مدبولي يؤكد: لا قرار حكومي بزيادة أسعار البنزين في الوقت الحالي
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، أن الحكومة لم تتخذ أي قرار بزيادة أسعار البنزين حتى الآن. جاء هذا التصريح في إطار الرد على استفسارات وتكهنات متداولة بشأن احتمالية حدوث زيادة وشيكة في أسعار الوقود، وهو موضوع يحظى باهتمام واسع في الشارع المصري نظرًا لتأثيره المباشر على تكاليف المعيشة والنقل. وتهدف مثل هذه التصريحات إلى طمأنة الرأي العام وقطع الطريق على الشائعات التي تسبق عادة الاجتماع الدوري للجنة المختصة بتحديد الأسعار.

خلفية آلية تسعير الوقود
تأتي تصريحات رئيس الوزراء في سياق آلية واضحة تتبعها الحكومة المصرية منذ عدة سنوات لتحديد أسعار المنتجات البترولية. في عام 2019، تم تشكيل لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، والتي تتولى مراجعة أسعار الوقود بشكل ربع سنوي (كل ثلاثة أشهر). وتستند اللجنة في قراراتها إلى معادلة تأخذ في الاعتبار عاملين رئيسيين:
- أسعار النفط العالمية: يتم تحليل متوسط أسعار خام برنت في السوق العالمية خلال الأشهر الثلاثة التي تسبق القرار.
- سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي: حيث أن استيراد النفط الخام ومنتجاته يتم بالعملة الأجنبية، فإن أي تغيير في سعر الصرف يؤثر بشكل مباشر على تكلفة الوقود.
بالإضافة إلى هذين العاملين، تشمل المعادلة تكاليف التشغيل والتوزيع والنقل داخل مصر. وتجدر الإشارة إلى أن قرارات اللجنة مقيدة بنسبة تغيير لا تتجاوز 10% ارتفاعًا أو انخفاضًا في كل مراجعة، وذلك لتجنب إحداث صدمات سعرية مفاجئة في السوق المحلي.
السياق الاقتصادي وإصلاحات الدعم
تعد سياسة تسعير الوقود جزءًا لا يتجزأ من برنامج إصلاح اقتصادي أوسع تتبناه مصر منذ سنوات، والذي يهدف إلى رفع الدعم عن الطاقة تدريجيًا لتخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة. تاريخيًا، كانت أسعار الوقود مدعومة بشكل كبير، مما كان يستهلك جزءًا كبيرًا من موارد الدولة كان يمكن توجيهها إلى قطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم. ويهدف التحول نحو آلية التسعير التلقائي إلى ربط الأسعار المحلية بالأسعار العالمية، مما يجعلها أكثر مرونة واستجابة للمتغيرات الاقتصادية ويقلل من تشوهات السوق.
ومع ذلك، تواجه الحكومة تحديًا كبيرًا في الموازنة بين ضرورة الإصلاح الاقتصادي وتخفيف الضغط على الموازنة من جهة، وبين احتواء الضغوط التضخمية وتأثير ارتفاع أسعار الوقود على المواطنين من جهة أخرى. فزيادة أسعار البنزين والسولار تؤدي حتمًا إلى ارتفاع تكاليف نقل البضائع والأفراد، وهو ما ينعكس بدوره على أسعار السلع والخدمات النهائية.
التطورات الأخيرة والموقف الحالي
أوضحت تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة، التي صدرت أواخر عام 2023، أن القرار النهائي بشأن الأسعار لم يُتخذ بعد، وأن الأمر متروك بالكامل للتقييم الفني الذي تجريه لجنة التسعير. يعني هذا أن أي تغيير في الأسعار سيكون نتيجة لدراسة دقيقة للمتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية خلال الفترة الماضية. وتعمل الحكومة من خلال هذه التصريحات على تأكيد التزامها بالآلية المتبعة، وأن أي قرار لن يكون عشوائيًا بل سيستند إلى البيانات والمعطيات المتاحة. في النهاية، يبقى قرار تعديل أسعار الوقود معلقًا حتى انعقاد الاجتماع الرسمي للجنة، والذي يعلن عن نتائجه بشكل رسمي للرأي العام ووسائل الإعلام فور اتخاذه.