نتنياهو يدعم تشريع عقوبة الإعدام لمنفذي الهجمات الفلسطينيين
أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن دعمه لمشروع قانون مثير للجدل يهدف إلى فرض عقوبة الإعدام على الفلسطينيين الذين يتم إدانتهم بتنفيذ هجمات تؤدي إلى مقتل مواطنين إسرائيليين. ويأتي هذا التحرك في سياق الائتلاف الحكومي الحالي الذي يضم أحزابًا من اليمين المتطرف، والذي جعل من إقرار هذا القانون أولوية رئيسية ضمن اتفاقياته.
خلفية مشروع القانون وتطوره
يعتبر مشروع القانون أحد المطالب الرئيسية لحزب "عوتسما يهوديت" (القوة اليهودية) الذي يتزعمه وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير. وقد تم تقديم نسخ سابقة من هذا التشريع في الكنيست على مر السنين، لكنها كانت تفشل في الحصول على الدعم الكافي لتمريرها، غالبًا بسبب معارضة قوية من المؤسسة الأمنية والقضائية في إسرائيل. ومع ذلك، في ظل الحكومة الحالية، حصل مشروع القانون على دفعة قوية ونجح في اجتياز القراءة التمهيدية في الكنيست في وقت سابق من عام 2023، مما يمهد الطريق لمزيد من النقاشات والمراجعات في اللجان البرلمانية قبل طرحه للتصويت النهائي.
تاريخيًا، تمتلك إسرائيل عقوبة الإعدام في قوانينها العسكرية والمدنية، لكنها لم تطبقها سوى مرة واحدة في تاريخها، وذلك في عام 1962 ضد مجرم الحرب النازي أدولف أيخمان. أما بالنسبة للجرائم المتعلقة بـ"الإرهاب"، فقد تجنبت المحاكم الإسرائيلية إصدار هذه العقوبة، حيث ساد إجماع على أن ضررها المحتمل يفوق فائدتها.
تفاصيل التشريع المقترح
يهدف مشروع القانون إلى تعديل القوانين القائمة للسماح للمحاكم العسكرية في الضفة الغربية بفرض عقوبة الإعدام على أي شخص يُدان بارتكاب جريمة قتل على خلفية قومية ضد مواطن إسرائيلي. ومن أبرز النقاط الخلافية في النص المقترح:
- يكفي لإصدار الحكم موافقة أغلبية القضاة في المحكمة العسكرية، وليس إجماعهم كما هو مطلوب في بعض الأنظمة القضائية الأخرى.
 - بمجرد صدور الحكم، لن يكون من الممكن تخفيفه أو إلغاؤه.
 - يسعى المؤيدون إلى تطبيق القانون بشكل أساسي على الفلسطينيين، مما أثار اتهامات بأنه إجراء تمييزي.
 
المواقف وردود الفعل
أثار الدفع بهذا القانون انقسامًا واسعًا داخل إسرائيل وخارجها. وقد صرح نتنياهو بأن "الرد المناسب على الإرهاب هو ضربه بقوة"، معتبرًا أن عقوبة الإعدام تشكل رادعًا ضروريًا. ويشاركه هذا الرأي شركاؤه في الائتلاف اليميني، الذين يرون في القانون خطوة حاسمة لتعزيز الأمن القومي.
في المقابل، حذرت جهات أمنية وقضائية إسرائيلية، بما في ذلك جهاز الأمن العام (الشاباك) والمستشارة القضائية للحكومة، من التداعيات الخطيرة لمثل هذا القانون. وتتركز مخاوفهم على النقاط التالية:
- تأجيج العنف: قد يؤدي إعدام الأسرى الفلسطينيين إلى موجة واسعة من الغضب والهجمات الانتقامية.
 - خطر الاختطاف: قد يشجع القانون الفصائل الفلسطينية على اختطاف إسرائيليين لاستخدامهم كورقة مساومة لمنع تنفيذ أحكام الإعدام.
 - الإدانة الدولية: من المرجح أن تواجه إسرائيل إدانة دولية واسعة، خاصة من الدول الأوروبية والمنظمات الحقوقية التي تعارض عقوبة الإعدام بشكل قاطع.
 
على الصعيد الفلسطيني، نددت السلطة الفلسطينية والفصائل المختلفة بمشروع القانون، ووصفته بأنه "تشريع فاشي" وجزء من سياسة التصعيد الإسرائيلية، مؤكدة أنه ينتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان الأساسية.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
تكمن أهمية هذا التطور في أنه يعكس مدى تأثير التيار اليميني المتشدد على عملية صنع القرار في الحكومة الإسرائيلية الحالية. وفي حال إقراره بشكل نهائي، فإن القانون لا يمثل فقط تغييرًا جذريًا في السياسة العقابية الإسرائيلية، بل قد يؤدي أيضًا إلى عواقب دبلوماسية وقانونية وأمنية وخيمة، مما يزيد من تعقيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويضع إسرائيل في مواجهة مع المجتمع الدولي.


