«هنا/ هناك»: معرض فني فلسطيني يصدح في القاهرة بروائع الذاكرة والصمود
افتُتح في قلب القاهرة، في مطلع شهر مارس 2024، معرض «هنا/ هناك» الفني الذي يجمع أعمال 13 فناناً وفنانة فلسطينيين، ليقدموا للجمهور المصري والعربي أكثر من 50 عملاً فنياً فريداً. تتنوع الأعمال المعروضة بين الرسم والنحت والتصوير، وتهدف إلى استعادة حكايات الماضي العريق والتعبير عن الحالة الفلسطينية الراهنة بكل تعقيداتها، خاصة بعد تداعيات الحرب التي استمرت لأكثر من عامين في قطاع غزة، والتي خلفت جراحاً عميقة وتساؤلات جوهرية حول الوجود والهوية.

الخلفية والسياق الفني لمعرض «هنا/ هناك»
يحمل عنوان المعرض «هنا/ هناك» دلالات عميقة تتجاوز المكان المادي، لتعكس الازدواجية الوجودية التي يعيشها الفلسطينيون: بين الحضور الجسدي في المنفى أو الشتات، وبين الارتباط الروحي العميق بالوطن الأم، أو بين الحاضر المرير والماضي المحفور في الذاكرة. لطالما كان الفن الفلسطيني وسيلة حاسمة للحفاظ على الهوية، وتوثيق الأحداث التاريخية، والتعبير عن صمود شعب يكافح التهجير والصراع. ويأتي هذا المعرض ليؤكد استمرارية هذا التقليد، مقدماً حواراً بصرياً يتخطى الحدود الجغرافية ليتحدث عن تجربة إنسانية عالمية من الكفاح والأمل.
- يعرض الفنانون الفلسطينيون رؤاهم عبر وسائط فنية متنوعة، مما يتيح للجمهور تجربة غنية ومتعددة الأبعاد.
- تتجسد في الأعمال motifs رمزية عميقة مثل شجرة الزيتون كرمز للصمود، والمفتاح كرمز لحق العودة، وكذلك النقوش التقليدية التي تعكس التراث الثقافي الغني.
- يعكس التنوع في الأساليب الفنية، من الفن التشكيلي إلى النحت والتصوير الفوتوغرافي، ثراء المشهد الفني الفلسطيني وقدرته على التكيف والتعبير عن قضايا متعددة الأوجه.
تطوّرات المعرض وأبرز الأعمال المعروضة
يتناول الفنانون المشاركون، الذين ينحدرون من خلفيات ومدارس فنية مختلفة، مجموعة غنية من المواضيع، بما في ذلك ذاكرة النكبة، وحق العودة، وتفاصيل الحياة اليومية تحت الاحتلال، وجمال الطبيعة الفلسطينية الساحرة، والتكلفة البشرية للصراع. العديد من القطع الفنية تُعد بمثابة مستودع بصري للذاكرة الجماعية، مستخدمةً رمزية تتجذر بعمق في السرد الفلسطيني. تكتسب الأعمال صدى خاصاً بالنظر إلى الإشارة الواضحة لتأثير «الحرب التي استمرت لأكثر من عامين في قطاع غزة»، مما يشير إلى أن المعرض، سواء في فكرته أو في بعض أعماله، يأتي كرد فعل مباشر أو تأمل لتلك الأحداث المؤلمة. الفن هنا يصبح قناة لمعالجة الحزن، والتعبير عن التحدي، والمطالبة بالعدالة والاعتراف في خضم التحديات المستمرة، مما يبرز إلحاح هذه الروايات كشهادات حية وليست مجرد سرود تاريخية.
الأهمية والتأثير الثقافي في القاهرة
يمتلك استضافة هذا المعرض في القاهرة أهمية رمزية عميقة، إذ لطالما كانت مصر مركزاً ثقافياً وسياسياً محورياً للعالم العربي، ولها روابط تاريخية قوية بالقضية الفلسطينية. توفر العاصمة المصرية، التي تُعد بوتقة تنصهر فيها الثقافات والأفكار، منصة حيوية للفنانين الفلسطينيين للوصول إلى جمهور عربي ودولي أوسع. إنه يسهل التبادل الثقافي، ويعزز التضامن، ويتيح تأملاً مشتركاً للتجربة الفلسطينية. يعمل المعرض كجسر، ينمي الفهم والتعاطف، ويؤكد على الرابط غير القابل للكسر بين الشعبين من خلال لغة الفن العالمية.
من المتوقع أن يترك المعرض أثراً دائماً، ليس فقط على عشاق الفن ولكن أيضاً على الجمهور العام، من خلال تقديمه تصويراً مؤثراً وقوياً للهوية الفلسطينية وكفاحها. إنه يعيد تأكيد قدرة الفن على تجاوز الخطاب السياسي، وربط الناس عاطفياً، والحفاظ على الأمل في مواجهة الشدائد. من خلال جلب هذه «الأصداء» إلى قلب القاهرة، يضمن معرض «هنا/ هناك» أن تستمر القصة الفلسطينية، بكل تعقيداتها وصمودها، في أن تُسمع وتُرى، مما يعزز تقديراً أعمق لثرائها الثقافي والروح التي لا تقهر لشعبها.





