يسرا تكشف أسرار مسيرتها الفنية الخمسينية في الجونة: "الحياة فن الرسم بلا ممحاة"
في حوار جماهيري استثنائي أقيم مؤخراً ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، أضاءت النجمة المصرية الكبيرة يسرا مسرح "سينما الجونة" بتجربتها الفنية الغنية التي امتدت لخمسة عقود. قدمت يسرا، مرتدية قميصاً يحمل عبارة "الحياة هي فن الرسم بلا ممحاة"، رؤيتها الفلسفية للحياة والعمل الفني، مؤكدةً على أهمية كل مرحلة وتحدي في بناء مسيرة خالدة.

شهدت الجلسة حضوراً واسعاً من نجوم الفن والنقاد، مما عكس مكانة يسرا وتأثيرها في الساحة الفنية. أدار الحوار السيد محمد عمر، مدير الشراكات العالمية في "ميتا"، وشمل الحضور شخصيات بارزة مثل الناقد طارق الشناوي، والنجمات هالة صدقي، ليلى علوي، إلهام شاهين، بالإضافة إلى الممثلين أحمد مالك، أشرف عبد الباقي، هاني رمزي، عمرو جمال، حسن أبو الروس، والمخرج هاني خليفة.
ملامح من فلسفة النجاح والاستمرارية
خلال حديثها، ألقت يسرا الضوء على مقومات استمراريتها ونجاحها، مقدمةً نصائح مستوحاة من مسيرتها الطويلة. شددت النجمة على أن التقدم في العمر ليس عائقاً، بل هو "كنز من الخبرات" ينبغي استثماره باعتزاز. وعزت عوامل ديمومتها إلى:
- الحظ الجيد: إدراك الفرص المتاحة والتعامل معها بحكمة.
 - الفضول المستمر: الرغبة الدائمة في استكشاف الجديد وتجاوز المألوف.
 - جوع لا ينتهي للتعلم: الشغف باكتساب المعارف والخبرات من كل مصدر.
 
كما أكدت يسرا أن الموهبة وحدها لا تكفي لصنع نجم، بل يجب أن تُدعم بعناصر أساسية أخرى تضمن الصعود والبقاء في القمة. أشارت إلى أهمية الذكاء في اتخاذ القرارات المهنية، والصبر على التحديات، وحسن اختيار الأدوار التي تضيف إلى مسيرة الفنان ولا تنتقص منها.
وعن التحدي الأكبر الذي واجهته في مسيرتها الفنية، لخصت يسرا الأمر بقولها إن "الاستمرارية في مكانة معينة تتطلب مجهودًا مضاعفًا، قد يصل إلى ثلاثة أضعاف الجهد المطلوب للوصول إليها في البداية." هذه المقولة تعكس الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الفنانون للحفاظ على نجوميتهم ومكانتهم في عالم دائم التغير.
ذكريات محورية ودروس مستفادة
استرجعت يسرا بعضاً من أهم اللحظات في مسيرتها، كاشفة عن كواليس أعمال أصبحت علامات فارقة في السينما المصرية:
- فيلم "الإرهاب والكباب" (1992): روت يسرا كيف كاد دورها كـ"هند" أن يكون هامشياً للغاية، حيث كانت الشخصية في السيناريو الأولي مجرد "فتاة ليل" بدون عمق. لكن إصرارها، وتصميمها على تجسيد الشخصية بشكل مختلف، حتى أنها قامت بتصميم فستانها الأحمر الشهير في يوم واحد، أقنع المخرج شريف عرفة بإعادة النظر في الدور. بفضل هذا الإصرار وإيمان عرفة، تمت مراجعة الشخصية بالتعاون مع السيناريست الكبير وحيد حامد، لتتحول "هند" إلى أيقونة سينمائية خالدة.
 - فيلم "معالي الوزير" (2002): أكدت يسرا أن قيمة المشهد لا تقاس بحجمه، مستشهدة بمشهد صغير لها في هذا الفيلم مع النجم الراحل أحمد زكي. رغم قصره، وصفته بأنه كان "العمود الفقري" الذي يحدد مصير الشخصية ومسار الفيلم بأكمله، مما يبرز أهمية كل تفصيلة في العمل الفني.
 
تأثير العظماء وأهمية التعلم
لم يغفل حديث يسرا عن دور العظماء في تشكيل وعيها الفني. أكدت على التأثير العميق للمخرج العالمي يوسف شاهين، مشيرةً إلى أنه "علمني شاهين ما هو السيناريو، وهذا كان يحدث ونحن نشرب القهوة فحسب"، مما يدل على بساطة وعمق التعلم من قامات فنية كهذه.
كما سلطت الضوء على أهمية اكتساب الذكاء الفني من تجارب الآخرين، مستذكرةً بإعجاب النجمة الكبيرة فاتن حمامة. روت يسرا كيف كانت تستمع لحمامة لتتعلم منها، واستحضرت حواراً لها عندما سُئلت كيف أتقنت لغات أخرى، فأجابت: "من الراديو". هذا المثال يؤكد على أهمية الملاحظة والاجتهاد الذاتي في صقل المهارات.
خاتمة: الحظ وسحر المحاصرة بالعظماء
في ختام حديثها الملهم، أعربت يسرا عن إيمانها بالحظ، لكنها شددت على أنها تؤمن أكثر بـ"سحر محاصرة الذات بالعظماء" ومعرفة متى يجب اقتناص الفرص المحظوظة وعدم التخلي عنها أبداً. هذه الرؤية تلخص مسيرة فنانة جمعت بين الموهبة الفطرية والاجتهاد المستمر، والقدرة على التعلم والتكيف، مما جعلها أيقونة فنية تحتفل بخمسة عقود من العطاء الفني.





