مدرب النصر يكشف أسباب غياب رونالدو عن مواجهة جوا الهندي في دوري أبطال آسيا
في تطور يثير اهتمام الأوساط الكروية الآسيوية والسعودية على حد سواء، كشف المدرب البرتغالي لنادي النصر السعودي، خورخي جيسوس، عن الأسباب الرئيسية وراء قرار استبعاد نجم الفريق وقائده، كريستيانو رونالدو، من القائمة المسافرة إلى الهند لمواجهة فريق جوا الهندي. يأتي هذا الغياب ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات لدوري أبطال آسيا للموسم 2023-2024. وقد أُعلن هذا القرار خلال المؤتمر الصحفي الذي سبق المباراة، والذي عُقد بتاريخ 19 أكتوبر 2023، مشدداً على أن الهدف الأساسي هو الحفاظ على لياقة اللاعب البدنية وتجنب الإرهاق في ظل الجدول المزدحم بالمباريات الحاسمة.

السياق والخلفية
يخوض نادي النصر السعودي موسماً طموحاً يسعى فيه للمنافسة بقوة على عدة جبهات، أبرزها دوري روشن السعودي للمحترفين ودوري أبطال آسيا. ومع انضمام كريستيانو رونالدو للفريق في يناير 2023، ارتفعت سقف التوقعات بشكل كبير، وأصبح النصر محط أنظار العالم. إلا أن هذا الطموح يتطلب إدارة دقيقة لجهود اللاعبين، خصوصاً مع تقدم رونالدو في العمر (38 عاماً)، والذي يجعل الحفاظ على جاهزيته البدنية أمراً حاسماً لنجاح الفريق على المدى الطويل. إن الجدول الزمني المزدحم بالمباريات، والذي يشمل رحلات سفر طويلة ومتطلبات بدنية عالية، يضع تحديات كبيرة أمام الأندية التي تضم نجوماً عالميين.
تُعد مواجهة فريق جوا الهندي في دوري أبطال آسيا، وإن كانت ذات أهمية، إلا أنها قد تُصنف كواحدة من المباريات التي تسمح ببعض المرونة في التشكيلة، خاصةً عندما يكون الفريق يواجه تحديات أكبر في المنافسات المحلية أو الدولية الأخرى. الرحلة إلى الهند نفسها تمثل عبئاً لوجستياً وبدنياً، حيث تتطلب ساعات طويلة من الطيران وتغييراً في المناخ والبيئة، مما قد يؤثر على جاهزية اللاعبين للمباريات اللاحقة. لذا، فإن قرار المدرب بإراحة رونالدو يجب أن يُنظر إليه في إطار استراتيجية شاملة لإدارة الموسم.
الأسباب المعلنة لغياب رونالدو
أوضح المدرب خورخي جيسوس أن قرار إراحة رونالدو لم يكن وليد اللحظة، بل هو جزء من خطة مدروسة للحفاظ على جاهزية اللاعب على مدار الموسم. تركزت الأسباب المعلنة على عدة نقاط محورية:
- تخفيف عبء المباريات: يواجه النصر جدولاً مكثفاً للغاية، حيث يخوض مباريات دوري روشن السعودي وكأس خادم الحرمين الشريفين ودوري أبطال آسيا بالتوازي. المشاركة المستمرة لرونالدو في كل هذه المباريات قد تؤدي إلى إرهاق بدني شديد وتقليل من فعاليته في اللحظات الحاسمة.
- الحفاظ على اللياقة البدنية وتجنب الإصابات: مع تقدم رونالدو في العمر، يصبح تعافيه من المجهود البدني أطول، وتزداد مخاطر تعرضه للإصابات العضلية. إراحته في مباريات معينة تسمح له بالتعافي الكامل وتقليل هذه المخاطر، مما يضمن تواجده في أفضل حالاته خلال المباريات الكبرى.
- طول رحلة السفر إلى الهند: الرحلة الجوية الطويلة إلى الهند وما يتبعها من تغيير في التوقيت والبيئة يمثل تحدياً بدنياً كبيراً حتى لأكثر الرياضيين جاهزية. تفضيل جيسوس لإراحة رونالدو من هذه الرحلة يعكس حرصه على تجنيبه الإجهاد غير الضروري الذي قد يؤثر على أدائه في المباريات التالية الأهم.
- إعطاء الفرصة للاعبين الآخرين: يمتلك النصر قائمة قوية تضم العديد من اللاعبين الموهوبين. إراحة نجم مثل رونالدو تفتح المجال أمام لاعبين آخرين لإثبات قدراتهم واكتساب الخبرة، مما يعزز عمق التشكيلة ويمنح المدرب خيارات تكتيكية أوسع.
- التركيز على المباريات الحاسمة: عادة ما تكون مباريات دور المجموعات في دوري أبطال آسيا ذات أهمية متفاوتة. إذا كان النصر قد حقق نتائج جيدة في الجولات السابقة، أو كانت المباراة ضد خصم يُعتقد أنه أقل قوة نسبياً، فإن إراحة اللاعبين الأساسيين تصبح خياراً استراتيجياً للحفاظ على طاقتهم للمباريات التي تحمل تحديات أكبر في الدوري المحلي أو الأدوار الإقصائية من البطولة الآسيوية.
وبحسب تصريحات جيسوس، فإن هذه القرارات تُتخذ بالتشاور مع الجهاز الطبي واللاعب نفسه، وتستند إلى تقييم شامل لحالته البدنية ومستوى إجهاده.
تداعيات القرار
لا شك أن غياب لاعب بحجم كريستيانو رونالدو عن أي مباراة يثير الكثير من التساؤلات والتوقعات. على صعيد الفريق، يمثل هذا القرار اختباراً حقيقياً لعمق التشكيلة وقدرة اللاعبين البدلاء على سد الفراغ الذي يتركه نجم عالمي. يعكس ذلك ثقة المدرب في بقية عناصر الفريق لتحقيق الفوز حتى بدون أيقونتهم الكروية. كما يرسل هذا القرار رسالة واضحة بأن مصلحة الفريق على المدى الطويل وسلامة اللاعبين تحظى بالأولوية القصوى، حتى لو تطلب الأمر التضحية بالجاذبية التسويقية أو الإثارة التي يضيفها وجود رونالدو.
على صعيد الجماهير، قد تتباين ردود الأفعال. فبينما يتفهم البعض أهمية إراحة اللاعب للحفاظ على جاهزيته للمواعيد الكبرى، قد يشعر آخرون بخيبة أمل لعدم رؤية نجمهم المفضل في الميدان، خصوصاً الجماهير الهندية التي كانت تتطلع لمشاهدة رونالدو في بلادها. إلا أن الغالبية العظمى من مشجعي النصر يفضلون رؤية رونالدو بكامل لياقته في المباريات الحاسمة بدلاً من إجهاده في مباراة يمكن تحقيق الفوز فيها بجهود جماعية.
الصورة الأوسع لمسيرة رونالدو والنصر
يمثل هذا القرار جزءاً من استراتيجية أوسع يتبعها نادي النصر لتعظيم الاستفادة من خبرة وقدرات كريستيانو رونالدو مع ضمان استدامته كلاعب مؤثر لأطول فترة ممكنة. في عالم كرة القدم الحديث، أصبحت إدارة أحمال اللاعبين والتعافي أمراً بالغ الأهمية، خصوصاً مع تزايد عدد المباريات والضغوط البدنية والنفسية. الأندية الكبرى حول العالم تعتمد سياسات مماثلة لإدارة نجومها المتقدمين في العمر أو أولئك الذين يعانون من جداول زمنية مزدحمة.
بالنسبة للنصر، فإن الهدف النهائي هو تحقيق الألقاب والنجاحات على المستويين المحلي والآسيوي. ولتحقيق ذلك، يجب أن يكون جميع اللاعبين، بمن فيهم رونالدو، في أفضل حالاتهم في الأوقات الأكثر أهمية. إن اتخاذ قرارات صعبة مثل إراحة لاعب بحجم رونالدو يؤكد على احترافية الإدارة الفنية ورؤيتها للمستقبل، حيث لا تقتصر الأهداف على الفوز بمباراة واحدة، بل تتسع لتشمل الفوز ببطولات على مدار الموسم.





