محللون: الضغوط على أسهم المصارف السعودية مؤقتة والأداء المالي قوي

شهدت أسهم القطاع المصرفي في سوق الأسهم السعودية (تداول) خلال الأشهر الأخيرة موجة من الضغوط البيعية، مما أدى إلى تراجع في تقييماتها أثار قلق بعض المستثمرين. وعلى الرغم من هذا التراجع، يتفق معظم المحللين الماليين على أن هذا الوضع يُعد مرحلة تصحيحية مؤقتة، ولا يعكس أي ضعف جوهري في أساسيات البنوك السعودية. وتستند هذه النظرة المتفائلة إلى مجموعة من العوامل، أبرزها الأداء المالي القوي الذي تواصل البنوك تحقيقه، والدعم المستمر من النمو الاقتصادي القوي في المملكة.

أسباب الضغوط البيعية الأخيرة

يمكن إرجاع التراجع الأخير في أسعار أسهم البنوك إلى عدة عوامل متداخلة، لا يرتبط معظمها بشكل مباشر بالأداء التشغيلي للمصارف نفسها. فمن ناحية، شهد السوق عمليات جني أرباح من قبل المستثمرين بعد فترة من المكاسب الكبيرة التي حققها القطاع. ومن ناحية أخرى، تأثرت معنويات المستثمرين بالبيئة الاقتصادية العالمية، خاصة الترقب بشأن مسار أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، حيث تؤثر قراراتها على تدفقات رأس المال العالمية.

جني الأرباح: بعد تحقيق أسهم البنوك ارتفاعات ملحوظة، لجأ العديد من المستثمرين إلى بيع جزء من حيازاتهم لتأمين الأرباح، وهو سلوك طبيعي في الأسواق المالية.
المناخ العالمي: حالة عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد العالمي، والمخاوف من التباطؤ، تساهم في دفع المستثمرين نحو الأصول الأكثر أمانًا، مما يخلق ضغطًا على أسواق الأسهم بشكل عام.
معنويات السوق: تتأثر قرارات البيع والشراء أحيانًا بعوامل نفسية وسيكولوجية أكثر من كونها مبنية على تحليل دقيق للبيانات المالية للشركات.

أساسيات مالية متينة تدعم النظرة الإيجابية

على عكس ما قد توحي به حركة الأسعار قصيرة الأجل، تتمتع البنوك السعودية بوضع مالي قوي للغاية، وهو ما يعتبره المحللون حجر الزاوية في توقعاتهم بتعافي أسهم القطاع. وتظهر البيانات المالية الفصلية الصادرة عن البنوك المدرجة استمرارًا في تحقيق النمو والربحية المرتفعة.

أحد أهم المؤشرات هو جودة الأصول، حيث تحافظ المصارف السعودية على معدلات منخفضة للغاية من القروض غير العاملة (NPLs)، مع وجود مخصصات كافية لتغطية أي خسائر محتملة، مما يعكس سياسات إقراض حكيمة وإدارة مخاطر فعالة. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع البنوك بملاءة مالية قوية، إذ تتجاوز نسب كفاية رأس المال لديها بشكل كبير المتطلبات التنظيمية التي يفرضها البنك المركزي السعودي (ساما)، مما يوفر لها درعًا واقيًا ضد الصدمات الاقتصادية غير المتوقعة وقدرة على التوسع في الإقراض.

كما ساهم ارتفاع أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية في تعزيز هوامش الربح الصافية (NIMs) للبنوك، مما دعم نمو أرباحها بشكل مباشر. ومع استمرار النمو في الودائع، تحافظ البنوك على مستويات سيولة مريحة تمكنها من تمويل المشاريع ودعم النشاط الاقتصادي في المملكة.

دور الاقتصاد الكلي ومشاريع "رؤية 2030"

يعتبر القطاع المصرفي السعودي المستفيد الأبرز من التحولات الاقتصادية الكبرى التي تشهدها المملكة في إطار رؤية 2030. فالمشاريع العملاقة التي يجري تنفيذها في قطاعات متنوعة مثل السياحة والترفيه والتكنولوجيا والعقارات تتطلب تمويلاً ضخماً، وهو ما توفره البنوك المحلية بشكل أساسي.

هذه المشاريع لا تخلق فقط طلبًا مباشرًا على الائتمان التجاري والشركات، بل تساهم أيضًا في توليد وظائف وزيادة الدخل المتاح للأفراد، مما ينعكس إيجابًا على الطلب على منتجات التجزئة المصرفية مثل القروض العقارية والشخصية وبطاقات الائتمان. كما أن النمو القوي في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي يؤكد نجاح استراتيجية التنويع الاقتصادي، ويخلق بيئة تشغيلية مستدامة ومزدهرة للقطاع المصرفي على المدى الطويل.

التوقعات المستقبلية

بناءً على ما سبق، يرى المحللون أن النظرة المستقبلية لأسهم البنوك السعودية تظل إيجابية. ومن المتوقع أن تبدأ الضغوط البيعية في الانحسار مع عودة تركيز السوق إلى الأساسيات القوية للقطاع والفرص الواعدة التي يوفرها الاقتصاد السعودي. وقد تجعل التقييمات الحالية، بعد موجة التراجع، أسهم القطاع أكثر جاذبية للمستثمرين طويلي الأجل، خاصة مع استمرار البنوك في توزيع أرباح نقدية سخية. ويعتقد الخبراء أن أي تصحيح سعري يمثل فرصة لإعادة التمركز في قطاع حيوي يُعد العمود الفقري للاقتصاد السعودي.