نتنياهو: إسرائيل حددت "القوات الدولية التي لا تقبلها" في غزة
في تصريحات حديثة، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل قد أوضحت للدول الكبرى والقوى الدولية رؤيتها ومواقفها بشأن أنواع القوات الدولية التي لن تقبل وجودها في قطاع غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية. هذه التصريحات تأتي في سياق النقاشات المكثفة حول مستقبل القطاع، لا سيما في جوانب الأمن والإدارة المدنية لما بعد الحرب، وهو موضوع يشغل المحافل الدبلوماسية الدولية والإقليمية.

خلفية النقاش حول مستقبل غزة
منذ اندلاع الصراع في أكتوبر 2023، برزت الحاجة الملحة لوضع خطة شاملة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة. تتناول هذه الخطة قضايا أساسية مثل إعادة الإعمار، وتوفير المساعدات الإنسانية، والأهم من ذلك، الترتيبات الأمنية والإدارية. المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول العربية، يقترحون نماذج مختلفة قد تتضمن شكلاً من أشكال الوجود الدولي للمساعدة في تحقيق الاستقرار، ومنع تكرار العنف، وتسهيل عملية سياسية طويلة الأمد.
تتمحور رؤية إسرائيل المعلنة حول ضمان أمنها وعدم عودة أي تهديد من غزة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على السيطرة الأمنية الشاملة على القطاع. هذا الموقف يتعارض أحيانًا مع رغبات المجتمع الدولي التي تسعى إلى دور فلسطيني أكبر في الإدارة، وإلى وجود دولي لضمان الانتقال السلمي.
موقف إسرائيل من القوات الدولية
أوضح نتنياهو أن إسرائيل قد حددت بوضوح للقوى الدولية معاييرها بشأن القوات التي تعتبرها غير مقبولة في غزة. هذه المعايير تستند بشكل أساسي إلى مصالح إسرائيل الأمنية العليا. على الأرجح، ترفض إسرائيل أي قوة لا تكون خاضعة لإشرافها الأمني المباشر، أو تلك التي قد تُفهم على أنها تحد من قدرتها على العمل لمواجهة التهديدات، أو القوات التي قد تُفسر على أنها تشرعن وجود كيانات تعتبرها إسرائيل معادية، مثل حركة حماس. الهدف الأساسي لإسرائيل هو منع عودة القدرات العسكرية لحماس أو أي جماعة مصنفة إرهابية.
وفقًا لنتنياهو، فإن الولايات المتحدة تتفق مع إسرائيل في هذا الموقف المتعلق برفض أنواع معينة من القوات. هذا التوافق يشير إلى فهم مشترك بين الحليفين بشأن التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل، على الرغم من أن واشنطن تضغط أيضًا من أجل حل سياسي أوسع يتضمن دورًا أكبر للسلطة الفلسطينية.
الرؤى الدولية والتباينات
اقترحت دول وهيئات مختلفة، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية، أفكارًا لإنشاء قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات أو قوة إقليمية للمساعدة في تحقيق الاستقرار في غزة. ومع ذلك، تواجه هذه المقترحات تحديات كبيرة:
- السيادة: تثير أي قوة دولية تساؤلات حول السيادة الفلسطينية المستقبلية على القطاع.
- المهمة والولاية: تحديد مهام هذه القوات وصلاحياتها وقواعد الاشتباك الخاصة بها أمر معقد للغاية ويتطلب توافقًا دوليًا واسعًا.
- المشاركة العربية: العديد من الدول العربية أبدت ترددًا في المشاركة بقوات عسكرية مباشرة في غزة دون وجود أفق سياسي واضح يضمن إقامة دولة فلسطينية.
- قدرة الأمم المتحدة: الخبرة السابقة لبعثات الأمم المتحدة في المنطقة تُظهر تعقيدات الدور الذي يمكن أن تلعبه، وهناك تحفظات إسرائيلية على كفاءة بعض هذه البعثات.
أهمية هذه التصريحات
تكتسب تصريحات نتنياهو أهمية بالغة في تحديد مسار المناقشات حول مستقبل غزة، وذلك للأسباب التالية:
- تحديد الخطوط الحمراء: إنها ترسم خطوطًا حمراء واضحة للمجتمع الدولي بشأن ما هو مقبول وغير مقبول لإسرائيل في أي ترتيبات أمنية مستقبلية.
- تأثير على الحلول المقترحة: يمكن أن تؤثر هذه المواقف بشكل كبير على طبيعة ومقترحات القوات الدولية أو الإقليمية التي يمكن نشرها في غزة.
- دور الولايات المتحدة: تأكيد نتنياهو على توافق الولايات المتحدة يعطي وزنًا إضافيًا للموقف الإسرائيلي، ولكنه قد يخفي تباينات أوسع بين البلدين حول الرؤية الشاملة لليوم التالي.
- تعقيد المفاوضات: هذه الشروط تزيد من تعقيد الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى حل مستقر ومقبول دوليًا لإدارة غزة وأمنها.
يبقى ملف القوات الدولية في غزة أحد أبرز نقاط الخلاف والتحدي في جهود صياغة مستقبل القطاع، حيث تتوازن المصالح الأمنية الإسرائيلية مع تطلعات الفلسطينيين وجهود المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار والأمن.




