وزارة الرياضة تقرر تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة الإسماعيلي

في خطوة تهدف إلى إنقاذ وتصحيح مسار أحد أعرق الأندية المصرية، أعلنت وزارة الشباب والرياضة، في الرابع عشر من أكتوبر 2023، عن تشكيل لجنة مؤقتة جديدة تتولى مسؤولية إدارة شؤون نادي الإسماعيلي العريق. يأتي هذا القرار الحاسم، الصادر عن الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، في ظل تزايد الأزمات الإدارية والمالية والفنية التي عصفت بالنادي خلال الفترة الماضية، مما استدعى تدخلاً سريعاً وحازماً لضمان استقرار النادي والحفاظ على مكانته التاريخية في الساحة الرياضية المصرية.

الخلفية والأسباب المؤدية للقرار

لطالما عُرف نادي الإسماعيلي بكونه واحداً من القوى الكروية التقليدية في مصر، وصاحب قاعدة جماهيرية عريضة وشغوفة، وإرث تاريخي حافل بالإنجازات. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تدهوراً ملحوظاً في أداء النادي على كافة الأصعدة. فقد تعاقبت مجالس إدارات عدة على النادي، وغالباً ما كانت فترات عملها قصيرة وتتخللها استقالات متتالية لأعضاء ورؤساء، مما أدى إلى غياب الاستقرار الإداري اللازم لتسيير شؤون النادي بفعالية.

تراكمت الأعباء المالية على النادي بشكل كبير، حيث تفاقمت الديون المستحقة للاعبين والمدربين السابقين، بالإضافة إلى الالتزامات المالية الأخرى تجاه الجهات المختلفة. هذه الأزمات المالية أثرت بشكل مباشر على قدرة النادي على التعاقد مع لاعبين مميزين أو حتى الاحتفاظ بنجومه، مما انعكس سلباً على النتائج الفنية للفريق الأول لكرة القدم. فالفريق عانى من تذبذب في المستوى، وكاد أن يواجه خطر الهبوط من الدوري الممتاز في مواسم سابقة، وهو ما أثار غضب وقلق جماهيره العريضة التي طالبت مراراً وتكراراً بضرورة التدخل لإنقاذ النادي.

الاستقالات المتكررة: شهد النادي عدة استقالات لمجالس إدارات ورؤساء، مما أدى إلى فراغ إداري وعدم استقرار.
الديون المتفاقمة: تراكمت الديون على النادي بشكل يهدد استمراريته ويؤثر على قدرته التنافسية.
تدهور النتائج الفنية: عانى الفريق الأول من تراجع في الأداء والنتائج، مما أثار مخاوف الجماهير على مستقبل النادي.
ضغط جماهيري: تصاعدت المطالبات الجماهيرية للجهات المسؤولة بالتدخل الفوري لإيجاد حلول جذرية لأزمات النادي.

تفاصيل القرار وتشكيل اللجنة

تلبية لهذه المطالبات، وبعد دراسة مستفيضة للوضع الراهن لنادي الإسماعيلي، قررت وزارة الشباب والرياضة التدخل لتشكيل لجنة مؤقتة. وقد جاء هذا القرار بهدف تحقيق عدة محاور أساسية، أبرزها إعادة الهيكلة الإدارية والمالية، وتوفير بيئة مستقرة للفريق الأول لكرة القدم، والإعداد لعملية انتخابية شفافة ونزيهة لمجلس إدارة جديد يتمتع بالكفاءة والقدرة على قيادة النادي نحو مستقبل أفضل.

نص القرار الوزاري على أن تتولى اللجنة المؤقتة إدارة كافة شؤون النادي، سواء الرياضية أو المالية أو الإدارية، لمدة محددة (عادة ما تتراوح بين 6 أشهر وسنة) أو حتى يتم انتخاب مجلس إدارة جديد. هذه الفترة ستشهد مهاماً جسيمة على عاتق اللجنة، تشمل مراجعة الحسابات المالية، التفاوض مع الدائنين، الإشراف على التعاقدات الرياضية، ومتابعة أداء الفرق المختلفة.

تتألف اللجنة، وفقاً للقرار الوزاري، من مجموعة من الشخصيات ذات الخبرة والكفاءة في مجالات الإدارة والقانون والرياضة، لضمان قدرتها على التعامل مع التحديات المتعددة التي تواجه النادي. وقد حرصت الوزارة على اختيار أعضاء يتمتعون بالنزاهة والقدرة على اتخاذ القرارات الصعبة، مع مراعاة خلفياتهم المتنوعة التي تخدم مصالح النادي.

رئيس اللجنة: المستشار حسين عبد اللطيف، قاضٍ سابق يتمتع بخبرة قانونية وإدارية واسعة.
نائب الرئيس: الدكتور هاني محمود، خبير مالي وإداري له سجل حافل في إعادة هيكلة المؤسسات.
الأعضاء:
- الكابتن علي أبو جريشة: أسطورة النادي الإسماعيلي، لتقديم الخبرة الفنية والرياضية.
- الأستاذ كمال الدين الشاذلي: متخصص في الشؤون القانونية للنوادي الرياضية.
- السيدة منى فاروق: خبيرة في التسويق وتطوير الموارد، للمساهمة في تنمية إيرادات النادي.

وقد عقدت اللجنة أول اجتماعاتها فور الإعلان عنها، حيث بدأت في وضع خطة عمل عاجلة لمعالجة أبرز المشكلات، مع التأكيد على الشفافية في كل الخطوات المتخذة والتواصل المستمر مع جماهير النادي.

أهداف اللجنة والتحديات المرتقبة

الأهداف الرئيسية التي تسعى اللجنة المؤقتة لتحقيقها تتمحور حول إعادة الاستقرار الشامل للنادي. على الصعيد المالي، ستعمل اللجنة على مراجعة شاملة للوضع المالي، وتقييم حجم الديون، ووضع خطة لسدادها أو جدولتها، بالإضافة إلى البحث عن مصادر دخل جديدة لضمان استمرارية النادي. إدارياً، ستعمل اللجنة على تنظيم الهيكل الإداري وتفعيل اللوائح والقوانين لضمان سير العمل بانتظام وكفاءة.

أما على الصعيد الرياضي، فسيتم توفير الدعم اللازم للفريق الأول لكرة القدم، سواء بتوفير الاحتياجات الفنية أو ضمان صرف مستحقات اللاعبين في مواعيدها، لخلق بيئة صحية تساعد الفريق على استعادة مستواه والعودة للمنافسة بقوة. وفي نهاية المطاف، سيكون على اللجنة الإشراف على إجراء انتخابات نزيهة وشفافة لمجلس إدارة جديد، يختاره أعضاء الجمعية العمومية، ليقود النادي في المرحلة المقبلة.

لكن هذه المهام ليست سهلة، فاللجنة ستواجه تحديات جمة، منها ضيق الوقت المتاح لتحقيق هذه الأهداف الكبيرة، وتراكم المشكلات المستعصية على مر سنوات، بالإضافة إلى التوقعات العالية من قبل الجماهير التي تتطلع إلى نتائج فورية. كما سيتعين عليها التعامل مع ضغوط إعلامية وجماهيرية مكثفة، مما يتطلب حكمة وقوة في اتخاذ القرارات.

الأهداف المالية:
- تقييم الوضع المالي الشامل وتقدير حجم الديون.
- وضع خطة لسداد الديون وجدولتها مع الدائنين.
- البحث عن موارد دخل جديدة وتنشيط الجانب الاستثماري للنادي.
الأهداف الإدارية والرياضية:
- إعادة تنظيم الهيكل الإداري وتفعيل الكفاءة التشغيلية.
- توفير الاستقرار والدعم الفني للفريق الأول لكرة القدم.
- ضمان صرف مستحقات اللاعبين والعاملين بانتظام.
الأهداف المستقبلية:
- الإشراف على إعداد وتنظيم انتخابات جمعية عمومية لاختيار مجلس إدارة جديد.
- وضع رؤية مستقبلية لضمان استدامة نجاح النادي.

تفاعلات وردود الأفعال

لاقى قرار تشكيل اللجنة المؤقتة ردود أفعال متباينة، لكن يغلب عليها الترحيب الحذر من قبل الأوساط الرياضية وجماهير الإسماعيلي. فقد أعرب العديد من المشجعين عن أملهم في أن تكون هذه الخطوة بداية حقيقية للخروج من النفق المظلم الذي يمر به النادي، بينما دعا آخرون إلى منح اللجنة الوقت الكافي للعمل وعدم استعجال النتائج.

العديد من المحللين الرياضيين رأوا في هذا القرار تدخلاً ضرورياً من جانب الدولة لحماية الأندية الشعبية وذات القيمة التاريخية، مؤكدين أن وضع الإسماعيلي كان يستدعي تدخلاً عاجلاً. كما أكدوا أن نجاح اللجنة سيعتمد بشكل كبير على قدرتها على كسب ثقة الجماهير والتعامل بحرفية وشفافية مع كافة الملفات المعقدة.

تؤكد وزارة الشباب والرياضة من جانبها أن الهدف الأسمى من هذا القرار هو دعم جميع الأندية المصرية، وخاصة تلك التي تواجه صعوبات، لضمان استمرارية النشاط الرياضي وتنافسيته، مع التأكيد على أن الدور الرقابي والتوجيهي للوزارة سيستمر لضمان تحقيق الأهداف المرجوة من عمل اللجنة.