مواجهة حاسمة في مونديال الشباب: تونس وبلجيكا في كأس العالم تحت 17 عاماً 2025
على أرضية الميدان في يوم الأحد الموافق 9 نوفمبر 2025، شهدت بطولة كأس العالم للناشئين تحت 17 عاماً مواجهة محورية جمعت بين منتخبي تونس وبلجيكا ضمن الجولة الختامية لدور المجموعات. كانت هذه المباراة تحمل أهمية قصوى للمنتخب التونسي الساعي إلى تأمين مكان له في أدوار خروج المغلوب والمضي قدماً في المنافسة العالمية.

خلفية المباراة ومسار المنتخبات
تُعد بطولة كأس العالم للناشئين تحت 17 عاماً منصة عالمية حيوية لاكتشاف المواهب الصاعدة وصقل مهاراتها، وتجتذب اهتماماً واسعاً من الأوساط الكروية لكونها مؤشراً لمستقبل كرة القدم الدولية. في نسخة عام 2025، دخل المنتخب التونسي هذه المباراة الحاسمة وهو يملك ثلاث نقاط في رصيده، بعد أن حقق فوزاً كبيراً ومقنعاً على منتخب فيجي بنتيجة 6-0 في الجولة الأولى، مما عكس قدراته الهجومية. إلا أنه تلقى هزيمة أمام الأرجنتين بهدف دون رد في الجولة الثانية، وهي نتيجة وضعته تحت الضغط. هذا الوضع وضع "صغار نسور قرطاج" في المركز الثالث ضمن مجموعتهم، خلف الأرجنتين المتصدرة وبلجيكا صاحبة المركز الثاني، والتي كانت تتفوق على تونس بفارق الأهداف فقط، مما أضاف بعداً تنافسياً للمواجهة الأخيرة.
كانت الآمال معلقة على المنتخب التونسي لتحقيق نتيجة إيجابية ضد بلجيكا، سواء بالفوز أو التعادل، لضمان التأهل المباشر إلى دور الـ32، أو على الأقل تحسين فرصه كأحد أفضل المنتخبات التي تحتل المركز الثالث. تنص لوائح البطولة على تأهل صاحبي المركزين الأول والثاني من كل مجموعة بشكل مباشر (مجموع 24 منتخباً)، بالإضافة إلى أفضل ثمانية منتخبات تحتل المركز الثالث من بين جميع المجموعات، مما يضيف بعداً استراتيجياً وتعقيداً للحسابات في المباريات الختامية لدور المجموعات.
مجريات اللقاء والتطورات الرئيسية
انطلقت صافرة البداية في تمام الساعة 01:30 ظهراً بتوقيت تونس، وبدأت المباراة بوتيرة سريعة ومليئة بالإثارة. لم تمر سوى دقيقة واحدة حتى اهتزت الشباك التونسية، حيث تمكن اللاعب البلجيكي نوح فيرنانديز من تسجيل الهدف الأول لبلاده، ليضع المنتخب التونسي تحت ضغط مبكر ومفاجئ وغير متوقع. هذا الهدف المبكر غيّر من استراتيجية المنتخب التونسي الذي حاول الرد سريعاً لتعديل النتيجة، وشهدت الدقيقة العاشرة محاولات هجومية تونسية لتسجيل هدف التعادل، لكن هذه المحاولات لم تنجح في اختراق الدفاع البلجيكي المتماسك.
تصاعدت وتيرة المباراة وشهدت الدقيقة 17 نقطة تحول كبرى عندما تلقى لاعب المنتخب التونسي، سيف الدين الحاج عبد الله، بطاقة حمراء مباشرة، مما اضطر فريقه لإكمال المباراة بعشرة لاعبين. هذا الطرد المبكر أثر بشكل كبير على الأداء التكتيكي للمنتخب التونسي، ومنح المنتخب البلجيكي الأفضلية العددية والنفسية، فسيطر على مجريات اللعب بشكل أوضح، وهو ما تجلى في الدقيقة 30 مع استمرار السيطرة البلجيكية على الكرة ومنطقة المناورات، دون أن يتمكن "صغار نسور قرطاج" من فرض إيقاعهم. انتهى الشوط الأول بتقدم بلجيكا بهدف وحيد، تاركاً المنتخب التونسي أمام تحدٍ كبير في الشوط الثاني.
مع بداية الشوط الثاني، حاول المنتخب التونسي تنظيم صفوفه وإعادة ترتيب أوراقه رغم النقص العددي الواضح، إلا أن المنتخب البلجيكي استمر في فرض إيقاعه الهجومي. في الدقيقة 55، تمكن علي كمارا من إضافة الهدف الثاني لبلجيكا، مما جعل مهمة تونس في العودة للمباراة أكثر صعوبة وتعقيداً. ورغم تأخرهم بهدفين وبلعبهم منقوصين، لم يتوقف اللاعبون التونسيون عن المحاولة، أظهروا روحاً قتالية ملحوظة؛ ففي الدقيقة 58، سدد محمد السيفي كرة خطيرة مرت بجوار المرمى البلجيكي. تبعتها محاولة أخرى في الدقيقة 64 بضربة رأس من أنيس سعيدي، لكنها ذهبت فوق مرمى بلجيكا. ثم جاءت تسديدة أخرى لسعيدي في الدقيقة 73 كانت أيضاً فوق العارضة، مما عكس عدم التوفيق أمام المرمى.
شهدت الدقائق الأخيرة من المباراة، وتحديداً من الدقيقة 75 إلى 90، محاولات متبادلة لتشكيل هجمات من كلا الجانبين، لكن دون أن تسفر عن خطورة حقيقية على المرميين، حيث انحصر اللعب في وسط الملعب. وفي الوقت المحتسب بدل الضائع، وتحديداً في الدقيقة 90+4، شن منتخب بلجيكا هجمة أخيرة عبر جيسي دا سيلفا، لكن الدفاع التونسي نجح في إحباطها بنجاح. أطلق الحكم صافرته النهائية معلناً نهاية المباراة بخسارة تونس بنتيجة 0-2.
النتيجة وتأثيرها على مسار تونس
أدت هذه الخسارة إلى تبدد آمال المنتخب التونسي للناشئين في التأهل إلى دور الـ32 من كأس العالم تحت 17 عاماً 2025. كانت المباراة حاسمة لفرص تونس، ليس فقط لضمان التقدم المباشر ولكن أيضاً لتعزيز موقفها كأحد أفضل الفرق التي تحتل المركز الثالث، وهو ما لم يتحقق. النتيجة السلبية تعني أن رصيد تونس تجمد عند ثلاث نقاط، مما جعلها خارج قائمة المتأهلين في هذه البطولة المرموقة، لتنهي بذلك مشوارها في دور المجموعات.
شكلت المباراة تحدياً كبيراً للمنتخب التونسي، حيث لعب الفريق جزءاً كبيراً منها بنقص عددي بعد الطرد المبكر لسيف الدين الحاج عبد الله. هذا العامل، بالإضافة إلى الهدف البلجيكي السريع الذي جاء في الدقيقة الأولى، وضع ضغطاً إضافياً وعبئاً نفسياً كبيراً على اللاعبين التونسيين. ورغم الجهود المبذولة والمحاولات المتكررة لتسجيل الأهداف والعودة في النتيجة، إلا أن الحظ لم يحالفهم في إحراز أي أهداف تعيدهم إلى أجواء المباراة.
بالنسبة لبلجيكا، ضمن هذا الفوز تأهلها للدور التالي بنجاح، مما يعزز من مسيرتها في البطولة ويؤكد قوتها كأحد الفرق المرشحة. بينما يمثل خروج تونس درساً مهماً للجهاز الفني واللاعبين الشباب حول تحديات المنافسات العالمية وضرورة الحفاظ على التركيز والالتزام التكتيكي طوال المباراة، حتى في أصعب الظروف وأكثرها تعقيداً.
لقد كانت مواجهة تونس وبلجيكا نقطة نهاية لمشوار "صغار نسور قرطاج" في كأس العالم تحت 17 عاماً 2025، تاركة خلفها الكثير من الدروس المستفادة، وتجارب قيمة للاعبين الشباب في طريقهم نحو الاحتراف والتمثيل الدولي في المستقبل.





