مقترح ياسر جلال: تحويل المواصلات العامة إلى منصات ثقافية وتوعوية متنقلة
في خطوة تعكس رؤيته لتوسيع نطاق الوعي الثقافي والفني في المجتمع المصري، تقدم الفنان وعضو مجلس الشيوخ ياسر جلال، الذي يشغل منصب وكيل لجنة الثقافة والإعلام والآثار، باقتراح طموح يهدف إلى استغلال وسائل المواصلات العامة في مصر كمنصات توعوية وثقافية متنقلة. جاء هذا المقترح في سياق جهوده للمساهمة الفاعلة في قضايا الثقافة والإعلام والآثار بعد فوزه بهذا المنصب الهام في أكتوبر 2023، والذي يعتبره مسؤولية جديدة تضاف إلى مسيرته الفنية والإنسانية.

يرتكز المقترح على فكرة تحويل الأوقات الطويلة التي يقضيها المواطنون في تنقلاتهم اليومية إلى فرص قيمة للتعلم والتعرف على الفنون والآداب والقضايا المجتمعية الملحة. هذا التحول سيتم من خلال عرض محتوى ثقافي وتوعوي متنوع وجذاب داخل الحافلات وقطارات المترو ومركبات النقل العام الأخرى، بهدف إثراء التجربة اليومية للركاب وتعزيز الوعي العام بطرق مبتكرة وغير تقليدية.
خلفية المقترح وأهميته
ينبع مقترح الفنان ياسر جلال من إيمان راسخ بأهمية الثقافة كأداة أساسية للتنمية المجتمعية الشاملة ورفع مستوى الوعي العام. فمنذ انتخابه وكيلاً للجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس الشيوخ، أكد جلال على أن هذا المنصب ليس مجرد تكليف شرفي، بل هو مسؤولية ضخمة تتيح له الفرصة لدعم جهود الدولة الرامية إلى النهوض بقطاعات الثقافة والفنون والإعلام. ويرى جلال أن المواصلات العامة، التي يستخدمها ملايين المواطنين يوميًا من مختلف الشرائح الاجتماعية، تمثل مساحة غير مستغلة بالشكل الأمثل يمكن تحويلها إلى قنوات فعالة لنشر الوعي والمعرفة.
تكمن الأهمية الاستراتيجية لهذا المقترح في قدرته على الوصول إلى شرائح واسعة ومتنوعة من المجتمع، بما في ذلك الأفراد الذين قد لا تسنح لهم الفرصة بانتظام لزيارة المتاحف أو حضور الفعاليات الثقافية التقليدية. وبذلك، يسهم المقترح في دمج الثقافة والوعي بالقضايا المجتمعية الهامة في النسيج اليومي لحياة المواطنين، محولاً وقت الانتظار والتنقل الذي كان يُعد وقتًا ضائعًا إلى وقت ذي قيمة مضافة وإثراء معرفي. كما يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الحالة المزاجية للركاب، موفرًا لهم محتوى ممتعًا ومفيدًا يكسر رتابة الرحلات اليومية.
تفاصيل الرؤية والمحتوى المقترح
تصور ياسر جلال لهذا المشروع الواعد يتضمن مجموعة واسعة ومتنوعة من الأنشطة والمحتويات التي يمكن عرضها بفاعلية داخل وسائل النقل العام، مقترحًا:
- الفنون البصرية: يمكن عرض لوحات فنية رقمية، صور فوتوغرافية معبرة، ومقاطع فيديو قصيرة تسلط الضوء على الفن التشكيلي المصري والعالمي، بالإضافة إلى التعريف بفنانين بارزين وإبداعاتهم.
- السينما والدراما: بث مقتطفات جذابة من أفلام وثائقية أو قصيرة هادفة، أو عرض معلومات شيقة عن تاريخ السينما المصرية ورموزها وشخصياتها المؤثرة، مما يعزز تقدير الفن السابع.
- الكتب والأدب: تقديم نبذة موجزة عن كتب بارزة ومؤلفين مهمين، وعرض اقتباسات ملهمة من مؤلفات أدبية وفكرية، أو دعوات للمشاركة في مبادرات تشجيع القراءة والمطالعة لجميع الأعمار.
- الوعي المجتمعي والصحة: رسائل توعوية مبسطة ومؤثرة حول قضايا الصحة العامة والوقاية من الأمراض، أهمية الحفاظ على البيئة، قواعد السلامة المرورية، أو تعزيز القيم الإيجابية مثل التسامح، المواطنة الصالحة، واحترام الآخر.
- التراث والآثار: عرض معلومات بصرية ومكتوبة عن المواقع الأثرية المصرية الفريدة، وتاريخها العريق، وأهميتها الحضارية، وذلك للترويج للسياحة الداخلية ورفع الوعي بقيمة التراث الوطني لدى الأجيال الجديدة.
يؤكد المقترح على ضرورة أن يكون المحتوى المختار جذابًا، عالي الجودة، ومتجددًا باستمرار، وأن يتم تصميمه ليتناسب مع جميع الفئات العمرية والثقافية للجمهور، وأن يتم عرضه بطريقة لا تشتت انتباه الركاب بل تثري تجربتهم اليومية وتضيف قيمة حقيقية لأوقاتهم.
التحديات والآفاق المستقبلية
من المتوقع أن يواجه تطبيق هذا المقترح الطموح بعض التحديات العملية واللوجستية. منها على سبيل المثال، التكلفة الأولية لتجهيز أعداد كبيرة من وسائل النقل العام بالشاشات الرقمية وأنظمة العرض المتطورة، بالإضافة إلى التحدي الأكبر المتمثل في توفير محتوى ثقافي وتوعوي غني ومتجدد باستمرار يضمن جذب واهتمام الركاب. كما يتطلب المشروع تنسيقًا فعالاً بين العديد من الجهات المعنية، بما في ذلك وزارة النقل، ووزارة الثقافة، والهيئات الإعلامية، ومؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في إنتاج المحتوى.
ومع ذلك، يرى الداعمون لمقترح ياسر جلال أن الفوائد بعيدة المدى لتنمية الوعي الثقافي والوطني، وتعزيز القيم الإيجابية، وإثراء الحياة اليومية للمواطنين، تفوق بكثير هذه التحديات. يُعد هذا التوجه جزءًا من رؤية أوسع وأشمل لاستغلال جميع المساحات المتاحة في المدن لخدمة أهداف التنمية المستدامة، وتقديم تجارب تعليمية وثقافية جديدة ومبتكرة للمواطنين في سياق حياتهم اليومية. ويعكس المقترح الاهتمام المتزايد بدور الفن والثقافة ليس فقط كأدوات للترفيه، بل كعناصر حيوية وفعالة في بناء الإنسان وتطوير المجتمع ككل.
بالتوازي مع هذا المقترح الثوري، يواصل الفنان ياسر جلال عمله الدؤوب في لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس الشيوخ، حيث يشارك بفعالية في مناقشة التشريعات وتقديم الرؤى التي تهدف إلى النهوض بهذه القطاعات الحيوية والاستراتيجية في مصر، مؤكدًا التزامه بدوره كنائب للشعب ومعززًا لدور الفن في خدمة قضايا المجتمع.




