24 تسديدة بلا هدف: مقدونيا الشمالية تُجبر بلجيكا على التعادل وتُبقي على صدارة المجموعة
في مباراة مثيرة جرت يوم السبت ضمن الجولة السابعة من تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2026، تمكن منتخب مقدونيا الشمالية من تحقيق تعادل ثمين بدون أهداف أمام نظيره البلجيكي القوي. هذا التعادل السلبي جاء بعد أن صمد الفريق المقدوني ببسالة أمام وابل من الهجمات البلجيكية، التي شملت ما يقارب 24 تسديدة على المرمى دون جدوى. وبفضل هذه النتيجة، تمكنت مقدونيا الشمالية من الحفاظ على صدارتها المفاجئة للمجموعة العاشرة، مؤكدة على قدرتها على تحدي الفرق الكبرى.

سير المباراة
شهدت المباراة، التي استضافتها مقدونيا الشمالية على أرضها، سيطرة شبه مطلقة للمنتخب البلجيكي منذ الدقائق الأولى. سعى "الشياطين الحمر"، بقيادة مدربهم، إلى تأمين نقاط المباراة الثلاث لتعزيز موقفهم في صدارة المجموعة. وقد أظهرت الإحصائيات هيمنة واضحة لبلجيكا في الاستحواذ على الكرة وخلق الفرص، حيث تناوب روميلو لوكاكو، كيفن دي بروين، وجيريمي دوكو، إلى جانب عدد من النجوم الآخرين، على تهديد المرمى المقدوني باستمرار. ورغم كثافة الهجمات البلجيكية، سواء من داخل منطقة الجزاء أو من خارجها، إلا أنهم وجدوا حائط صد منيع في الدفاع المقدوني، وبتألق لافت لحارس المرمى الذي أبطل مفعول العديد من التسديدات الخطيرة.
على الجانب الآخر، تبنى المنتخب المقدوني الشمالي خطة تكتيكية دفاعية محكمة، مرتكزة على إغلاق المساحات والضغط على حامل الكرة، مع الاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة التي لم تشكل خطورة حقيقية لكنها أظهرت محاولات لكسر الحصار. وقد نفذ الفريق هذه الخطة ببراعة فائقة طوال التسعين دقيقة، محبطًا بذلك محاولات بلجيكا المتكررة لفك شفرة الدفاع. الإصرار والروح القتالية للفريق المقدوني كانا العاملين الرئيسيين في تحقيق هذه النقطة التاريخية.
دلالات النتيجة
بالنسبة لمقدونيا الشمالية: يعتبر هذا التعادل بمثابة انتصار معنوي كبير ونقطة ثمينة للغاية. لم يقتصر الأمر على إثبات قدرتهم على الصمود أمام أحد أقوى المنتخبات الأوروبية فحسب، بل الأهم هو حفاظهم على صدارة المجموعة J، وهو ما يعزز حظوظهم وطموحاتهم في التأهل لنهائيات كأس العالم 2026. هذه النتيجة تمنح الفريق دفعة معنوية هائلة وثقة بالنفس قبل المباريات المتبقية في التصفيات، وتؤكد على التطور الذي يشهده كرة القدم المقدونية.
بالنسبة لبلجيكا: على الرغم من أن التعادل خارج الديار قد لا يُعد كارثيًا بحد ذاته، إلا أن الطريقة التي جاء بها تثير العديد من التساؤلات حول فعالية الهجوم البلجيكي. فالفشل في ترجمة 24 تسديدة على المرمى إلى أهداف، رغم السيطرة الواضحة، يكشف عن مشكلة في إنهاء الهجمات أو عدم الدقة في اللمسة الأخيرة. هذه النقطة الضائعة قد تكون مكلفة في مجموعة تنافسية، وتضع ضغطًا إضافيًا على بلجيكا لضمان الفوز في المباريات القادمة واستعادة صدارة المجموعة المفقودة.
سياق التصفيات
تُعد المجموعة العاشرة ضمن التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026 واحدة من المجموعات التي تشهد منافسة محتدمة وغير متوقعة. قبل هذه المباراة، أدهشت مقدونيا الشمالية الكثيرين بتصدرها للمجموعة، مقدمة عروضًا قوية ومنتظمة ضد المنافسين الآخرين. بينما كان يُتوقع من بلجيكا، أحد عمالقة كرة القدم الأوروبية، أن تهيمن بسهولة على المجموعة. إلا أن هذه النتيجة تؤكد أنه لا يمكن الاستهانة بأي خصم في عالم كرة القدم الحديثة، وأن الطريق إلى المونديال محفوف بالتحديات. كل نقطة تُكتسب أو تُفقد تحمل أهمية بالغة في تحديد الفرق التي ستتأهل مباشرة أو ستخوض مباريات الملحق. نتيجة هذه المباراة تضيق الخناق على المنافسة في القمة، مما يجعل الجولات القادمة حاسمة لكلا المنتخبين، خاصة لبلجيكا التي ستسعى جاهدة لاستعادة الصدارة.
تحليلات وانعكاسات
من المرجح أن ينظر المحللون الرياضيون إلى هذه المباراة كنموذج كلاسيكي لانتصار التنظيم الدفاعي والروح القتالية على القوة الهجومية البحتة. فقد نجح الجهاز الفني لمقدونيا الشمالية في وضع خطة تكتيكية محكمة شلت حركة الهجوم البلجيكي المرصع بالنجوم، مما يعكس ذكاءً تكتيكيًا وانضباطًا عاليًا من اللاعبين. وسيكون حارس المرمى المقدوني، بالإضافة إلى الخط الدفاعي بأكمله، محط إشادة واسعة النطاق. أما على الجانب البلجيكي، فبالرغم من الجهد المبذول، إلا أن الافتقار إلى الحسم والدقة في اللمسة الأخيرة أو التسديدة الحاسمة سيكون محل قلق واهتمام كبيرين للمدرب والطاقم الفني.
هذه المباراة تقدم دروسًا قيمة لكلا الطرفين: فبالنسبة لمقدونيا الشمالية، هي تأكيد على تقدمها وقدرتها التكتيكية؛ وبالنسبة لبلجيكا، تذكير صارخ بأن الموهبة وحدها لا تضمن النصر، وأن الفعالية هي المفتاح في كرة القدم الدولية عالية المخاطر. إن هذا النوع من النتائج يبعث برسالة قوية بأن الدول الأصغر حجمًا في عالم كرة القدم باتت قادرة بشكل متزايد على تحدي العمالقة التقليديين.





