والدة عثمان ديمبيلي في نزاع ضريبي بسبب "هدية" قيّمة
تواجه فاطوماتا ديمبيلي، والدة لاعب كرة القدم الدولي الفرنسي عثمان ديمبيلي، نزاعًا ضريبيًا محتدمًا مع السلطات الفرنسية بشأن تحويل مالي كبير تلقته من ابنها. يدور النزاع حول مبلغ 200 ألف يورو تم تحويله في عام 2017، والذي تعتبره والدة اللاعب هدية شخصية، بينما تصنفه السلطات الضريبية على أنه دخل خاضع للضريبة أو تبرع مستتر. وقد وصلت القضية إلى المحكمة الإدارية في رين، مسلطة الضوء على التعقيدات القانونية والمالية التي قد تواجهها العائلات المرتبطة بشخصيات عامة ذات دخل مرتفع.

الخلفية وتفاصيل النزاع
تعود جذور القضية إلى عام 2017، وهو العام الذي شهد انتقال عثمان ديمبيلي من نادي بوروسيا دورتموند الألماني إلى نادي برشلونة الإسباني بصفقة ضخمة. في تلك الفترة، قام اللاعب بتحويل مبلغ 200 ألف يورو إلى حساب والدته، السيدة فاطوماتا ديمبيلي. وقد صرحت الأم بأن هذا التحويل كان بمثابة هدية بمناسبة عيد ميلادها الأربعين، مصنفة إياها ضمن مفهوم "الهدية العرفية" (présent d'usage) في القانون الفرنسي، والتي لا تخضع للضريبة عادةً.
غير أن إدارة الضرائب العامة الفرنسية (DGFiP) لم توافق على هذا التصنيف. فقد أعادت الإدارة تقييم المبلغ، معتبرة إياه إما دخلاً غير مصرح به أو تبرعًا مستترًا يهدف إلى التهرب من دفع الضرائب المستحقة، سواء كانت ضرائب على الدخل الشخصي أو ضرائب على الهدايا (droits de mutation à titre gratuit). ونتيجة لذلك، طالبت السلطات الضريبية باسترداد مبالغ ضريبية كبيرة، بالإضافة إلى الغرامات والفوائد التأخيرية، التي تقدر قيمتها الإجمالية بحوالي 70 ألف إلى 80 ألف يورو.
الحجج القانونية
من جانب الدفاع، أكد محامي السيدة ديمبيلي، الأستاذ جان جاك ليكوك، أن التحويل المالي يندرج تمامًا ضمن مفهوم "الهدية العرفية". وجادل بأن حجم الهدية يجب أن يُقيّم دائمًا في سياق ثروة وموارد المانح. وباعتبار عثمان ديمبيلي لاعب كرة قدم محترفًا ذا دخل مرتفع للغاية، فإن مبلغ 200 ألف يورو لا يعتبر غير متناسب بشكل مفرط في هذه الحالة كهدية عيد ميلاد لوالدته. كما شدد المحامي على العلاقة الأسرية المباشرة والمناسبة الخاصة (عيد الميلاد) التي تمت فيها الهدية كدليل على حسن النية.
على النقيض، ارتكزت حجة السلطات الضريبية على أن المبلغ يتجاوز بكثير الحد المعقول لـ "الهدية العرفية" المتناسبة مع الثروة والدخل، حتى بالنسبة لشخص غني مثل ديمبيلي. واعتبرت أن هذا التحويل يعكس نية التهرب من الضرائب من خلال إخفاء طبيعته الحقيقية، وأنه كان يجب أن يخضع للضرائب المناسبة إما كدخل شخصي أو كتبرع، وفقًا للتشريعات الضريبية الفرنسية التي تضع حدودًا معينة للهدايا المعفاة من الضرائب.
التطورات القضائية والقرار الأخير
نظرت المحكمة الإدارية في رين في هذه القضية المعقدة على مدى أشهر. وفي قرار صدر في أواخر عام 2023 أو أوائل 2024 (تشير بعض التقارير إلى شهر نوفمبر 2023)، أيدت المحكمة موقف السلطات الضريبية. حكمت المحكمة بأن المبلغ لا يمكن اعتباره "هدية عرفية" ضمن الحدود القانونية، وأنه يجب أن يخضع للضريبة. هذا القرار يعني أن والدة اللاعب أُمرت بدفع الضرائب والغرامات التي فرضتها الإدارة الضريبية.
ومع ذلك، لم ينته النزاع عند هذا الحد. فقد أعلن محامي السيدة ديمبيلي، فور صدور الحكم، عن نيتها استئناف هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا في نانت. يشير هذا الاستئناف إلى استمرار المعركة القانونية، حيث تسعى العائلة لإثبات صحة موقفها والطعن في تفسير المحكمة للقانون الضريبي.
الأهمية والسياق الأوسع
تكتسب هذه القضية أهمية خاصة لأنها تسلط الضوء على التدقيق المتزايد الذي تخضع له الشؤون المالية للشخصيات البارزة وذوي الدخل المرتفع، وخاصة لاعبي كرة القدم وأفراد أسرهم، في ظل سعي السلطات الضريبية لضمان الامتثال الكامل للقوانين. إنها تعزز النقاش حول تعريف "الهدية العرفية" والحدود التي تفصلها عن التبرعات الخاضعة للضريبة أو الدخل المخفي، وهي منطقة غالبًا ما تكون غامضة وتثير تفسيرات قانونية مختلفة.
يمكن أن يكون للقرار النهائي في هذه القضية، بعد الاستئناف، تداعيات على قضايا ضريبية مماثلة مستقبلًا في فرنسا، حيث يمكن أن يحدد معيارًا جديدًا لكيفية تعامل السلطات الضريبية مع التحويلات المالية الكبيرة داخل العائلات، خصوصًا تلك التي تشمل أفرادًا يتمتعون بوضع مالي استثنائي. هذا النزاع يؤكد أيضًا على تعقيدات القوانين الضريبية والحاجة إلى تفسير دقيق للمعاملات المالية لتجنب النزاعات القانونية.
في انتظار قرار المحكمة الاستئنافية، تبقى قضية والدة عثمان ديمبيلي مثالًا بارزًا على التحديات القانونية والمالية التي قد يواجهها الأفراد والعائلات المرتبطون بشخصيات عامة، وتؤكد على الحدود الدقيقة بين التبرعات الشخصية والالتزامات الضريبية.





