مصر تعرض دعماً لوجستياً للبحث عن الجثامين في غزة وسط اتهامات لإسرائيل بالعرقلة
في تصريحات حديثة، كشف الخبير في مكافحة الإرهاب الدولي والحرب المعلوماتية، العقيد حاتم صابر، عن استعداد مصر لتقديم دعم لوجستي وفني متكامل للمساعدة في تحديد مواقع وانتشال جثامين المحتجزين والضحايا في قطاع غزة. ويأتي هذا العرض في ظل اتهامات وجهها الخبير للجانب الإسرائيلي بممارسة ما وصفه بـ"المماطلة الواضحة" في السماح بدخول المعدات الثقيلة والفرق الدولية المتخصصة اللازمة لتنفيذ هذه المهمة الإنسانية المعقدة.
تفاصيل الدعم المصري المقترح
أوضح صابر أن الدعم الذي تعرضه مصر ليس عسكرياً، بل هو دعم لوجستي بحت يهدف إلى تسهيل واحدة من أكثر العمليات إلحاحاً من الناحية الإنسانية في القطاع المنكوب. ويشمل هذا الدعم المقترح توفير فرق فنية مدربة ومجهزة بأحدث التقنيات للمساعدة في تحديد أماكن وجود الجثامين تحت الأنقاض الهائلة التي خلفتها العمليات العسكرية. كما يتضمن الاستعداد لتسهيل دخول المعدات الثقيلة، مثل الحفارات والجرافات، التي تعتبر ضرورية لإزالة الركام والوصول إلى الضحايا.
وتأتي هذه المبادرة في إطار الدور المحوري الذي تلعبه مصر منذ بدء الأزمة، كوسيط رئيسي وكبوابة أساسية لمرور المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري. ويعكس العرض المصري رغبة في تخفيف المعاناة الإنسانية ومنع تفاقم الأزمة الصحية المحتملة الناجمة عن بقاء الجثامين تحت الركام لفترات طويلة.
اتهامات بالمماطلة الإسرائيلية
يشكل الجانب الآخر من القضية، وفقاً لتصريحات الخبير الأمني، العقبات التي تضعها إسرائيل أمام الجهود الدولية. اتهم حاتم صابر السلطات الإسرائيلية بعرقلة دخول الفرق الفنية والمعدات اللازمة بشكل متعمد، مما يؤخر عمليات البحث والانتشال الحيوية. وأشار إلى أن هذا التأخير يتعارض مع التفاهمات التي تم التوصل إليها سابقاً، وتحديداً خلال قمة شرم الشيخ الأخيرة، والتي كانت تهدف إلى تنسيق الجهود الإنسانية وتسهيل وصول المساعدات والفرق المتخصصة.
وتثير هذه المماطلة تساؤلات حول مدى التزام إسرائيل بتسهيل العمليات الإنسانية في القطاع، خاصة تلك التي تتطلب تنسيقاً أمنياً للسماح بمرور فرق ومعدات غير عسكرية. ويرى مراقبون أن أي تأخير في هذه العملية لا يؤدي فقط إلى تفاقم معاناة أهالي الضحايا الذين ينتظرون معرفة مصير ذويهم، بل يعقد أيضاً الجهود المستقبلية لإعادة الإعمار وتطهير المناطق المدمرة.
الأهمية الإنسانية واللوجستية للعملية
تكتسب عملية البحث عن الجثامين في غزة أهمية قصوى على عدة مستويات. فمن الناحية الإنسانية، يمثل العثور على رفات الضحايا وتسليمها إلى عائلاتهم خطوة ضرورية نحو تحقيق بعض من السكينة النفسية وإتاحة الفرصة للقيام بمراسم الدفن اللائقة، وهو حق أساسي في جميع الثقافات والأديان. إن بقاء مصير الآلاف مجهولاً يترك جرحاً مفتوحاً في نسيج المجتمع.
وعلى الصعيد الصحي والبيئي، يشكل وجود عدد كبير من الجثامين المتحللة تحت الأنقاض خطراً كبيراً على الصحة العامة. فهذه الظروف قد تؤدي إلى تلوث مصادر المياه الجوفية وتفشي الأوبئة والأمراض، مما يضيف عبئاً جديداً على النظام الصحي المنهار أصلاً في غزة. لذلك، فإن سرعة انتشال الجثامين ليست مجرد قضية إنسانية، بل هي ضرورة صحية ملحة.
لوجستياً، تعد المهمة شديدة التعقيد بسبب حجم الدمار الواسع. فالشوارع والطرقات مدمرة، والعديد من المباني تحولت إلى أكوام من الخرسانة والحديد، مما يجعل عمليات البحث التقليدية شبه مستحيلة. وهذا يؤكد على الحاجة الماسة للمعدات الثقيلة والخبرات الفنية الدولية التي يمكن أن تساهم مصر في توفيرها أو تسهيل وصولها.
خلفية وتداعيات الموقف
يأتي هذا التطور في سياق الصراع الدائر في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، والذي أدى إلى أزمة إنسانية كارثية. ولطالما كانت مصر في قلب الجهود الدبلوماسية والإنسانية، حيث قادت مفاوضات لوقف إطلاق النار وتنسيق إدخال المساعدات. إن عرضها للدعم اللوجستي لانتشال الجثامين هو امتداد طبيعي لهذا الدور.
ويبقى الموقف الحالي معلقاً على مدى استجابة الجانب الإسرائيلي للضغوط الدولية وتسهيله لهذه المهمة الإنسانية. إن نجاح هذه العملية لا يعتمد فقط على توفر المعدات والفرق، بل أيضاً على وجود إرادة سياسية للسماح لها بالعمل بأمان وفعالية. وفي غياب ذلك، ستستمر معاناة العائلات وتتزايد المخاطر الصحية، مما يضيف فصلاً مأساوياً جديداً إلى الأزمة في غزة.





