مصر تدرس إنشاء كلية تكنولوجيا متخصصة في صناعة الذهب والمجوهرات لخدمة خريجي المدارس الفنية
تبحث الحكومة المصرية بجدية إمكانية إنشاء كلية تكنولوجيا متخصصة في صناعة الذهب والمجوهرات، وذلك لتقديم مسار تعليمي متقدم ومستدام لخريجي المدارس الفنية التطبيقية في هذا القطاع الحيوي. يأتي هذا التوجه في إطار استراتيجية الدولة لربط التعليم بسوق العمل وتوفير الكوادر المؤهلة التي يحتاجها الاقتصاد الوطني، خاصة في المجالات التي تتمتع فيها مصر بميزة تنافسية تاريخية.

خلفية المشروع وأهميته الاستراتيجية
تأتي هذه الخطوة بعد زيارة قام بها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، وعدد من المسؤولين، في زيارة حديثة إلى مدرسة "إيجيبت جولد" الثانوية للتكنولوجيا التطبيقية المتخصصة في صناعة الحلي والمجوهرات بمدينة العبور. كانت هذه الزيارة بمثابة نقطة انطلاق لمناقشات أوسع حول ضرورة استكمال المسار التعليمي لطلاب هذه المدارس، الذين يكتسبون مهارات عملية ممتازة ومطلوبة في سوق العمل، لكنهم قد يفتقرون إلى فرص التعليم العالي المتخصص التي تمكنهم من تطوير مسيرتهم المهنية بشكل أكبر والوصول إلى مستويات احترافية عليا.
تُعد صناعة الذهب والمجوهرات في مصر قطاعًا عريقًا وواعدًا، يمتلك تاريخًا طويلًا وحرفية متوارثة، ويعكس جزءًا هامًا من التراث الثقافي والاقتصادي للبلاد. ومع التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية المتسارعة، تسعى الحكومة المصرية إلى تحديث هذه الصناعة وتطويرها وتعزيز قدرتها التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي. يتطلب ذلك ضخ دماء جديدة من الشباب المدرب والمؤهل بأحدث التقنيات وأفضل الممارسات العالمية في التصميم والتصنيع، وهو ما تسعى مدارس التكنولوجيا التطبيقية لتحقيقه في المرحلة الثانوية، وما ستكمله الكلية المقترحة في التعليم العالي.
الأهداف المرجوة من الكلية المقترحة
يهدف إنشاء الكلية المقترحة إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية تسهم في دعم الاقتصاد المصري وتمكين الشباب. من أبرز هذه الأهداف:
- توفير مسار تعليمي متكامل: إتاحة الفرصة لخريجي المدارس الفنية المتخصصة لمواصلة تعليمهم العالي في مجال تخصصهم، مما يسد الفجوة بين التعليم الثانوي الفني والتعليم الجامعي ويخلق مسارًا مهنيًا واضحًا ومتدرجًا.
- تأهيل كوادر متخصصة: تخريج مهندسين وفنيين متخصصين على دراية بأحدث تقنيات تصميم وتصنيع الحلي والمجوهرات، بما في ذلك التصميم بمساعدة الحاسوب (CAD) والتصنيع المضاف (3D Printing) وتقنيات الليزر، بالإضافة إلى علوم المعادن والأحجار الكريمة، وإدارة الجودة والتسويق المتخصص.
- دعم الابتكار والبحث العلمي: ستكون الكلية مركزًا للبحث والتطوير في صناعة الذهب والمجوهرات، مما يسهم في ابتكار تصميمات جديدة، وتطوير مواد وعمليات تصنيع أكثر كفاءة واستدامة، وتقديم حلول تكنولوجية للمشكلات الصناعية.
- تعزيز القدرة التنافسية: من خلال توفير عمالة ماهرة ومدربة على أعلى المستويات العالمية، ستساعد الكلية في رفع جودة المنتجات المصرية من الحلي والمجوهرات، مما يعزز قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية ويزيد من فرص التصدير ويرفع قيمة المنتجات المصرية.
- خلق فرص عمل لائقة: ستفتح الكلية آفاقًا جديدة أمام الشباب في مجالات متعددة ضمن صناعة الذهب، من التصميم والإنتاج إلى التسويق والإدارة والجودة، مما يقلل من البطالة ويوفر فرص عمل ذات قيمة مضافة وعوائد مجزية.
تأثير المشروع على سوق العمل والصناعة المحلية
من المتوقع أن يكون لإنشاء هذه الكلية تأثير إيجابي كبير على سوق العمل المصري وصناعة الذهب المحلية. فبدلاً من اقتصار مسار خريجي المدارس الفنية على العمل المباشر بعد الثانوية، سيتمكنون من الحصول على درجات جامعية أو دبلومات متخصصة تؤهلهم لتولي أدوار قيادية ومتخصصة في المصانع والورش الكبرى، أو حتى تأسيس مشاريعهم الخاصة وريادة الأعمال في هذا القطاع. هذا التطور يسهم في تحقيق أحلام الكثير من الشباب الطموح في الارتقاء بمستواهم التعليمي والمهني.
كما سيعزز المشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث من المرجح أن تتعاون الكلية مع كبرى شركات صناعة الذهب والمجوهرات في مصر، مثل مجموعة إيجيبت جولد التي استضافت الزيارة، لتوفير التدريب العملي للطلاب وضمان توافق المناهج الدراسية مع احتياجات الصناعة الحقيقية المتغيرة. هذه الشراكة ضرورية لضمان جودة التعليم والتدريب ولضمان أن الخريجين مستعدون فورًا للانخراط في العمل بفعالية.
يُعَد هذا التوجه جزءًا من رؤية أوسع للحكومة المصرية تهدف إلى إعادة هيكلة التعليم الفني والمهني، ليصبح رافدًا أساسيًا للتنمية الاقتصادية المستدامة. وبإنشاء كليات متخصصة مثل هذه، تسعى مصر إلى بناء جسور متينة بين التعليم وسوق العمل، وتحويل التحديات الاقتصادية إلى فرص للنمو والابتكار والازدهار.
تشير هذه الخطوة إلى التزام الحكومة المصرية بتطوير قطاع الصناعات الحرفية والتحويلية، وتقديم الدعم اللازم للشباب المصري ليصبحوا روادًا ومبتكرين في مجالاتهم. ورغم أن المشروع لا يزال قيد الدراسة والبحث، إلا أن الاهتمام الرسمي الواضح به يؤكد جديته ويدفع نحو تحقيقه في المستقبل القريب، ليمثل إضافة نوعية ومحورية للمنظومة التعليمية والصناعية في البلاد.





