يمتلك هنري الرقم القياسي في هذا الإنجاز الفريد بأربع مرات، بينما يمتلك صلاح ثلاث مرات. هذا الرقم يمثل إشارة واضحة للتميز التهديفي والاستمرارية على أعلى مستوى في واحد من أصعب الدوريات في العالم. تجاوز صلاح لثلاثية الأهداف في موسم واحد، واستمراره في المنافسة على لقب الهداف موسماً تلو الآخر، جعله المرشح الأقوى لمعادلة أو كسر رقم هنري التاريخي.
بالإضافة إلى الحذاء الذهبي، يمكن الإشارة إلى أن صلاح يواصل تحطيم أرقام أخرى تتعلق بعدد الأهداف الإجمالي للاعبين الأفارقة في البريميرليغ، وكذلك أرقام الأهداف المسجلة بقميص نادٍ واحد في الدوري. ورغم أن هنري يحتل مراتب متقدمة في قوائم الهدافين التاريخيين للبريميرليغ بشكل عام، فإن صلاح يتسلق هذه القوائم بخطى ثابتة، ويُظهر معدلاً تهديفياً قد يضعه في نهاية مسيرته فوق العديد من الأساطير.
تُعدّ هذه المنافسة الإحصائية فرصة لا تقدر بثمن لصلاح ليُعزز من إرثه ويُرسخ مكانته كواحد من العظماء. فمجرد الاقتراب من إنجازات هنري، الذي اعتُبر لفترة طويلة معياراً للمهاجم العصري في البريميرليغ، يُظهر مدى التأثير الهائل الذي تركه "الفرعون المصري" في الكرة الإنجليزية.
مسيرة صلاح الأخيرة وأداؤه
على الرغم من التحديات التي واجهها ليفربول في بعض المواسم، حافظ محمد صلاح على مستواه التهديفي العالي وأرقامه القياسية الشخصية. ففي المواسم الأخيرة، أثبت صلاح قدرته على التكيف مع التغيرات التكتيكية وتحديات الإصابات وضغط المباريات. لا يزال صلاح هو النقطة المحورية في هجوم ليفربول، ومصدر الإلهام الأساسي للفريق. مساهماته لا تقتصر على تسجيل الأهداف فحسب، بل تمتد لتشمل صناعة الفرص، والضغط على الخصم، والقيادة داخل وخارج الملعب.
الاستمرارية في الأداء البدني والذهني هي ما يميز صلاح، وتمنحه الفرصة لمواصلة ملاحقة الأرقام القياسية. فعلى الرغم من بلوغه الثلاثينيات من العمر، لا يزال يُظهر لياقة بدنية ممتازة ورغبة لا تلين في التسجيل وتحقيق الإنجازات، مما يُبقي الأمل قائماً لدى جماهير ليفربول وعشاق كرة القدم في رؤية المزيد من الإنجازات التي ستُضاف إلى سجلاته.
تأثير كسر الرقم
إذا تمكن محمد صلاح من معادلة أو تجاوز رقم تييري هنري في عدد مرات الفوز بجائزة الحذاء الذهبي، فإن لذلك تأثيرات عميقة على عدة مستويات:
- على إرث صلاح الفردي: سيُعزز هذا الإنجاز مكانة صلاح كواحد من أفضل اللاعبين في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، وليس فقط في جيله. سيُصبح اسمه يُذكر جنباً إلى جنب مع أعظم الهدافين في تاريخ المسابقة.
- على نادي ليفربول: سيُضيف هذا الإنجاز فصلاً جديداً إلى تاريخ النادي الحافل، ويُسلط الضوء على القدرة على جذب والاحتفاظ بالنجوم العالميين الذين يحققون أرقاماً قياسية.
- على الدوري الإنجليزي: ستُغذي هذه المنافسة القصص التي تُروى عن عظمة البريميرليغ، وقدرته على إنتاج المواهب التي تُسجل أرقاماً تاريخية، مما يزيد من جاذبيته العالمية.
- على الكرة الأفريقية: سيُرسخ صلاح مكانته كأفضل لاعب أفريقي في تاريخ الدوري الإنجليزي، وسيُصبح مصدر إلهام لأجيال قادمة من اللاعبين الأفارقة الطامحين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن كسر هذا الرقم القياسي سيُحيي النقاشات حول المقارنات بين اللاعبين، ليس فقط من حيث الأرقام، بل أيضاً من حيث الأسلوب والتأثير الكلي على اللعبة. سيكون ذلك بمثابة احتفال بالتميز في كرة القدم الهجومية.
الخاتمة
بينما يواصل محمد صلاح مسيرته اللامعة في الدوري الإنجليزي الممتاز، تظل عيون العالم تترقب كل هدف يُسجله، وكل إنجاز يُحققه. إن مطاردته لأرقام تييري هنري القياسية ليست مجرد مسألة أرقام وإحصائيات، بل هي شهادة على الرغبة المستمرة في التميز، والتحدي الذي لا يعرف المستحيل. سواء تمكن صلاح من تجاوز هذا الرقم أم لا، فقد ضمن لنفسه مكاناً بين عظماء اللعبة، وستُروى قصصه لأجيال قادمة كرمز للعزيمة والإبداع الكروي في البريميرليغ.
تُعدّ هذه اللحظات من الترقب جزءاً لا يتجزأ من سحر كرة القدم، حيث تتلاقى الأساطير عبر العصور في سباق غير مباشر نحو الخلود الكروي. صلاح، بصفته أحد أبرز نجوم العصر الحديث، يقف على أعتاب إنجاز قد يُعيد تعريف معايير المهاجمين في الدوري الأقوى في العالم.





