مساهمو تسلا يصوتون لصالح حزمة تعويضات إيلون ماسك التاريخية البالغة 878 مليار دولار
في قرار مرتقب على نطاق واسع، أعاد مساهمو عملاق السيارات الكهربائية تسلا الموافقة على حزمة تعويضات ضخمة قائمة على الأداء للمدير التنفيذي إيلون ماسك، بقيمة محتملة تصل إلى 878 مليار دولار أمريكي. يأتي هذا التصويت التاريخي، الذي جرى خلال الاجتماع السنوي للشركة في أوستن، تكساس، في 13 يونيو 2024، ليُشكل تأييدًا قويًا لقيادة ماسك ورؤيته الطموحة لتوجيه تسلا إلى ما هو أبعد من مجرد السيارات الكهربائية، نحو آفاق جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات. وتأتي هذه الموافقة بعد أن ألغت محكمة في ديلاوير الحزمة الأصلية لعام 2018 في وقت سابق من هذا العام، مما يجعل إعادة تأكيد المساهمين هذه لحظة حاسمة للشركة وقائدها الغامض.

خلفية حزمة التعويضات
تمت الموافقة على حزمة التعويضات المتنازع عليها في الأصل من قبل مساهمي تسلا في عام 2018. وقد صُممت كصفقة غير تقليدية على الإطلاق، حيث ربطت أرباح إيلون ماسك المحتملة مباشرة بالقيمة السوقية للشركة والإيرادات وأهداف الأرباح المعدلة قبل الفوائد والضرائب والإهلاك واستهلاك الدين (EBITDA). وبموجب الشروط، كان من المقرر أن يتلقى ماسك 12 شريحة من خيارات الأسهم، كل شريحة تعادل 1% من أسهم تسلا القائمة في ذلك الوقت، فقط إذا حققت الشركة أهدافًا مالية وتشغيلية تصاعدية وطموحة بشكل متزايد. وعلى مدار السنوات اللاحقة، ارتفعت قيمة تسلا بشكل كبير، مدفوعة باستراتيجيات ماسك المبتكرة والنمو السريع لسوق السيارات الكهربائية. وبحلول عام 2023، كانت تسلا قد حققت جميع الأهداف الـ 12 الصعبة، مما حولها إلى واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم وجعل الحزمة تبلغ مئات المليارات من الدولارات المحتملة.
ومع ذلك، واجهت الحزمة تحديًا قانونيًا. في يناير 2024، أبطلت قاضية محكمة ديلاوير تشانسري، كاثلين ماكورميك، خطة التعويضات لعام 2018. وحكمت المحكمة بأن عملية الموافقة كانت معيبة بشكل عميق، مستشهدة بمخاوف بشأن نقص الشفافية، وعدم كفاية الكشف للمساهمين، وتضارب المصالح المزعوم للمجلس وافتقاره للاستقلالية عن ماسك. ووجدت القاضية أن ماسك كان يسيطر فعليًا على المجلس خلال عملية الموافقة، مما أضر بنزاهة الصفقة. وقد خلق هذا الحكم حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل ماسك المالي وأثار تساؤلات حول حوكمة الشركات في تسلا.
تفاصيل التصويت وتداعياته الفورية
بعد قرار محكمة ديلاوير، حث مجلس إدارة تسلا المساهمين على إعادة الموافقة على الحزمة، بحجة أنها كانت حاسمة للحفاظ على تركيز ماسك وتفانيه للشركة. وأصبحت هذه القضية المحور الرئيسي للاجتماع السنوي للمساهمين الذي عُقد في 13 يونيو 2024، في مصنع جيجافاكتوري التابع لتسلا في أوستن، تكساس. ووصفت أجواء الاجتماع من قبل الحضور بأنها احتفالية، أشبه بمهرجان تقني منه باجتماع رسمي للشركات، حيث تضمن روبوتات راقصة ومستثمرين متحمسين يهتفون لماسك.
صوت المساهمون في نهاية المطاف بأغلبية ساحقة لصالح إعادة الموافقة على حزمة التعويضات لعام 2018، بأغلبية كبيرة. كما وافقوا على اقتراح منفصل لنقل المقر القانوني لتسلا من ديلاوير إلى تكساس، وهي خطوة يرى الكثيرون أنها رد مباشر على حكم المحكمة غير المواتي. وأعرب إيلون ماسك عن امتنانه وحماسه للنتائج، مشيرًا إلى التزامه المتجدد بقيادة تسلا نحو مرحلتها التالية من النمو، والتي يصفها غالبًا بأنها تتجاوز السيارات الكهربائية إلى مستقبل تهيمن عليه الذكاء الاصطناعي والروبوتات (مثل روبوت أوبتيموس) وتقنية القيادة الذاتية.
الأهمية والتداعيات الأوسع
تحمل إعادة الموافقة على حزمة تعويضات إيلون ماسك تداعيات كبيرة لمختلف أصحاب المصلحة:
- بالنسبة لإيلون ماسك: توفر له ولاية شخصية قوية وتؤمن له ثروة ضخمة مرتبطة بأدائه، والتي يمكنه استخدامها لتمويل مشاريعه الأخرى مثل سبيس إكس وإكس. إيه. آي (xAI). كما أنها تزيل سحابة عدم اليقين المحيطة بمستقبله المالي في تسلا، مما قد يسمح له بتكريس كامل اهتمامه لمشاريع الشركة الطموحة. وكان ماسك قد لمح سابقًا إلى الحاجة إلى قدر أكبر من التحكم والأسهم في تسلا لضمان التزامه طويل الأمد، لا سيما فيما يتعلق بمبادرات الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي.
- بالنسبة لتسلا: يشير التصويت إلى ثقة المساهمين الساحقة في قيادة ماسك الفريدة ونهجه غير التقليدي. إنه يعزز فكرة أن المساهمين يعتقدون أن ماسك لا غنى عنه لنجاح تسلا في المستقبل، خاصة وأن الشركة تواجه منافسة متزايدة في سوق السيارات الكهربائية وتتوسع في قطاعات جديدة ذات مخاطر ومكافآت عالية. يمكن للشركة الآن المضي قدمًا مع تشتيت أقل عن النزاع القانوني حول تعويضات المديرين التنفيذيين، والتركيز على تطوير المنتجات وتوسيع السوق.
- بالنسبة لحوكمة الشركات: يعيد القرار إشعال النقاشات حول رواتب المديرين التنفيذيين، واستقلالية مجلس الإدارة، وقوة المساهمين. بينما يظهر التصويت تضامن المساهمين مع ماسك، فإن مخاوف محكمة ديلاوير الأصلية بشأن العملية لا تزال قائمة. المعركة القانونية لم تنته بشكل حاسم؛ فإعادة الموافقة من قبل المساهمين لا تلغي تلقائيًا حكم قاضي ديلاوير، ولكنها توفر حجة قوية لتسلا في أي استئنافات أو إجراءات قانونية لاحقة. كما أنها تسلط الضوء على التوتر بين قواعد حوكمة الشركات الرسمية ورغبات قاعدة المساهمين المتحمسة الموالية لمؤسس صاحب رؤية.
- رد فعل السوق: كان رد فعل السوق الأولي إيجابيًا إلى حد ما، حيث شهد سهم تسلا ارتفاعًا متواضعًا، مما يعكس الارتياح لأن حالة عدم اليقين المحيطة بحصة ماسك ومستقبله في الشركة قد تم معالجتها، على الأقل من منظور المساهمين.
التوقعات المستقبلية
على الرغم من التصويت الحاسم للمساهمين، فإن الملحمة القانونية المحيطة بحزمة تعويضات إيلون ماسك لم تنتهِ بالضرورة. من المتوقع أن تستأنف تسلا حكم محكمة ديلاوير الأصلي، وستكون إعادة تأكيد المساهمين دليلاً رئيسيًا في حجتها. ومع ذلك، يلاحظ الخبراء القانونيون أن محكمة ديلاوير ستحتاج مع ذلك إلى تقييم ما إذا كانت إعادة التصويت قد عالجت بشكل كافٍ قضايا العملية والعدالة التي أثيرت في حكمها الأولي.
بالنظر إلى المستقبل، سيتحول التركيز لـتسلا نحو تنفيذ خارطة طريق ماسك الطموحة. ويشمل ذلك تسريع الجهود في القيادة الذاتية الكاملة (FSD)، وجعل روبوت أوبتيموس البشري قابلاً للتطبيق تجاريًا، ودمج قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في جميع جوانب الشركة. إن الحزمة التي أعيدت الموافقة عليها، على الرغم من كونها تاريخية في حجمها، هي في الأساس رهان من المساهمين على قدرة ماسك على الاستمرار في تقديم التطورات التكنولوجية الثورية والنمو غير المسبوق في السوق. وستكشف السنوات القادمة ما إذا كان هذا التصويت الاستثنائي بالثقة سيُترجم إلى نجاح مستدام لتسلا ومديرها التنفيذي صاحب الرؤية.



