مصرع 13 شخصاً في حادث تصادم مروع على "طريق الموت" بمأرب
مأرب، اليمن – لقي 13 شخصاً مصرعهم وأصيب آخرون في حادث تصادم مروع وقع مؤخراً على الطريق الذي يُعرف باسم "طريق الموت" بمحافظة مأرب اليمنية. يسلط هذا الحادث المأساوي الضوء مجدداً على المخاطر الكبيرة التي تحدق بالمسافرين على هذا المسار الحيوي والخطير، والذي أصبح مرادفاً للكوارث المرورية المتكررة في المنطقة.

خلفية: طريق الموت في مأرب
يُعد الطريق الذي شهد الحادث، والذي يربط مناطق حيوية داخل مأرب وخارجها، من أخطر الطرق في اليمن، وقد أُطلق عليه لقب "طريق الموت" بسبب كثرة الحوادث المرورية المأساوية التي يشهدها باستمرار. تعود خطورة هذا الطريق إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها حالته المتردية نتيجة الإهمال وسنوات الصراع. فهو يفتقر إلى الصيانة الدورية ويعج بالحفر والمنعطفات الحادة غير المؤهلة التي تفتقر إلى معايير السلامة اللازمة. كما أن غياب الإضاءة الكافية والعلامات الإرشادية الواضحة يزيد من احتمالات وقوع الكوارث، خاصة في الليل أو في ظروف الرؤية السيئة، مما يحول كل رحلة عليه إلى مخاطرة محفوفة بالموت.
مأرب: محافظة حيوية تحت وطأة الصراع
تقع محافظة مأرب، الغنية بالنفط والغاز، في قلب الصراع اليمني، مما جعلها ملاذاً لملايين النازحين من مختلف أنحاء البلاد. هذه الكثافة السكانية المفاجئة أدت إلى زيادة الضغط على البنية التحتية المتهالكة أصلاً، بما في ذلك شبكة الطرق. فمع تدهور الأوضاع الأمنية في مناطق أخرى وإغلاق مسارات بديلة، أصبح "طريق الموت" الشريان الرئيسي الذي يربط المحافظة بالمناطق الأخرى، مما يزيد من حركة الشاحنات والمركبات الخفيفة عليه بشكل يفوق قدرته الاستيعابية بكثير، ويفاقم من مخاطر الحوادث.
إن استمرار الصراع وغياب السلطة المركزية القوية وتشتت جهود الحكومة المحلية بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة، كلها عوامل تعرقل أي مبادرات جادة لتحسين أو صيانة هذا الطريق. هذا الوضع يحول دون إيجاد حلول جذرية لمشكلة طال أمدها وتسببت في فقدان مئات الأرواح، مما يؤكد أن قضية سلامة الطرق في اليمن لا تنفصل عن السياق السياسي والأمني الأوسع.
تفاصيل الحادث الأخير والاستجابة
وفقاً للمعلومات الأولية، وقع الحادث الأخير نتيجة تصادم عنيف بين مركبتين، يُعتقد أنهما كانتا تسيران بسرعة عالية أو فقد أحد السائقين السيطرة بسبب سوء الطريق وانعدام الرؤية. هرعت فرق الإسعاف والدفاع المدني إلى موقع الحادث فوراً، وعملت على انتشال الضحايا ونقل المصابين إلى المستشفيات القريبة. وقد أكدت المصادر الطبية أن 13 شخصاً لقوا حتفهم في الموقع أو بعد وصولهم بوقت قصير، بينما لا يزال عدد من المصابين يتلقون العلاج، وبعضهم في حالات حرجة، مما يثير مخاوف من ارتفاع حصيلة الضحايا.
تواصل الأجهزة الأمنية في مأرب تحقيقاتها لمعرفة الملابسات الدقيقة التي أدت إلى وقوع هذه المأساة، غير أن المؤشرات الأولية تشير إلى أن عوامل مثل السرعة الزائدة وحالة الطريق السيئة لعبت دوراً رئيسياً في تفاقم النتائج.
دعوات متكررة لتحسين السلامة المرورية
لم يكن هذا الحادث هو الأول من نوعه على "طريق الموت"؛ فخلال السنوات الماضية، سجلت عشرات الحوادث المماثلة التي أودت بحياة المئات، مما دفع بالعديد من المنظمات المحلية والنشطاء المدنيين إلى توجيه نداءات متكررة للحكومة والسلطات المعنية بضرورة التدخل العاجل لإعادة تأهيل الطريق وتأمين سلامة المسافرين. وتشمل المطالب: إعادة رصف الطريق، توسيع مساراته الضيقة، توفير إنارة كافية، ووضع حواجز حماية في المنعطفات الخطرة، بالإضافة إلى تشديد الرقابة المرورية وتطبيق قوانين السلامة بشكل صارم. يُظهر تكرار هذه المآسي حجم الإهمال والتحديات التي تواجه البنية التحتية في اليمن، والتي تتفاقم بفعل الصراع الدائر. ويعتبر هذا الحادث تذكيراً مؤلماً آخر بضرورة إعطاء الأولوية لحياة المدنيين وتأمين الطرق التي يستخدمونها يومياً.
الخاتمة: تداعيات مستمرة
في الوقت الذي تتوالى فيه التعازي لذوي الضحايا، تظل قضية "طريق الموت" في مأرب رمزاً للمأساة الإنسانية الأوسع في اليمن، حيث تتداخل آثار الحرب مع ضعف البنية التحتية لتخلق بيئة خطرة على حياة المواطنين. إن استمرار تجاهل هذه المشكلة يعني المزيد من الخسائر البشرية في المستقبل، مما يستدعي تحركاً عاجلاً وفعالاً لضمان سلامة مستخدمي الطريق وتجنيبهم المزيد من المآسي.





