واتساب يفرض قيوداً صارمة على إعادة توجيه الرسائل لمكافحة المحتوى المزعج
اتخذ تطبيق التراسل الفوري الأشهر عالمياً، واتساب، التابع لشركة ميتا، سلسلة من الإجراءات المشددة والقيود الصارمة على خاصية إعادة توجيه الرسائل. تأتي هذه الخطوات في إطار جهوده المستمرة لمكافحة انتشار المحتوى المزعج، الأخبار الكاذبة، والمعلومات المضللة التي يمكن أن تنتشر بسرعة كبيرة عبر منصته. تهدف هذه القيود إلى تعزيز بيئة تواصل أكثر أماناً وموثوقية لملايين المستخدمين حول العالم.

الخلفية وأهمية المشكلة
يمتلك واتساب قاعدة مستخدمين ضخمة تتجاوز الملياري شخص، مما يجعله قناة رئيسية للتواصل وتبادل المعلومات. ومع هذه القوة، جاء تحدٍ كبير يتمثل في الانتشار السريع للأخبار المزيفة والشائعات، التي أدت في بعض الحالات إلى عواقب وخيمة في العالم الحقيقي، مثل أعمال العنف المرتبطة بالتحريض في دول مثل الهند والبرازيل. إن الطبيعة المشفرة للرسائل من طرف إلى طرف على واتساب، ورغم كونها ميزة أمنية بالغة الأهمية، فقد جعلت من الصعب على الشركة مراقبة المحتوى والتدخل في الوقت المناسب.
نتيجة لذلك، أصبح من الضروري لواتساب إيجاد حلول توازن بين خصوصية المستخدم ومسؤوليته تجاه المحتوى المتداول على منصته. كان الهدف الرئيسي هو الحد من سلاسل إعادة التوجيه الفيروسية التي تسمح للمعلومات، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، بالوصول إلى عدد هائل من الأشخاص في وقت قصير جداً.
تطورات الإجراءات والقيود
بدأت واتساب في تطبيق قيود تدريجية على إعادة توجيه الرسائل على مدى عدة أعوام، تحديداً منذ عام 2018. كانت البداية بوضع علامة واضحة على الرسائل التي تمت إعادة توجيهها لزيادة الوعي بين المستخدمين.
- الحد الأول (أوائل 2018): فرض واتساب حداً عالمياً لإعادة توجيه الرسائل إلى 20 محادثة كحد أقصى في وقت واحد.
- التشديد الإضافي (أوائل 2019): تم تخفيض هذا الحد إلى 5 محادثات فقط على مستوى العالم، مما قلل بشكل كبير من مدى سرعة انتشار الرسائل. جاء هذا التغيير استجابة لتزايد المخاوف بشأن انتشار المعلومات المضللة.
- القيود الأكثر صرامة على الرسائل "كثيرة التوجيه" (أوائل 2020): أدخلت واتساب ميزة إضافية للرسائل التي تم إعادة توجيهها خمس مرات أو أكثر. هذه الرسائل تحمل أيقونة سهم مزدوج بجانبها للإشارة إلى أنها رسالة "كثيرة التوجيه" (Frequently Forwarded). والحد الأهم هو أن الرسائل ذات الأسهم المزدوجة يمكن إعادة توجيهها إلى دردشة واحدة فقط في كل مرة. هذا الإجراء كان بمثابة خطوة حاسمة لكسر سلاسل الانتشار الضخمة وتشجيع المستخدمين على التفكير ملياً قبل مشاركة المحتوى.
تهدف هذه التغييرات إلى إبطاء انتشار المعلومات، مما يمنح المستخدمين وقتاً أكبر للتحقق من صحتها ويقلل من فرص انتشار الشائعات قبل أن يتم دحضها.
الأثر والأهمية
كان لهذه القيود تأثير ملحوظ على سلوك المستخدمين وأنماط انتشار المحتوى. تشير التقارير إلى انخفاض في حجم الرسائل المعاد توجيهها، مما ساهم في تقليل انتشار الرسائل المزعجة والمحتوى المضلل على المنصة. لقد أرغمت هذه السياسات المستخدمين على أن يكونوا أكثر انتقائية حول ما يشاركونه ومع من يشاركونه، والابتعاد عن نمط النشر العشوائي الذي كان سائداً.
تُعد هذه الإجراءات جزءاً من التزام واتساب الأوسع بسلامة المستخدمين ونزاهة المعلومات. وبينما لا تزال التحديات قائمة، خاصة في المجموعات الخاصة الكبيرة ومحاولات التحايل على الأنظمة، فإن هذه القيود تمثل خطوة مهمة نحو بيئة رقمية أكثر مسؤولية، حيث يتم تبادل المعلومات بشكل مدروس ومحسوب، بدلاً من الانتشار الفيروسي غير الخاضع للرقابة.