السيناتور جراهام: ترامب يعتزم إبلاغ الكونجرس بتحرك عسكري مرتقب في أمريكا الجنوبية

أثارت تصريحات للسيناتور الجمهوري البارز ليندسي جراهام جدلاً واسعاً، بعد أن كشف عن نية الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب إطلاع الكونجرس على خطط تتعلق بعمليات عسكرية محتملة في أمريكا الجنوبية. وجاءت هذه التصريحات في سياق حملة أوسع نطاقاً أعلنتها الإدارة الأمريكية لمكافحة ما وصفته بـ "تهريب المخدرات الأجنبي"، مما أثار مخاوف بشأن نوايا الولايات المتحدة في المنطقة، خاصة تجاه فنزويلا.

خلفية التصريحات وسياقها السياسي

صدرت تصريحات السيناتور جراهام في فترة اتسمت بتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا. كانت إدارة ترامب تتبع سياسة "الضغوط القصوى" بهدف الإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وهي السياسة التي شملت فرض عقوبات اقتصادية قاسية، والاعتراف بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً انتقالياً للبلاد. وكان الرئيس ترامب قد لمح في مناسبات عدة إلى أن "الخيار العسكري" لا يزال مطروحاً على الطاولة للتعامل مع الأزمة الفنزويلية، مما جعل أي حديث عن تحركات عسكرية في المنطقة يكتسب أهمية خاصة.

جاءت هذه التصريحات لتتزامن مع إعلان البنتاغون عن إطلاق عملية معززة لمكافحة المخدرات في منطقة البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ. وقد تم تفسير تصريحات جراهام على أنها ربط مباشر بين هذه العملية العسكرية المعلنة، والتي ركزت على اعتراض شحنات المخدرات، وبين إمكانية استخدامها كغطاء لتنفيذ عمليات أكثر تدخلاً في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وعلى رأسها فنزويلا.

تفاصيل العملية المحتملة ومكافحة المخدرات

أوضح المسؤولون في الإدارة الأمريكية أن الهدف الرئيسي من التحركات العسكرية هو تعطيل أنشطة الكارتيلات والمنظمات الإجرامية العابرة للحدود، التي تستغل الاضطرابات السياسية في دول مثل فنزويلا لتوسيع عملياتها. وشملت العملية نشر سفن حربية إضافية وطائرات استطلاع متطورة لمراقبة طرق التهريب البحرية والجوية. ومع ذلك، رأى العديد من المحللين أن توقيت العملية وحجمها يشيران إلى وجود أهداف استراتيجية أوسع.

كانت الحجة الرسمية هي حماية الأمن القومي الأمريكي من تدفق المخدرات، لكن المنتقدين أشاروا إلى أن الإدارة تستخدم قضية مكافحة المخدرات كذريعة لتبرير وجود عسكري مكثف بالقرب من فنزويلا، مما يمهد الطريق لتدخل محتمل لدعم المعارضة أو لإجبار مادورو على التنحي.

ردود الفعل الداخلية والدولية

أحدثت الأنباء عن تحرك عسكري محتمل انقساماً وردود فعل متباينة على الصعيدين المحلي والدولي.

داخل الولايات المتحدة: أعرب أعضاء ديمقراطيون في الكونجرس عن قلقهم البالغ، محذرين من انخراط الولايات المتحدة في نزاع عسكري جديد دون تفويض واضح من الكونجرس، بموجب "قانون سلطات الحرب". واعتبروا أن أي عمل عسكري أحادي الجانب من قبل الرئيس يمثل تجاوزاً خطيراً لسلطاته الدستورية. في المقابل، أيد بعض الجمهوريين، وعلى رأسهم جراهام، اتخاذ موقف حازم، معتبرين أن التهديدات القادمة من المنطقة تتطلب رداً قوياً.
في أمريكا اللاتينية: قوبلت فكرة التدخل العسكري برفض شبه إجماعي من دول المنطقة، بما في ذلك الحكومات التي تعارض نظام مادورو. وأكدت دول مجموعة "ليما" مراراً على ضرورة إيجاد حل سلمي ودبلوماسي للأزمة الفنزويلية، محذرة من أن أي تدخل عسكري قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني وزعزعة استقرار المنطقة بأكملها.
الحكومة الفنزويلية: نددت حكومة نيكولاس مادورو بشدة بالتصريحات، واعتبرتها دليلاً على وجود "مؤامرة إمبريالية" تهدف إلى السيطرة على موارد فنزويلا النفطية. واستخدمت هذه التهديدات لحشد الدعم الداخلي وتصوير المعارضة على أنها أداة في يد قوى أجنبية.

الأهمية والتداعيات

تكمن أهمية هذه التطورات في أنها كشفت عن مدى جدية التفكير في استخدام القوة العسكرية كأداة للسياسة الخارجية الأمريكية في نصف الكرة الغربي، وهو أمر كان يُعتقد أنه أصبح من الماضي. كما أعادت إلى الواجهة النقاش الدستوري في الولايات المتحدة حول صلاحيات الرئيس في شن عمليات عسكرية دون موافقة الكونجرس. ورغم أن التدخل العسكري الشامل لم يحدث في نهاية المطاف، إلا أن تلك الفترة شهدت زيادة ملحوظة في الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، مما أبقى على حالة التوتر قائمة وأثر على الديناميكيات الجيوسياسية في أمريكا الجنوبية لسنوات تالية.