وزير المالية السوري يؤكد على تحسن العلاقات مع روسيا ويشير إلى فرص استثمارية ضخمة في إعادة الإعمار
أكد وزير المالية السوري، الدكتور كنان ياغي، في تصريحات حديثة على التطور الإيجابي والتدريجي في العلاقات بين دمشق وموسكو، مشيراً إلى أن هذه الشراكة الاستراتيجية تفتح الباب أمام فرص استثمارية "هائلة" للشركات الروسية للمشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا. وتأتي هذه التصريحات في سياق سعي الحكومة السورية لترجمة الدعم السياسي والعسكري الروسي إلى تعاون اقتصادي واسع النطاق يساهم في إنعاش الاقتصاد المنهك بعد سنوات من الصراع.

خلفية العلاقات الاستراتيجية
ترتكز العلاقات السورية الروسية على أسس تاريخية متينة، تعززت بشكل كبير بعد التدخل العسكري الروسي في عام 2015 لدعم الحكومة السورية. هذا التحالف لم يقتصر على الجانب العسكري والسياسي، بل تسعى كل من دمشق وموسكو الآن إلى توسيعه ليشمل أبعاداً اقتصادية عميقة. ويرى المراقبون أن هذه المرحلة الجديدة تهدف إلى ترسيخ النفوذ الروسي في المنطقة وتحقيق عوائد اقتصادية لموسكو مقابل دعمها الطويل الأمد، بينما تجد سوريا في روسيا شريكاً موثوقاً يمكن الاعتماد عليه في مرحلة إعادة البناء الحيوية.
دعوة مفتوحة للاستثمار في إعادة الإعمار
أوضح الوزير ياغي أن الأبواب مفتوحة على مصراعيها أمام الشركات الروسية للاستثمار في كافة القطاعات الحيوية التي تضررت بشدة وتحتاج إلى إعادة تأهيل وتطوير. وتُقدر تكلفة إعادة الإعمار بمئات المليارات من الدولارات، وهو ما يجعل الاستثمارات الخارجية ضرورة ملحة. وقد تم تحديد عدة قطاعات ذات أولوية قصوى تشمل:
- الطاقة: ويشمل ذلك قطاعات النفط والغاز والكهرباء، من خلال إعادة تأهيل المنشآت المتضررة واستكشاف حقول جديدة وتطوير شبكات الطاقة.
- البنية التحتية: تتضمن إعادة بناء الجسور والطرق والموانئ والمطارات والمساكن، وهي مشاريع ضخمة تتطلب خبرات وتقنيات متقدمة.
- الصناعة: إعادة إحياء المصانع والمعامل التي توقفت عن العمل، مع التركيز على الصناعات الدوائية والنسيجية والغذائية.
- الزراعة والسياحة: وهما قطاعان حيويان للاقتصاد السوري، ويحتاجان إلى استثمارات لتعافيهما واستعادة دورهما في تحقيق الأمن الغذائي وجذب العملات الأجنبية.
التحديات والآفاق المستقبلية
على الرغم من الفرص الواعدة، يواجه التعاون الاقتصادي بين البلدين تحديات كبيرة، أبرزها العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، وعلى رأسها قانون قيصر، الذي يعرقل حركة الأموال والاستثمارات ويفرض قيوداً على الشركات التي تتعامل مع الحكومة السورية. ولمواجهة هذه العقبات، يعمل الجانبان على تطوير آليات مالية بديلة، مثل تعزيز التبادل التجاري بالعملات المحلية (الروبل والليرة السورية) وإنشاء قنوات مصرفية ولوجستية مستقلة لتجاوز المنظومة المالية الغربية.
أهمية التصريحات في الوقت الراهن
تكتسب هذه الدعوة أهمية خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها سوريا، والتي تتجلى في تدهور قيمة العملة وارتفاع معدلات التضخم والفقر. وتمثل تصريحات وزير المالية رسالة واضحة بأن سوريا تعول بشكل أساسي على حلفائها، وفي مقدمتهم روسيا، لقيادة جهود إعادة الإعمار. كما أنها تعكس رغبة الحكومة السورية في منح الشركات الروسية الأولوية في العقود والمشاريع الكبرى، تقديراً لدور موسكو السياسي والعسكري، وبما يضمن لكلا الطرفين تحقيق مصالح استراتيجية طويلة الأمد.




