وزيرا الزراعة المصري والأيرلندي يناقشان تعزيز الشراكة في الأمن الغذائي والتكنولوجيا الزراعية

عُقد مؤخرًا اجتماع رفيع المستوى بين وزير الزراعة المصري ونظيره الأيرلندي، في إطار مساعي البلدين لتعزيز أواصر التعاون المشترك، لا سيما في قطاعي الأمن الغذائي والتقنيات الزراعية الحديثة. وقد ركزت المباحثات على استكشاف سبل جديدة ومبتكرة لتطوير القطاع الزراعي في كلا البلدين، والاستفادة من الخبرات المتبادلة لمواجهة التحديات العالمية المتزايدة في هذا المجال.

أهمية اللقاء والخلفية

يأتي هذا اللقاء في وقت يشهد فيه العالم تحديات غير مسبوقة تتعلق بالأمن الغذائي، نتيجة لتغيرات المناخ، وتقلبات الأسواق العالمية، والزيادة السكانية المطردة. وتدرك كل من مصر وأيرلندا الأهمية الحيوية للزراعة المستدامة والإنتاج الغذائي الفعال لضمان استقرار مجتمعاتهما وتنميتها الاقتصادية. فمصر، التي تعد من أكبر الدول المستوردة للغذاء، تسعى جاهدة لتعزيز اكتفائها الذاتي وتقليل فاتورة الاستيراد، وتطوير قدراتها الزراعية لمواجهة محدودية الموارد المائية والتأثيرات المناخية. بينما تتمتع أيرلندا، بكونها رائدة عالميًا في الزراعة القائمة على التكنولوجيا والإنتاج الحيواني المستدام، وتشتهر بابتكاراتها في مجال تكنولوجيا الأغذية والزراعة (Agri-Tech).

يمثل هذا الاجتماع فرصة استراتيجية لكلا البلدين لتبادل المعرفة والخبرات، وخلق منصة للتعاون العملي الذي يمكن أن يعود بالنفع على المزارعين والمستهلكين على حد سواء. ويهدف اللقاء إلى وضع أسس لشراكة طويلة الأمد تركز على الابتكار والاستدامة في القطاع الزراعي، بما يدعم الأهداف التنموية لكل من مصر وأيرلندا في تحقيق أمن غذائي مستدام ومرونة زراعية.

محاور التعاون الرئيسية

تركزت المباحثات الثنائية على عدد من المحاور الأساسية التي تشكل ركائز قوية للشراكة المستقبلية. وشملت هذه المحاور بشكل رئيسي تعزيز الأمن الغذائي وتطوير استخدام التكنولوجيا الزراعية في مختلف جوانب العملية الإنتاجية.

1. تعزيز الأمن الغذائي

ناقش الوزيران سبل تعزيز الأمن الغذائي من خلال تحسين كفاءة الإنتاج الزراعي وتوسيع نطاق المحاصيل الاستراتيجية. وتضمنت المقترحات:

زيادة الإنتاجية الزراعية: تبادل الخبرات في مجال الممارسات الزراعية الحديثة التي تهدف إلى زيادة غلة المحاصيل وتقليل الفاقد بعد الحصاد، مع التركيز على التقنيات الصديقة للبيئة.
تحسين سلاسل الإمداد الغذائي: العمل على تطوير بنية تحتية لوجستية أكثر كفاءة ومرونة لضمان وصول الغذاء للمستهلكين بأسعار معقولة وبجودة عالية، وتقليل الهدر في مراحل التوزيع.
تطوير أنظمة غذائية مرنة: بناء قدرات لمواجهة الصدمات الخارجية، سواء كانت مناخية أو اقتصادية أو صحية، من خلال تنويع مصادر الغذاء واعتماد استراتيجيات تخزين فعالة.
تعزيز التجارة الزراعية: استكشاف فرص لزيادة التبادل التجاري للمنتجات الزراعية بين البلدين بما يعود بالنفع على اقتصادهما، وفتح أسواق جديدة للمنتجات ذات الجودة العالية.
الممارسات الزراعية المستدامة: تبادل المعرفة حول أفضل الممارسات في الزراعة العضوية والمستدامة التي تحافظ على الموارد الطبيعية وتقلل من البصمة البيئية للزراعة، وتعزز استخدام الموارد بكفاءة.

2. التكنولوجيا الزراعية والابتكار

أولى الجانبان اهتمامًا خاصًا لدور التكنولوجيا في تحديث القطاع الزراعي ورفع كفاءته. وتم التركيز على المجالات التالية التي يمكن أن تحدث تحولاً جذريًا في الزراعة:

الزراعة الدقيقة: تبادل الخبرات في استخدام تقنيات الزراعة الدقيقة مثل أجهزة الاستشعار عن بعد، والطائرات بدون طيار (الدرونز)، وأنظمة المعلومات الجغرافية لتحسين إدارة الموارد المائية والأسمدة والمبيدات.
الرقمنة في الزراعة: بحث تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة في التنبؤ بالمحاصيل، ومراقبة صحة التربة، وإدارة الثروة الحيوانية، وتحسين اتخاذ القرارات الزراعية بناءً على معلومات دقيقة ومحدثة.
حلول إدارة المياه: التعاون في تطوير وتنفيذ تقنيات الري الحديثة والموفرة للمياه، مثل الري بالتنقيط والري المحوري، وتدوير المياه العادمة المعالجة، والتي تعتبر حيوية لمصر التي تعاني من ندرة المياه.
البحث والتطوير الزراعي: إقامة شراكات بين المعاهد البحثية والجامعات في كلا البلدين لتطوير سلالات جديدة من المحاصيل المقاومة للجفاف والأمراض، وتحسين الممارسات الإنتاجية، واستخدام التكنولوجيا الحيوية لتعزيز الصفات الوراثية للنباتات.
تكنولوجيا الثروة الحيوانية: تبادل المعرفة في إدارة مزارع الثروة الحيوانية الحديثة، وتحسين سلالات المواشي، وتطوير تكنولوجيا الألبان، واستخدام الحلول الرقمية لمراقبة صحة الحيوان وإنتاجيته، وهو مجال تتفوق فيه أيرلندا بشكل كبير.

الأهداف والتطلعات المستقبلية

تهدف هذه المباحثات إلى ترجمة الأفكار والمقترحات إلى برامج عمل ومشاريع تعاون ملموسة، تساهم في تحقيق أقصى استفادة من الإمكانات الزراعية لكلا البلدين. ويتطلع البلدان إلى توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تنفيذية في المستقبل القريب لتجسيد هذه الشراكة الاستراتيجية. ومن المتوقع أن تسهم هذه الشراكة في:

زيادة الاستثمارات المشتركة: جذب رؤوس الأموال والخبرات الأيرلندية إلى القطاع الزراعي المصري، وفتح أسواق جديدة للمنتجات الأيرلندية في المنطقة، بما يعزز النمو الاقتصادي المتبادل.
نقل المعرفة والتقنيات: تدريب الكوادر المصرية على أحدث التقنيات الزراعية وتبادل الخبرات الفنية، مما يرفع من مستوى الكفاءة والاحترافية في القطاع.
تعزيز القدرة التنافسية: تحسين جودة وتنافسية المنتجات الزراعية لكلا البلدين في الأسواق العالمية والإقليمية، وفتح آفاق تصديرية جديدة.
مواجهة تحديات التغير المناخي: تطوير حلول مشتركة للتكيف مع آثار التغير المناخي على الزراعة والأمن الغذائي، بما في ذلك التنبؤ بالكوارث الطبيعية وتخفيف أضرارها.

يؤكد هذا اللقاء على التزام البلدين بتعزيز العلاقات الثنائية ومد جسور التعاون في القطاعات الحيوية، مع التأكيد على أن الأمن الغذائي والتكنولوجيا الزراعية يمثلان ركيزتين أساسيتين لمستقبل مستدام ومزدهر لكلتا الأمتين، ويسهمان في الجهود العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.